خامنئي يشعل الحروب ويتاجر بخسّة بدماء الفلسطينيين للحفاظ على نظام ولاية الفقيه
ما فتئت شعوب العالم تشهد كل يوم منذ شهرين؛ عمليات القتل الوحشية والشنيعة التي يتعرض لها الأطفال والنساء والشعب الفلسطيني. لقد رأى الشعب العربي وأحس بالمواقف المتناقضة لنظام ولاية الفقيه الشيطاني، لكن قد يصعُب على الكثيرين أن يدركوا أن النظام الذي ملأ الدنيا صراخاً منذ 45 عاماً بشعاراته دعماً لفلسطين وفتح القدس؛ يبذل قصارى جهده الآن لتجنب أي ضرر من هذه الحرب، ولكي يدفع شعب غزة المظلوم وحده ثمن هذه الحرب.
بيد أن الشعب الإيراني رأى أن خامنئي ومسؤولي نظامه سعداء بهذه الحرب. وبالطبع يصعب على الإخوة والأخوات العرب تصديق ذلك.
لماذا يسعى خامنئي إلى إشعال الحروب، وما الفائدة التي تعود عليه من ذلك؟ ينبغي البحث عن السبب في المشهد الداخلي الإيراني وفي الحقائق التالية:
السبب الأول: كانت الانتفاضة البطولية للشعب الإيراني عام 2022 ستؤدي إلى إسقاط نظام الملالي، لكن لأسباب خارجة لا داعي لذكرها في هذا المقال؛ تمكَّن نظام الملالي من قمعها مؤقتاً. وتحولت هذه الانتفاضة الآن إلى نار تحت الرماد، وقد تنطلق انتفاضة أخرى في أي لحظة. وبما أن سياسة نظام الملالي خلال الـ 45 عاماً الماضية كانت تقوم على القمع والتعذيب في الداخل، وإشعال الحروب وتصدير الإرهاب في المنطقة، فقد لجأ هذا النظام الفاشي هذه المرة إلى إشعال الحروب في المنطقة، مثلما أشعل الحرب الإيرانية – العراقية لمدة 8 سنوات؛ لعله يتمكن من إنقاذ نفسه من ثورة الشعب الإيراني. نعم، هذا هو السبب الرئيسي الذي يدفع خامنئي إلى إشعال الحروب في المنطقة، ويعتبر نفسه الفائز في الميدان حتى الآن. ويبدو أن سفك دماء نحو 20,000 فلسطيني وتدمير فلسطين قد حقق له النصر. ويعتبر خامنئي أن إيران هي أم القرى للعالم الإسلامي (أي المركز الروحي والثقافي للعالم الإسلامي)، وأن هذه الحرب هي حرب إيران تجري رحاها على بعد 2000 كيلومتر منها:
قال أحد قادة قوات حرس نظام الملالي، ويدعى أصانلو: “يقاتل الجنود اليوم في خنادقنا الدفاعية على بعد 2000 كيلومتر. وأكتسب محاربو العالم الإسلامي في اليمن نفس ثقافة خرمشهر، والآن يقاتل جميع المحاربين الأفغان والباكستانيين والعراقيين والسوريين في لبنان وسوريا وفلسطين”. (تلفزيون نظام الملالي – 24 نوفمبر 2023).
وقد أشارت إلى هذا الأمر إحدى صحف نظام الملالي، والتي تحمل اسم “همشهري”، الناطقة بلسان الزمرة المغلوبة على أمرها، في عددها الصادر بتاريخ 28 أكتوبر. وخاطبت هذه الصحيفة قيادات نظام الملالي التي ترفع شعار دعم فلسطين، وكتبت: ” لقد تسببت الحرب في غزة في تسليط الضوء على أحد التناقضات الرئيسية لدى التيار المهيمن على السلطة، وهو زيف مواقفهم الخارجية. والحقيقة هي أن مواقفهم الخارجية المتشددة والمتطرفة ما هي إلا ذريعة لإقصاء خصومهم في الداخل. إن التيار الذي كان شعاره شن الحرب على إسرائيل يدوي في كل مكان؛ قد تقلص ترويجه للحرب الآن ليصبح مجرد عرض للتسجيل في الإنترنت والإعداد عبر الإنترنت لتحرير القدس، وما إلى ذلك، و قد وجدوا أنفسهم في موقف متناقض؛ نظراً لأن هذا المستوى من السلوك لا يتناسب مع تلك الشعارات…إلخ. والحقيقة هي أن قضيتهم ليست فلسطين ولا إسرائيل. إذ إن شغلهم الشاغل هو تعزيز سلطتهم الداخلية”.
لكن السبب الثاني هو إنشقاق الكثير من قوات الباسيج القمعية وقوات حرس نظام الملالي؛ في أعقاب انتفاضة الشعب الإيراني عام 2022. وأطلق خامنئي حملة دعائية واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد في محاولة يائسة لرفع معنويات هذه القوات المنهارة والمحافظة عليها، ويدَّعي أن قوات ما يسمى بمحور المقاومة، من قبيل حزب الله اللبناني، والحشد الشعبي، والحوثيين، وغيرهم من القوات يحققون تقدماً، وسوف يسيطرون على المنطقة بأكملها تحت قيادة علي خامنئي، وسيسيطر نظام الملالي على المنطقة برمتها.
وفي سياق متصل، قال زيدآبادي، أحد محللي الزمرة المغلوبة على أمرها في نظام الملالي، في موقع “ديدار”، في 5 سبتمبر، مشيرًا إلى اللعبة الدعائية السخيفة التي قام بها الولي الفقيه لإرسال قوات الباسيج إلى غزة:
“إن هؤلاء الأشخاص الذين يرفعون شعار “أرسلونا إلى غزة”؛ يشبعون نزواتهم، ويستعرضون أنفسهم لأنهم يعلمون أنه ليست هناك حاجة لإرسالهم إلى غزة”.
يمكننا فهم سبب المواقف المتناقضة لهذا النظام الشرير من خلال فهم هذين الأمرين. فهو نظام شغله الشاغل هو الحفاظ على نفسه ليس إلا. إذ كان خميني قد قال إن الحفاظ على نظام الملالي هو من أهم وأعظم الواجبات على المسلمين، وكل شيء مباح من أجل تحقيق ذلك.
لقد رفع نظام الملالي شعار الدفاع عن فلسطين منذ عهد خميني الملعون وحتى الآن، ولكن في الواقع، ارتكب في حق الفلسطينيين أبشع أشكال الخيانة، حيث بادر هذا النظام الفاشي منذ عهد الراحل ياسر عرفات بشق صفوف الفلسطينيين، وخان منظمة التحرير الفلسطينية، كما قام بتسليح الجماعات المتحيزة له وتدريبهم وتقديم الدعم الكامل لهم وتحريضهم مستخدماً الشعارات المتطرفة. والآن بعد أن اندلاع الحرب يقف بعيداً ويعتبر نفسه المنتصر، فهو المستفيد من الحرب حتى لو لم يشارك فيها، ويعيش على دماء أطفال فلسطين. ومن ناحية أخرى، نفى نظام الملالي أكثر من مرة أي نوع من التدخل، بدءًا من خامنئي نفسه وصولاً إلى ممثل نظام الملالي في الأمم المتحدة، سعيد إيرواني، ووزير خارجيته، وهو صبي قاسم سليماني.
والجدير بالذكر أن نظام الملالي أنشأ جيشاً يُطلق عليه فيلق القدس، لكن هذا الجيش وقائده المتعطش للدماء، قاسم سليماني يسفكون دماء السوريين والعراقيين. ومنذ عهد خميني الملعون يرفع نظام الملالي شعار فتح القدس، بيد أنه اعتبر أن ذلك سيتم عبر كربلاء. وكان يرفع شعار احتلال إسرائيل، بيد أنه يهيمن الآن على عواصم 4 دول عربية.
ولكن ما هو الحل؟ يكمن الحل في فهم القضية الجوهرية، وهي أن رأس أخطبوط إشعال الحروب وارتكاب المجازر في المنطقة يقطن في طهران في جلباب نظام ولاية الفقيه. ويجب علينا سحق رأس هذا التنين، من خلال دعم المقاومة الإيرانية والشعب الإيراني. وبهذه الطريقة فقط تتم الإطاحة بالعقبة الرئيسية (نظام الملالي) في طريق تحقيق السلام والاستقرار والتعايش السلمي في المنطقة. ولن يتم حل أي مشكلة قبل أن يتم حل هذه القضية. وانتهاج أي نوع من سياسة الاسترضاء مع هذا النظام الفاشي يعتبر بمثابة تغذية الأفعى التي سوف تقطع رأس المُطعِم عاجلاً أو آجلاً وتبتلعه.
الكاتب: علي نريماني