قيادة النساء الإيرانيات للنضال من أجل الحرية والمساواة: تحول جذري في طبيعة السلطة
نشر موقع لا تريبيون في 8 مارس 2025 مقالًا يتناول الدور المحوري الذي تلعبه النساء الإيرانيات في النضال من أجل الحرية والمساواة بين الجنسين، مؤكدًا على الطابع غير المسبوق لهذا الحراك وتأثيره العميق في إعادة تشكيل بنية المجتمع.
ويشير المقال إلى أن «قليلون هم الحركات في التاريخ المعاصر التي توازي في حجمها وتفانيها نضال النساء الإيرانيات من أجل الحرية والمساواة بين الجنسين». وعلى الرغم من الاعتراف القانوني بالمساواة بين الجنسين في العديد من الدول، إلا أن «هذه القضية لا تزال واحدة من أكبر التحديات في عصرنا». فبالرغم من التقدم المحرز، لا تزال النساء ممثَّلات تمثيلاً ناقصًا في مراكز السلطة.
وواجه النظام الإيراني هذا الحراك بقمع غير مسبوق، حيث يوضح المقال أن «خلال انتفاضة 2022، كانت الطالبات في طليعة المظاهرات، حيث شاركن في 204 جامعات». كما يضيف أن «من بين 1,776 مدرسة انضم طلابها إلى الحراك، كانت 1,186 منها مدارس للبنات»، ما يعكس مدى وعي النظام بخطورة الدور الذي تلعبه النساء في التغيير. «لكي يخمد النظام المجتمع، عليه أولاً كسر إرادة النساء».
وفرض النظام الإيراني قيودًا مشددة على ملابس النساء، محاولاً تجريدهن من أبسط حقوقهن الأساسية. وينتقد المقال تبرير النظام لهذه السياسات تحت غطاء الدين، مؤكدًا أن «فرض الحجاب والدين والقيود الأيديولوجية يتناقض مع الرحمة الإلهية».
ويؤكد المقال أن «أي نظام قائم على عدم المساواة بين الجنسين يؤدي إلى نتائج كارثية: شهوة غير محدودة للسلطة، استبداد، فساد، قمع، ونهب للموارد». ويشير إلى أن تحقيق التقدم الحقيقي يتطلب تفكيك الأيديولوجية التي تحط من قيمة المرأة. «لا يجب أن تكون المرأة خاضعة لأي شخص، ولا يجب أن تُعامل كملكية بأي شكل من الأشكال»، بل يجب الاعتراف بها كـ «فرد حر ومستقل، قادر على قيادة العالم نحو مستقبل أفضل».
إن النضال من أجل المساواة في إيران لا يتعلق فقط بتغيير موازين السلطة، بل يهدف إلى القضاء على الأيديولوجيات الذكورية المتجذرة. في هذا السياق، تنقل المقالة عن رئيسة جمهورية المقاومة الإيرانية، مريم رجوي، قولها: «تحقيق المساواة لا يقتصر على إعادة توزيع السلطة، بل يتطلب تغيير الأيديولوجية الذكورية التي تقوم عليها».
يطرح المقال مفهوم «هيمنة النساء» باعتباره «ثورة هادئة لكنها ضرورية» من شأنها إعادة تشكيل الهياكل المجتمعية. ويرفض فكرة أن هذا التغيير يحتاج لعقود، قائلاً: «كسر لعنة عدم المساواة المستمرة منذ قرون لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال قفزة نوعية»، ويضيف أن «هذه القفزة هي تحديدًا هيمنة النساء، والتي أصبحت حاجة ملحة في نضال الإيرانيين ضد دكتاتورية قائمة على كراهية النساء».
ويؤكد المقال أن «المشاركة الفعالة والمتساوية للنساء في قيادة الشؤون السياسية وغيرها من المجالات مسؤولية تاريخية». كما يشير إلى تجربة المقاومة الإيرانية التي أثبتت أنه «عندما يقبل الرجال بقيادة النساء، فإن العلاقات الاجتماعية تتطور نحو مزيد من التضامن والأخوة».
إلى جانب المطالبة بالمساواة، يقدم المقال رؤية أوسع لمفهوم السلطة، مؤكدًا أن «السلطة يجب ألا تكون ساحة للتنافس المدمر». ويرى أن «قيادة النساء لا تعني فقط وصولهن إلى مناصب قيادية، بل تهدف إلى إعادة تعريف مفهوم السلطة ذاته»، حيث ينبغي أن تكون «السلطة في خدمة الإنسان، وليس الإنسان عبداً للسلطة».
ويقدم المقال رؤية مقنعة حول أهمية القيادة النسائية في النضال الديمقراطي الإيراني، حيث يتوقع مستقبلاً يتم فيه تفكيك البنى الذكورية للسلطة لصالح نموذج أكثر عدلاً وإنسانية. ومع استمرار نضال النساء الإيرانيات، يصبح دورهن في صياغة مستقبل البلاد أكثر وضوحًا. وكما يختم المقال، «في عالم حر ومتحرر، فإن ازدهار الرجال والنساء ليس متعارضًا، بل هو تكامل ضروري ولا غنى عنه».