المقاومة الإيرانية المنظمة: مشروع واقعي لجمهورية ديمقراطية في إيران المستقبل
نشرت “وكالة أخبار العرب” مقالاً للحقوقي والباحث في الشأن الإيراني، الدكتور راهب صالح الخليفاوي، أكد فيه أن البديل الديمقراطي لنظام الملالي المنهار هو مشروع حقيقي وواقعي تقوده المقاومة الإيرانية والمجلس الوطني للمقاومة برئاسة السيدة مريم رجوي. ويوضح المقال أن رؤية المقاومة، المتمثلة في خطة من عشر نقاط، تشكل أساساً متيناً لإيران المستقبل التي يتطلع إليها الشعب الإيراني.
وفي خضم الانهيارات المتسارعة التي يشهدها نظام ولاية الفقيه، وتزامناً مع اتساع رقعة الغضب الشعبي والانشقاقات التي تضرب بنيته الداخلية، لم يعد الحديث عن بديل ديمقراطي مجرد حلم، بل أصبح مشروعاً حقيقياً وملموساً تقوده المقاومة الإيرانية المنظمة منذ عقود، وعلى رأسها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
إن المجلس الوطني للمقاومة، الذي تأسس عام 1981، ليس مجرد تجمع سياسي عابر، بل هو التجسيد الحي لإرادة شعبية عارمة تعكس عمق الرفض الشعبي لنظام قائم على القمع والكبت والإعدامات. ويضم المجلس في صفوفه شخصيات مستقلة ومثقفين وسياسيين ومنظمات تمثل مختلف أطياف المجتمع الإيراني، مما يمنحه قاعدة تمثيلية واسعة. وقد وضع هذا الائتلاف نصب عينيه هدفاً واضحاً ومحدداً: بناء إيران حرة، غير نووية، قائمة على مبدأ فصل الدين عن الدولة، وتحترم حقوق الإنسان والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل.
وفي طليعة هذا النضال، تبرز السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس، كرمز للثبات والرؤية السياسية الثاقبة. فقد قدمت للعالم خطة من عشر نقاط لمستقبل إيران، والتي لا تُعتبر مجرد شعارات، بل هي حجر الأساس لدستور جمهورية ديمقراطية قادمة. تتضمن هذه الرؤية ضمانات واضحة للديمقراطية، والتعددية السياسية، واستقلال القضاء، وحرية التعبير، وحقوق الأقليات، مع رفض قاطع لعقوبة الإعدام والتعذيب. ولم تقف السيدة رجوي عند حدود المعارضة النظرية، بل تحولت إلى صوت عالمي للمضطهدين في إيران، حيث كانت خطاباتها في البرلمانات الأوروبية والأمم المتحدة وفي الملتقيات الدولية بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم تكشف جرائم النظام وتقدم البديل الواقعي المدعوم من الداخل الإيراني ومن جالياته في الشتات.
وما يميز هذه المقاومة هو أنها ليست حركة معزولة في الخارج، بل هي حركة منظمة تمتد جذورها إلى عمق المجتمع الإيراني، حيث تنشط الخلايا الشبابية المنتفضة التي تنشر شعارات إسقاط النظام في شوارع طهران وأصفهان ومشهد وغيرها من المدن. ولعلّ أبرز دليل على جدّية هذا التهديد للنظام هو تصعيده غير المسبوق في وتيرة الإعدامات الجماعية ومحاولاته الإرهابية المتكررة لاستهداف تجمعات المعارضة في أوروبا، وهي أفعال لا تعبر عن القوة، بل عن الخوف من بديل منظم وذي مصداقية.
في نهاية المطاف، إن جمهورية إيران الديمقراطية القادمة بقيادة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ليست خيالاً سياسياً، بل مشروعاً تتلاقى حوله طموحات شعب يرزح منذ أربعة عقود تحت القهر، ويتطلع إلى غدٍ يُحكم فيه بصناديق الاقتراع وليس بفوهات البنادق، وبسلطة الدستور لا بأوامر المرشد. ومن هذا المنطلق، فإن دعم هذا المشروع الوطني التحرري، كما يؤكد الحقوقيون والباحثون، لا يُعد خياراً سياسياً فحسب، بل هو واجب أخلاقي وإنساني في وجه أحد أكثر الأنظمة قمعًا في العصر الحديث.


