المرأة الإيرانية وثورتها الملحمية في يومها الأربعين
تتواصل الثورة الإيرانية الملحمية في يومها الأربعين ويتواصل صمود واستبسال المرأة الإيرانية الأسطوري بما لم يكن يتوقعه نظام الملالي؛ إذ ظن الملالي وحلفائهم إنها فورة شعبية تفور لمدة أسبوع وتخمدها ماكينة القمع الدموية وتتغاضى عنه ماكينة الغرب الإعلامية بما يمكن محترفي سياسة المهادنة والإسترضاء من مواصلة نهجهم المشين كعادتهم، وخاب ظنهم وخاب اليوم من استعلى فتلك هي أربعون يوما متواصلة على التوالي بثورة نوعية طلائعها النساء ووقودها دم الشهداء وغايتها إسقاط النظام وإزالة آثارها، ويبدو أننا نجهل الكثير عن هذه الثورة وأدبياتها وهذا ما يُخجِلنا في دواخلنا ولكن عذرنا في إنقطاع السُبل بسبب قطع النظام للإنترنت ووسائل الإتصال والتواصل إضافة إلى ذلك قيام النظام بملاحقة المصورين والصحفيين وكافة من يقومون بالتصوير والتوثيق وتكسير أجهزتهم ومصادرتها واعتقال الكثيرين منهم، وما يصلنا من أخبار أقل من واقع الحال بكثير.
المرأة الإيرانية والثورة
خيبت المرأة الإيرانية ظن من لا يريدون لهذا الشعب وشعوب المنطقة الأمان والإستقرار وهم أنفسهم الذين ساهموا في إحباط الإنتفاضات السابقة وقمعها بشكل مباشر أو غير مباشر، ففي هذه المرة تقدمت المرأة طلائع الثوار وبثت فيهم الحماس وألهبت المشاعر مما دفعهم يتسابقون على مواجهة النظام وكسر كبريائه وقد تجلى ذلك في اندحار بعد قوى النظام القمعية وإحلال قوى القمع النخبوية محلها.
أي قيم هذه التي تجلت في هذه الثورة إذ ينهض الإنسان في قلب وعقل المواطن الإيراني متناسيا عرقه ودينه ومنطقته يتضامن مع أخيه المواطن المتضرر سواء في كردستنان إيران أو سيستان وبلوشستان إيران أو في الأهواز أو طهران أو مشهد لقد نهضت المروءة الإنسانية والدوافع الوطنية في دواخلهم وأطفأت صغائر الأمور وحولت إنتفاضات الشعب التي كانت لأجل المعيشة في جانب أو لأجل السجناء والقمع في جانب آخر لتنتقل إلى مرحلة لم تكن في الحسبان أبدا مرحلة الثورة الوطنية الملتهبة التي قدمت شعار إسقاط النظام وحفظ الكرامة على كل الشعارات.
أي قيم هذه التي أججتها المرأة الإيرانية في محرك الثورة الإيرانية الذي لن ينطفىء إلا بإسقاط النظام، وها هن فتيات المدارس الصغار وقد أبت نفوسهن السكوت والتفرج على يحدث من ظلم وبغي في إيران فانتفضت مقتديات بنساء الثورة الإيرانية اللواتي يتقدمن ويتهاوين واحدة تلو الأخرى على شهيدات مكرمات على مذبح الكرامة والعزة والحرية ولم تتمكن آلة النظام القمعية الدموية البائسة من السيطرة على أطفال المدارس من الفتيات في كافة محافظات إيران الـ 31 وقد قتل جلاوزة النظام المجرمين العديد منهن، والملفت للنظر أن أكثر حالات قتل النساء على يد النظام كانت بضربات هراوات على رؤسهن وهذا ما يثبت أن ذلك يتم وفق تدريب وتوجيه.
مصائب قوم عند قوم فوائد
لكن المثير للعجب فيمن يدعون أنهم دعموا الثورة الإيرانية بنوع من الإنترنت لا يمكن للنظام الإيراني السيطرة عليه يقومون بذلك بشكل تجاري من خلال تجار الأزمات والحروب؛ إذ لابد لمن يريد الوصول لهكذا نوع من الإنترنت أن يحصل على جهاز قيمته 2000 دولار يتم تهريبه من شمال العراق ومن أين لشعب يتضور جوعا وأهلكته عوامل البطالة والفقر والغلاء والتضخم أن يأتي بألفي دولار حتى وإن كان من متوسطي الحال فهكذا مبلغ بات اليوم له رقما فلكيا لا يقدر عليه إلا المنتفعين من النظام أو من هم من بِطانة النظام نفسه لكن المثير للفخر والإعتزاز أيضا في هذه الثورة نوعين من الثوار الأول ما يمكن أن نسميه عباقرة التقنية الذين يوثقون الأحداث ثم يتحينون الفرص يوما بيوم لإختراق أجهزة النظام ومؤسساته التقنية لإستخدامها في رفع أحداث الثورة يوما بيوم وعلى مراحل متقطعة من اليوم، والنوع الثاني هم أبطال صناديد ينتقلون إلى دول الجوار بطريقتهم الخاصة لرفع ملفاتهم عبر خدمات إنترنت هذه الدول ويعودون للأراضي الإيرانية في اليوم نفسه والله الغني عن الغرب ومساعداتهم ومواقفهم الإستعراضية التي تشبه مسرحية صلاة جمعة خامنئي أو سائرة مقتفية آثارها وتتربح في الوقت ذاته من أزمة وكارثة الشعب الإيراني.
وتنقضي أربعون يوما من مسيرة ثورة المرأة الإيرانية المظفرة ولا زال دعاة الشعارات الفضفاضة في الغرب ينكرون على الشعب الإيراني حقه في الدفاع عن نفسه بما أمكنه من السبل أمام ما يتعرض له من إبادة، ولا زال القمع مستمرا، ولا زال ظهور الغرب بوجهين، ولا زالت الثورة مستمرة.
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي