احتجاجات اليوم في إيران: موجة جديدة من الغضب الشعبي تهدد استقرار النظام
تشهد إيران تصاعدًا ملحوظًا في الاحتجاجات الشعبية التي تمتد عبر مختلف القطاعات والمناطق، مما يعكس استياءً عميقًا بين أطياف المجتمع. هذه الاحتجاجات ليست مجرد تعبير عن مشاكل اقتصادية، بل هي مؤشر على أزمة شاملة تشمل جميع جوانب الحياة في البلاد.
وفي طهران، تجمّع مئات المتقاعدين من قطاعي التعليم والاتصالات للاحتجاج على تأخر صرف مكافآتهم التقاعدية وعدم تلبية مطالبهم الأساسية. رفع متقاعدو وزارة التعليم شعارات مثل “مع كل هذه الموارد، حالة إيران سيئة”، في إشارة إلى فساد الحكومة وسوء إدارة الموارد الوطنية. هذه الفئة طالبت بصرف 60% من مكافآت التقاعد المتأخرة منذ أكثر من ستة عشر شهرًا، مما يعكس أزمة حادة في إدارة الأموال العامة.
وفي قطاع الاتصالات، عبّر المتقاعدون عن استيائهم من هیئت التنفيذ أمرخميني الملعون والمؤسسة التعاونية للبسيج، وهتفوا بشعارات مثل “التوحد ضد القهر والفساد”. هذه الاحتجاجات تشير إلى أن الغضب الشعبي لم يعد مقتصرًا على الفئات العاملة، بل امتد ليشمل الفئات التي قضت حياتها في خدمة الدولة.
لم تقتصر الاحتجاجات على المتقاعدين؛ فقد شهدت قطاعات أخرى موجات غضب، أبرزها:
- قطاع الصلب والمعدن: عمال في مدن مثل طهران وأصفهان ودامغان خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بتحسين ظروف العمل والرواتب.
- إضرابات التجار: في سوق طهران، أغلقت المتاجر أبوابها احتجاجًا على ارتفاع الأسعار والتضخم المتزايد. رفع التجار شعارات مثل “أيها التاجر الغيور، المطلوب دعمك” في دعوة للتكاتف ضد السياسات الاقتصادية للنظام.
وساهم التدهور الاقتصادي في تأجيج الاحتجاجات، حيث بلغ سعر الدولار 81 ألف تومان، مما أدى إلى موجة من الغلاء الفاحش وإغلاق العديد من المحال التجارية. يشير هذا الارتفاع إلى فشل الحكومة في السيطرة على السوق، مما يعمّق من أزمة المعيشة ويزيد من مشاعر الإحباط بين المواطنين.
لم تقتصر الاحتجاجات على العاصمة طهران، بل امتدت إلى مدن أخرى مثل كرمانشاه والأهواز وشوش، حيث خرج المواطنون للتعبير عن غضبهم. المطالب الرئيسية لهذه الاحتجاجات تتراوح بين تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى الدعوة لتغيير النظام.
الاحتجاجات الحالية تعكس أزمة متعددة الجوانب تشمل:
ـ المشاكل الاقتصادية: التضخم وارتفاع الأسعار أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطنين.
ـ فقدان الثقة بالنظام: تتزايد المطالب بالمحاسبة والشفافية، وهو ما يعكس انعدام ثقة الشعب بمؤسسات الدولة.
مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات وانتشارها في مختلف المناطق، تزداد المخاوف من تحولها إلى انتفاضة شاملة ضد النظام الحاكم. شعارات مثل “اتحدوا أيها الشاغل وأيها المتقاعد” و”نقاتل ولا نقبل الذل” تشير إلى تصاعد روح التحدي لدى المتظاهرين، مما ينذر بأن البلاد قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من الغليان الشعبي.
تمثل احتجاجات اليوم في إيران صورة من صور المطالبة بالتغيير الجذري في البلاد. مع استمرار الغضب الشعبي وانتشاره، يبقى التساؤل المطروح: هل ستستجيب السلطات لمطالب الشعب، أم أن الاحتجاجات ستتطور إلى مواجهة شاملة تهدد استقرار النظام؟ الأيام القادمة تحمل الإجابة.