الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

الأزمة الصامتة: عمالة الأطفال في إيران

الأزمة الصامتة: عمالة الأطفال في إيران

الأزمة الصامتة: عمالة الأطفال في إيران

تعد عمالة الأطفال واحدة من أبرز القضايا الاجتماعية التي تؤرق المجتمع الإيراني، حيث تشير التقديرات إلى وجود ما بين 1.6 إلى 2 مليون طفل عامل في أنحاء البلاد. هذا الرقم، الذي كشف عنه محمد مهدي سيد ناصري، الباحث في حقوق الأطفال الدولية والمحاضر الجامعي، يعكس حجم هذه المشكلة الخطيرة.

في العاصمة طهران وحدها، يوجد حوالي 70,000 طفل عامل، كما أن الأرقام مرتفعة بشكل مقلق في مدن مثل مشهد وشيراز، التي تعاني من تأثيرات الهجرة، بالإضافة إلى المحافظات الحدودية التي تعاني من الفقر الاقتصادي والهجرة الداخلية.

ورغم غياب الإحصاءات الرسمية حول عدد الفتيات العاملات، تكشف التحقيقات الميدانية عن اتجاه مثير للقلق، حيث يزداد عدد الفتيات العاملات، خاصة في الوظائف غير الرسمية وأعمال الشوارع. تواجه الفتيات مخاطر جسدية ونفسية أكبر مقارنة بالأولاد، ما يبرز الحاجة إلى تدخلات مستهدفة لمعالجة هذه الفجوة.

وفي طهران، يشكل الأطفال المهاجرون 70% من العمالة الطفولية، مع نسبة كبيرة منهم من أفغانستان. وينعكس هذا النمط في المدن الكبرى الأخرى. وتظهر التقديرات أن حوالي 40% من هؤلاء الأطفال يضطرون لترك التعليم من أجل إعالة أسرهم، مما يعزز حلقة الفقر والهشاشة ويفقدهم فرص تحسين مستقبلهم.

وتترك عمالة الأطفال آثارًا نفسية قاسية، حيث يكون الأطفال العاملون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات المزاج. كما يعانون من تدني الثقة بالنفس وشعور متزايد بعدم الأمان مقارنة بأقرانهم.

دراسة أُجريت عام 2021 ونُشرت في مجلة العدالة الجنائية والسياسة الجنائية في إيران، كشفت أن الأطفال العاملين معرضون بمعدل 2.5 ضعفًا للانخراط في السلوكيات الإجرامية كبالغين مقارنة بأقرانهم غير العاملين. وأرجعت الدراسة هذا الأمر إلى الفقر، نقص المهارات الوظيفية، والتعرض للعنف خلال الطفولة. هذه العوامل تدفعهم أحيانًا إلى الانخراط في أنشطة غير قانونية مثل السرقة أو التهريب، لا سيما في ظل غياب الدعم الاجتماعي وبرامج إعادة التأهيل.

تُكلف منظمة الرعاية الاجتماعية في إيران رسميًا بمواجهة ظاهرة عمالة الأطفال، لكنها تعاني من نقص التمويل وكفاءة الهيكل المؤسسي. وأشار سيد ناصري إلى أن “حتى لو تم زيادة ميزانية المنظمة مئة ضعف، فلن تكون كافية”. وأضاف أن وجود ثلاث مؤسسات حكومية مسؤولة عن معالجة المشكلة لم يفلح في حلها بسبب ضعف الأنظمة والسياسات.

ورغم جهود منظمات المجتمع المدني لسد الثغرات، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت اعتقال العديد من ناشطي حقوق الأطفال وتوجيه تهم ثقيلة ضدهم، مما أدى إلى تراجع الجهود المبذولة. ولا يزال عدد من الناشطين البارزين خلف القضبان أو يواجهون معارك قانونية، في انعكاس للبيئة القمعية التي تعيق العمل الحقوقي في إيران.

تجبر الظروف الاقتصادية العديد من الأسر على الاعتماد على دخل أطفالها للبقاء على قيد الحياة. وأقر نائب رئيس خدمات الطوارئ الاجتماعية في منظمة الرعاية الاجتماعية بأن “بعض العائلات لا تملك وسيلة عيش أخرى سوى عمالة أطفالها”.

وفي يونيو 2024، أفادت وكالة مهر للأنباء التابعة للنظام بأن ما لا يقل عن 3.2 مليون طفل في إيران خارج النظام التعليمي. كما قدرت أبحاث مركز دراسات البرلمان النظام عدد الأطفال العاملين ما بين 1.6 إلى 2.1 مليون طفل، إلى جانب 3.5 مليون طفل مهمش، وأكثر من 700,000 طفل مهاجر ولاجئ.