“معركة السيادة اللبنانية: خلع سلاح حزب الله وتحدي النفوذ الإيراني“

تشكل قضية خلع سلاح حزب الله اللبناني محوراً حيوياً في السياسة اللبنانية والإقليمية، حيث تتلاقى فيها المصالح الدولية والمحلية، وتتصارع فيها الأجندات المتضاربة. في هذا السياق، يتصدر الصراع بين من يؤيد تفكيك وتسليح حزب الله، ومن يسعى إلى الحفاظ عليه كقوة فاعلة في لبنان والمنطقة، حيث يبرز دور النظام الإيراني في معارضة أي جهود تهدف إلى خفض نفوذ هذا الحزب المسلح.
في الآونة الأخيرة، عززت بعض القوى اللبنانية والدولية جهودها للمطالبة بخلع سلاح حزب الله، معتبرة أن وجوده المسلح يمثل تهديداً للاستقرار اللبناني ويقف عائقاً أمام بناء دولة المؤسسات والقانون. تأتي هذه المطالب في إطار دعم لبنان لاستعادة سيادته الكاملة ولمنع أي تدخلات خارجية قد توسع دائرة النزاعات الداخلية. لكن هذه المطالب واجهت مقاومة شرسة من قبل حزب الله وحلفائه السياسيين، الذين يعتبرون السلاح حماية للمقاومة ضد التهديدات الإسرائيلية وللحفاظ على توازن القوى في المنطقة.
في هذا الإطار، تلعب إيران دوراً محورياً في ممانعة خلع سلاح حزب الله، حيث يُنظر إلى الحزب كذراع إيراني إقليمي تستخدمه طهران لتوسيع نفوذها وحماية مصالحها الاستراتيجية. وقد أظهرت التصريحات الرسمية وخاصة من وزير الخارجية الإيراني عن تشديد الموقف ضد أي محاولة للنيل من حزب الله، مع التأكيد على أن السلاح هو حق مشروع لحماية لبنان والمقاومة. لا يتوقف الأمر عند التصريحات بل يشمل الدعم المالي والعسكري المستمر الذي تقدمه طهران، مضيفة بذلك عقبة كبرى أمام تحقيق أي اتفاق أو قرار دولي أو لبناني بخصوص نزع السلاح.
أحد المحطات المهمة التي تعزز هذا التوتر هي التحركات المحتملة للوفود الإيرانية الرفيعة المستوى، ومن بينها زيارة مرتقبة لرئيس مجلس الشورى السابق علي لاريجاني إلى لبنان، والتي يُرتقب منها أن تؤكد على دعم إيران الكامل لحزب الله، وأن تنقل رسائل واضحة لمن يحاولون الضغط على لبنان لإضعاف المقاومة. هذه الزيارة، إذا تمت، ستكون بمثابة إعلان قوي للتموضع الإيراني، كما ستثير مخاوف اللبنانيين والمؤسسات الدولية من زيادة التدخلات الإيرانية في الشؤون اللبنانية، وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تعزيز المطالب الشعبية والرسمية بإعادة النظر في وجود البعثة الدبلوماسية الإيرانية.
في هذا السياق، برزت مطالب جدية بضرورة طرد السفير الإيراني من لبنان وإغلاق السفارة الإيرانية، حيث يُتهم السفير ومؤسسة السفارة بكونها مركزاً لتنسيق ونشر الفوضى والتخريب والتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية. هذا التوجه يأتي بعد تراكم ملفات ومواقف تشير إلى أن السفارة تعمل كقاعدة للتجسس والتخطيط لعمليات تهدد أمن لبنان واستقراره. كما أن وجود هذه البعثة يعزز من نفوذ حزب الله ويمنحه مظلة دبلوماسية ومصدراً مباشراً للدعم اللوجستي.
يعد هذا الطلب من أكثر المطالب حساسية، لكنه يعكس تعبيراً عن الغضب الشعبي والسياسي تجاه التدخلات الإيرانية، ويعكس رغبة ملحة في استعادة السيادة الوطنية اللبنانية ووضع حد لتدخل أي قوة أجنبية في الشؤون الداخلية. دعم المجتمع الدولي لهذه المطالب، خاصة من قبل الدول الغربية والعربية، قد يضغط على الحكومة اللبنانية لاتخاذ خطوات جادة في هذا الاتجاه، مما يشكل تحدياً حقيقياً أمام طهران وحزب الله.
خلاصة القول، إن مسألة خلع سلاح حزب الله ليست فقط قضية لبنانية داخلية، بل هي معركة إقليمية استراتيجية تحركها إيران بالحفاظ على نفوذها كقوة عظمى في الشرق الأوسط. مواجهة هذا النفوذ يتطلب حزمة سياسية ودبلوماسية متماسكة من جانب لبنان والمجتمع الدولي، تشمل فرض شروط تحد من تدخلات إيران، وتؤدي إلى خروج السفارة الإيرانية من لبنان باعتبارها رمزاً للتدخل الأجنبي والفساد والتخريب. بهذا الشكل، يمكن أن يبدأ لبنان مرحلة جديدة تستعيد فيها الدولة هيبتها وسيادتها الوطنية بطريقة تضمن الأمن والاستقرار للجميع.


