مؤتمر الـ يوم للمرحلة الجارية من عمر الإنتفاضة الوطنية الإيرانية
رسالة مئة يوم المنقضية من المرحلة الراهنة للإنتفاضة الوطنية الإيرانية (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين)
من يقرأ تاريخ الدولة الإيرانية المعاصرة يجد أن المجتمع الإيراني مجتمعا ثوريا يعلي قيم الحق والنهضة والعدل والشجاعة، وقد شهد في تاريخه المعاصر ثورتين عظيميتين، أولاهما كانت الثورة الدستورية المعروفة بـ (المشروطة) وهي التي أوجدت الدولة الإيرانية المعاصرة كدولة ذات دستور ينظم ويدير مؤسسات الدولة ويحدد حقوق الفرد وواجباته فيها ولقد كان للملالي بعد المشروطة حظوة كبيرة في السلطة لدى أرباب المُلك وهو ما يبعدهم عن حدود الخالق صاحب الملكوت، وكانت الثانية هي ثورة سنة 1979 التي قامت ضد الدكتاتورية والطغيان وبتعبير آخر هي ثورة على من خرج عن جوهر قيم ومبادىء الثورة الدستورية، وتستمر ثورة عام 1979 اليوم لتأديب من سرقوها والخارجين عنها وعن حدود الله، فبينما كانت القوى الوطنية تعمل على تنظيم صفوفها من أجل بناء إيران جديدة على نحو وطني ديمقراطي لا يقصي ولا يستثني أحدا بعد قيام الثورة؛ كان الملالي أصحاب فكر المكاسب والمنافع على الجانب الآخر يخططون لإبتلاع الثورة بكل ما لديهم من قوة ويتلاقفون حصاد ثورة الشعب كتلاقف الضباع الجياع لفريستهم، وقد وقع الشعب وثورته فريسة لتلك الضباع المتلونة واستمرت مسيرتهم مهلكين الحرث والنسل وحق عليهم القول (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين).
في حالة شعب ثوري ولود مليء بالنجباء والثوار كثروة بشرية نوعية لا تنضب ولا تنتهي أصيلة اصالة الحق كالشعب الإيراني لا يمكن التسليم لمحتل أو مغتصب سواء كان أجنبيا أو مدعيا من أبناء إيران والتاريخ شاهد على ذلك، وبناءا عليه لا يمكن أن يؤول مصير الشعب الإيراني إلى أيدي الملالي وينتهي الأمر على ذلك؛ ومنذ أن سلب الملالي ثورة العشب بالسلاح والدم والخداع وبركان الرفض يغلي في أوصال الشعب وهو نفس الرفض الذي كان للمستعمر والشاه، وفي قلب بركان الرفض هذا كانت المقاومة الإيرانية التي قالت لا.. لا ثورة ولا إسلام للملالي بمعنى أوضح (ليس الملالي وأمثالهم من يجسد حقيقة الثورة ويؤتمن عليها وهم أخر من يمكنه تجسيد حقيقة الإسلام ويؤتمن عليه ذلك لأن القيمتين المقدستين الإسلام والثورة أكبر من وعي الملالي وتكوينهم ونمطيتهم، وهذا ما أشار إليه السيد مسعود رجوي صراحة في قلب طهران)، نعم قالتها المقاومة الإيرانية منذ الوهلة الأولى وبفضل دورها الثوري لم يهنىء الملالي بسرقتهم للثورة إلى يومنا هذا، وبات الصراع بين الملالي والمقاومة صراع سارق مدعٍ سالب للحقوق لا شرعية مع المقاومة التي لا تقول ولا تدعي سوى بالحقيقة والحق العام وثورة ومصير الشعب والوطن الذي لم يدفعوا من أجل استقامته وازدهاره التضحيات الجسام ليؤول مآله إلى قوى دكتاتورية رجعية مدعومة من الغرب تعيد وتديم مسير الظلم والبغي الذي ثاروا عليه من قبل لتدوم امتيازاتهم وتتعزز مصالح حلفائهم متنعمين بخيرات إيران ويبقى الشعب المنكوب للمهالك والجحيم وبؤس الحياة.
قراءة في رسالة مؤتمر المئة يوم
عقدت مجموعة من النخبة الثورية العربية من أهل الخبرة والإطلاع مؤتمرا يوم السبت 24 ديسمبر 2022 وشارك في المؤتمر شخصيتين من المقاومة الإيرانية لتداول ما جرى ويجري طيلة المئة يوم المنصرمة من مسيرة الثورة الوطنية الإيرانية، وبعد تحليل مشاركات جميع المشاركين نخلص إلى قول أن ما حدث في إيران من ظلم وبغي كان طغيان جبابرة علوا في الأرض كطغيان فرعون وهامان وجنودهما، ومن رحمة الله لعباده المستضعفين أن خلق الحق ظهيرا ناصرا لهم بعد إتباع، وتوضح رسالة المؤتمر أن الشعب الإيراني قد حظي بعملية تنوير كبيرة طيلة مسيرة طغيان فرعون طهران وهامان وجنودهما قبل وبعد ثورة عام 1979 وقد قامت الثورة استنادا على هذا التنوير خاصة وأن الكثير من السجناء السياسيين في حقبة الشاه البغيضة يناضلون في الخطوط المتقدمة للمقاومة الإيرانية، أما مرحلة ما بعد سرقة الثورة فكانت المواجهة بالفكر والقلم والبندقية، وكذلك على كافة الأصعدة السياسية والدبلوماسية التي كان من ثمارها القضاء على الكثير من مؤامرات الملالي وتحالفاتهم مع تيار الإسترضاء والمهادنة، وبالتالي فإنه لابد من عصى موسى في عملية المواجهة ضد نظام فراعنة الملالي وكانت عصى المقاومة الإيرانية خيار وقدرا مصيريا جميلا موفقا تجلت آثاره في وعي وثورية وحجم تضحيات المجتمع الإيراني خلال انتفاضته الجارية، بالإضافة إلى وحدة توجهاتهم التي أدت عليها شعاراتهم وقيمهم الأخلاقية الثورية التي لا تعرف شرقا ولا غربا ولا شمالا ولا جنوبا ولا عرقا ولا دينا ولا رؤية ضيقة ضحلة، ولقد بينت رسالة هذا المؤتمر أن الصورة المجملة للثورة الوطنية الإيرانية تحي قصة شعب طفح به الكيل فخرج ولن يعود إلا منتصرا ومطهرا وطنه وبيئته وفضائها واضعا لائحة حقوقه الدستورية المدنية من خلال تلك القيم المشار إليها حيث قدم الشعب في ثورته حق العيش الحر الكريم للإنسان المواطن دون النظر إلى تفاصيله التي لم تعد تعنيه ويعنيه فقط ما ينتج عن ذلك من وئام وسلام ومحبة وازدهار، إنها ثورة وضعت قيمها الدستورية قبل إسقاط فرعون وهامان وجنودهما.
من ضمن قراءات المؤتمر للإنتفاضة الوطنية الإيرانية إدراك الملالي أن المقاومة الإيرانية تلاحقهم حتى في منامهم وأن ثورة الشعب اليوم هي ثورة شعب مرتبطٌ على نحو وثيق جدا بمقاومته من خلال عشرات الآلاف من وحدات المقاومة وأن ساعتهم قد إقتربت خاصة بعد تحطم جدران الخوف والرعب التي غرسوها خلال الـ 43 سنة الماضية وأصبحت المواجهة بين قوى الشعب الأعزل وقوات الملالي الإجرامية المدججة بالسلاح وجها لوجه.
استعرض المؤتمر الموقف العربي من الثورة الإيرانية الجارية على أنه أقرب وأصدق المواقف مع الشعب الإيراني وأن الشعوب العربية وقواها الفكرية والمدنية ونخبها مع تطلعات الشعب الإيراني مؤمنة بثورته كخلاص له ولشعوب ودول المنطقة من فراعنة طهران وجنودهم داخل وخارج إيران، ومع ذلك فإن الكثير من النخب العربية تأمل في موقف دعم وإسناد أكبر وأقوى للتعجيل بنجاح الثورة بدلا من الخوض في خيارات السلاح والدخول في مخاض مخاطر نووية محتملة بعد إمتلاك الملالي لقدرات تسليحية ونووية.
وختاما .. بعد انكسار قوى النخبة المسلحة الإجرامية لدى فرعون طهران لم يعد أمامهم سوى إنتظار الإندحار والإندثار والموت في كل لحظة مقبلة وأغلبهم خاصة الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء العزل يرون جرائمهم أمام أعينهم ويرون الموت والقصاص رؤى العين يدنو منهم دنواً معجلاً غير مؤجل(إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين).
كاتب : الدكتور اسماعيل المشاقبه