لماذا تخشى طهران قبور شهداء مجاهدي خلق؟
في حرب معلنة ضد الذاكرة والعدالة، يواصل النظام الإيراني حملته الممنهجة والوحشية لتدمير قبور ضحاياه السياسيين. هذا ليس تخريبًا عشوائيًا، بل استراتيجية تقرها الدولة لمحو التاريخ وإخفاء جرائمها. ومن خلال تجريف أماكن الدفن هذه، لا يكشف النظام في طهران عن قوته، بل عن خوفه العميق والراسخ من معارضته الرئيسية، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، والإرث الخالد لشهدائها.
جريمة موصوفة بموجب القانون الدولي
هذا الفعل لا يمثل انتهاكًا أخلاقيًا فحسب، بل هو جريمة موصوفة بموجب القانون الدولي، وهو ما أكدته منظمات حقوق الإنسان بشكل قاطع. فقد وصفت منظمة العفو الدولية في بيان لها تدمير السلطات الإيرانية للمقابر الجماعية بأنه محاولة إجرامية “لإزالة الأدلة الحاسمة على الجرائم ضد الإنسانية، وحرمان العائلات من الحقيقة والعدالة والتعويض”. وذكرت المنظمة أنه من خلال إخفاء مصير الضحايا وتعذيب عائلاتهم، ترتكب السلطات جرائم مستمرة من “الإخفاء القسري والتعذيب وغيرها من الأعمال اللاإنسانية”. الرسالة واضحة: هذه المقابر الجماعية هي مسارح جريمة يجب حمايتها، لا تدنيسها.
الخوف وراء الجرافات
هذه الوحشية ضد الأموات والأحياء على حد سواء ليست دليل قوة، بل هي انعكاس مباشر لخوف النظام العميق. وكما أشار 26 من الشخصيات الأمريكية البارزة في بيان صدر مؤخرًا يدين إعدام عضوي منظمة مجاهدي خلق، بهروز إحساني ومهدي حسني، فإن “فظائع النظام المستمرة لا تعكس القوة، بل تعكس الذعر والخوف من شرعية مفقودة منذ زمن طويل”. تصعد طهران من قمعها لأنها تخشى خصمها الحقيقي: المقاومة المنظمة والشعب الذي يطالب بإنهاء الديكتاتورية الدينية. ويؤكد البيان أنه في حين أن جميع المعارضين في خطر، فإن “الأهداف الأساسية هم أعضاء ومنتسبو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق”. يعلم النظام أن هذه القبور ليست مجرد مواقع حداد، بل هي رموز تحدٍ يمكن أن تلهم الأجيال القادمة للانضمام إلى النضال من أجل الحرية.
الفصل الأخير في حملة الإبادة الجماعية
يرى المراقبون أن تدمير القبور ليس مجرد طمس للأدلة، بل هو الفصل الأخير في حملة إبادة جماعية ممنهجة ضد منظمة مجاهدي خلق. وكما ذكر المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة جاويد رحمن في تقريره لعام 2024، فإن تهمة “المحاربة” (شن الحرب على الله) استُخدمت لقتل عشرات الآلاف من أعضاء المنظمة لسبب وحيد هو إيمانهم بأن الإسلام يتوافق مع الحقوق السياسية الكاملة والمساواة بين الجنسين. وخلص السيد رحمن إلى أن هذا يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. ومن خلال محاولة محو كل أثر مادي لهؤلاء الضحايا، يحاول النظام إكمال هذه الإبادة الجماعية – أولاً بأخذ حياتهم، والآن بمحاولة طمس ذاكرتهم.
إرث الشهداء يلهم المقاومة
وهذا الخوف الذي يدفع النظام لمثل هذه الأفعال له ما يبرره بالفعل. فعلى مدى عقود، كانت منظمة مجاهدي خلق القوة الدافعة وراء كشف أخبث أسرار النظام، بما في ذلك برنامجه للأسلحة النووية. وقد جعل هذا النظام أكثر عداءً تجاه المقاومة. لكن منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يفعلان أكثر من مجرد الكشف؛ فهما يقدمان بديلاً ديمقراطيًا واضحًا تم التعبير عنه في خطة من عشر نقاط لمستقبل إيران تقوم على العلمانية وحقوق الإنسان والسيادة الشعبية. وهذه الفكرة تكتسب زخمًا متزايدًا بين الشباب الإيراني، الذين ينضمون إلى صفوف وحدات المقاومة بأعداد متزايدة. وهذا ما يخشاه النظام أكثر من أي شيء آخر، حيث أن المقاومة المنظمة هي القوة النهائية التي ستسقط حكم الملالي الاستبدادي.
لذلك، فإن الرسالة واضحة: الطريق إلى إيران حرة ومستقرة لا يمر عبر استرضاء الديكتاتورية الحالية، بل من خلال دعم المقاومة المنظمة. وهذا يعني محاسبة النظام على انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك تدنيس قبور شهداء مجاهدي خلق، والاعتراف بحق الشعب الإيراني في مقاومة وإسقاط نظام الملالي المستبد.


