الثورة الشعبية أمر واقع من أجل الخلاص
د. زهور الشقافي
شخصية ولقاء
تقديم:
في حقبة طغت عليها الرجعية والظلامية، وبات فيها العلم والنور والقيم أمراً يرعب الطغاة والأنظمة الدكتاتورية، وتلك حقيقة حيث لا يهدد عروش الطغاة أكثر من العلم والوعي كوسائل لمواجهة تعاظم البغي السلطوي واضطهاد الإنسان وخاصة المرأة في إيران في ظل الحكم الدكتاتوري الرجعي القائم؛ الذي لم يكتفي بفرض أفكاره الرجعية وسياساته على المرأة الإيرانية فحسب بل راح ينشر فكره ورجعيته في دول المنطقة تحت شعار تصدير الثورة، وبسبب ذلك يتردى اليوم حال المرأة في العراق ولبنان واليمن وسوريا وفلسطين.
لم يعد هناك مبررا اليوم بعد افتضاح أمر نظام الملالي الحاكم في إيران لقبول هذا النظام وسياساته سواء داخل إيران أو امتداداته في الشرق الأوسط بعد ما أحدثه من ظلام وتغرير وتخدير يُستخدم فيه الدين مع الأسف كوسيلة للعبث بالعقول.. وسيلة للظلم.. واليوم وفي ظل معركة الوعي هذه نقدم الوعي كسلاح للمواجهة وسلاحاً يحصن المجتمعات من هكذا قيم رجعية، وما أحوجنا في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي إلى ذلك أكثر من غيرنا.
في لقاء اليوم مع مناضلة عربية فاضلة ورائدة معطاءة من المملكة المغربية الشقيقة.. مع معالي الدكتورة زهور الشقافي الأكاديمية والسياسية المغربية الرائدة ذات الباع الطويل في حراك النهضة الاشتراكية الديمقراطية، وفي المسيرة النسوية النضالية التي من خلالها أيضاً دعمت نضال المرأة العربية ونضال المرأة الإيرانية.. مع الدكتورة زهور الشقافي الأمينة العامة لحزب المجتمع الديمقراطي المغربي.. من خلال هذا اللقاء النوعي نحاول تقديم رؤية سياسية خبيرة وصورة من صور الوعي لاستنهاض مجتمعاتنا، ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة لقاءات مميزة مع أحرار الأمتين العربية والإسلامية سعيا منا إلى تنوير مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ونهدف من خلال اللقاء أيضاً تقديم صورة مباشرة للموقف السياسي والفكري لدى النخبة العربية فيما يتعلق بالنظام الإيراني داخل إيران وخارجها في العالمين العربي والإقليمي، وقد سبق للمناضلة التقدمية معالي الدكتورة زهور الشقافي أن وقفت إلى جانب نضال المرأة الإيرانية في مناسبات عديدة، وفي هذا اللقاء سنطرح بعض الأسئلة الهامة في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ إيران والمنطقة فيما يلي/ نص المقابلة:
معالي الدكتورة زهور الشقافي الأمينة العامة لحزب المجتمع الديمقراطي المغربي، والسياسية الأكاديمية المغربية.. أهلا وسهلا بكم وشكرًا لمعاليكم على قبول الدعوة استجابة لهذا اللقاء..
أسئلة المقابلة
س1- معاليكم من المطلعين على معاناة المرأة الإيرانية وعموم فئات الشعب الإيراني وكان لكم موقفاً داعما لنضال المرأة الإيرانية.. مرحلياً كيف تقيّمين أوضاع النساء ونضالهن في مواجهة حكم نظام الملالي؟ هل ترين أن نظام الملالي في إيران يمر بمرحلة العد التنازلي لوجوده بسبب سياساته القمعية ضد النساء خاصة النساء المحتجات وضد النساء في عموم الشرق الأوسط؟ ألا يجب على كل النساء الحرائر في هذا العالم أن يدعمن نضال المرأة الإيرانية في أشرف3 وفي صفوف المقاومة وفي وحدات المقاومة بالداخل للصمود بوجه هذا النظام؟ وكيف ترين واقع المرأة في المغرب والعالم العربي مقارنة بوضع المرأة في إيران؟
ج1- أتاحت لي تجربتي وممارساتي والأكاديمية بالإضافة إلى نشاطي الاجتماعي وموقعي الحزبي فرصة الاطلاع على الكثير من أشكال اضطهاد المرأة واستعبادها كإمرأة مهتمة بقضايا المرأة في العالم أجمع، والتفاعل مع قضايا المرأة والأسرة في العالمين العربي والإسلامي، وقد أثار انتباهي ما تتعرض له المرأة الإيرانية أم وأخت وإبنة الشهداء من اضطهاد وقمع بلغ حد التنكيل والاستعباد، وما تعيشه المرأة الإيرانية ومجتمعها لا يتماشى أبدا مع تاريخ إيران وقيم وتعاليم الإسلام الذي أعلى قدر المرأة ؛ ما يجري من قتل واضطهاد واستبداد وقمع وإجحاف بحق النساء في إيران نهجٌ غير مشروع يقلل من قدر المرأة والأسرة في المجتمع.
ما وصلت إليه في تحليلي لنهج نظام الملالي أن هذا النظام لا ينتمي لأي ثورة بل يخشى الثورة وأدبياتها ويخشى من كل امرأة ثائرة، ولا عجب في محاربته لمنظمة مجاهدي خلق التي تقودها غالبية من النساء، ومحاربتهم لسكان أشرف سواء في العراق أو في ألبانيا.. أو محاربته للمقاومة الإيرانية التي تقودها غالبية من النساء.. وضع النساء تحت حكم نظام الملالي في إيران كارثي ونحن ندينه وندعو المرأة الإيرانية إلى النهوض في وجه الظلم الذي يمارسه الملالي، كما ندعو جميع نساء العالم الحر أن يقفن إلى جانب نضال المرأة الإيرانية في أشرف3 أو في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وفي صفوف وحدات المقاومة، أما أوضاع المرأة في العالم العربي بالمقارنة مع أختها في إيران فلا مجال للمقارنة فالمرأة العربية عامة والمغربية خاصة مُصانةٌ كرامتها ولها مكانتها في الاجتماعية المرموقة من خلال الأسرة والتشريعات القانونية وتحتل أرقى وأعلى المناصب السياسية والإدارية، وأما بالنسبة للمرأة العربية في الدول العربية التي يحتلها ملالي إيران ويبثون فيها أفكارهم الرجعية فهي تعيش نفس الظروف التي تعيشها المرأة الإيرانية.
ج2- أنا أتفق تماما مع ما جاء في مقدمة سؤالكم، ولا عجب في هذا النهج الذي تتبعه القوى العالمية الكبرى كقوى استعمارية لا يعنيها ما تعيشه الشعوب من آلام ومحن بقدر ما يعنيها مصالحها وتنفذ مخططاتها، ولا أرى إجراء يمكنه إجبار الدولي على مسار ما سوى صمود وثبات القوى الوطنية معززة بإرادة الشعوب، وما يطمئننا أن المقاومة الإيرانية قائمة على صمود وثبات منقطع النظير ومعزز بالإرادة الشعبية.. ولن يجبر هذه القوى العالمية على التخلي عن سياسة الاسترضاء والمهادنة التي تتبعها مع ملالي إيران سوى قيام ثورة شعبية لا تُبقي ولا تذر وتكون حلاً وأمر واقع يسري رغم الأنوف.. إنها إرادة الشعوب التي يركع أمامها المستكبرون.
س3- عانت المرأة في إيران من عقود من الرعب والكبت، واليوم نراها في طليعة الاحتجاجات والانتفاضات في إيران.. كيف تفسرين معاليكم هذا الدور الريادي؟ وهل لديكم ما توجهونه للنساء اللواتي يناضلن من أجل الحرية في أشرف3 وداخل إيران رغم مخاطر الإعدام والسجن والتعذيب؟
ج3- لقد اطلعت على تقارير دولية تستعرض الواقع المرير للمرأة والإنسان في إيران وتُدين أفعال وجرائم نظام الملالي بحق النساء وحتى الفتيات القاصرات اللائي لم يسلمن من التعسف والقتل وهن في عمر الطفولة البريئة، ومن هنا لم يأتي الدور الريادي للمرأة الإيرانية الثائرة من فراغ فهناك تاريخ نضالي عريق للمرأة الإيرانية، وهناك مسيرة نضالية كبيرة قائمة تقودها نساء أشرف إلى اليوم بالوعي والتضحية والإيثار والصبر والثبات على القيم، وملفت للنظر أن المرأة الإيرانية الثائرة داخل إيران تقتدي بالمرأة القيادية في أشرف وتسير خلفها وترفع شعاراتها متأثرة بفكرها.
نعم وضع المرأة في إيران وضعاً مأساوياً في ظل الجحيم اللائي يعشنه على يد النظام الحاكم باسم الدين؛ لكن اقتداء المرأة الإيرانية المناضلة بالمرأة الإيرانية المقاومة في أشرف3 والمقاومة الإيرانية وسيرهن خلف راية السيدة مريم رجوي أمرٌ يبعث على التفاؤل بأن جذوة نضال المرأة الإيرانية بوجه النظام الحاكم لن تنطفئ إلا بزوال هذا الحاكم، وأن ساعة تحررهن ستكون حصاد نضالهن وتضحياتهن.. وها هي ساعة النصر تقترب أكثر من ذي قبل وسيأتي اليوم الذي ستكون فيه المرأة الإيرانية المضطهدة قائدة ورائدة في إيران يسودها العدل بفضل فكر ونهج أشرف3 والمقاومة.
س4- تحدثت زعيمة المقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي عن “الحل الثالث”: لا للتساهل مع النظام، ولا للحرب، ونعم للتغيير على يد الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة.. ما رأيكم في هذا الحل؟ وكيف تفسرون رفض السيدة مريم رجوي للحرب على إيران حتى لو كان ذلك من أجل تغيير النظام؟
ج4- الحل الثالث الذي تبنته وتحدثت عنه السيدة مريم رجوي زعيمة المقاومة الإيرانية والذي ينص على: “لا للتساهل مع النظام، ولا للحرب، ونعم للتغيير على يد الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة” ليس مجرد طرح بل هو حل فعلياً وأرى فيه عمق ونضوج سياسي، وكذلك يكشف عدم شفافية الغرب ويضع القوى الدولية المتنفذة في حرج واضح في حالة عدم تبنيه.. وهذا الحل ليس مخرجاً وخلاصاً لدولة إيران وشعبها فحسب لدول وشعوب المنطقة بأسرها.. وعلى المجتمع الدولي أن يتماشى معه إن أراد حلاً.
أرى من وجهة نظري المتواضعة أن رفض السيدة مريم رجوي للحرب على إيران رغم أنه أي خيار الحرب قد يكون فيه الخلاص وتغيير النظام رفضاً يستحق ثناء كافة أبناء الشعب الإيراني فهي ترفض ذلك لعدة أسباب منها أن الحرب مغامرة ستدمر بلادها وسيدفع الشعب فاتورتها كما دفعها من قبل وقد عاصرت السيدة رجوي ذلك وتعرف حجم الفاتورة التي دفعها الشعب الإيراني جراء الحروب والاستبداد.. كما تعرف هي أن الحرب مخرجا للنظام مما هو فيه؛ وتحت غطاء الحرب سيتم القضاء على كافة المعارضين للنظام على نحو إبادي كما حدث من قبل.. كذلك تدرك السيدة رجوي أن التغيير من خلال الحرب سيفرض على إيران واقع سياسي هدام كما حدث في العراق وهو غير الذي يأمله الشعب الإيراني.. ومن هنا يبقى الحل الثالث هو الخيار الأمثل والأنضج.
س5- لاقت مبادرة المواد العشر التي طرحتها السيدة رجوي من أجل مستقبل إيران قبولا شعبيا وعالميا وإقليميا واسعا حيث ترتكز هذه المبادرة على مبادئ الحرية، المساواة بين الجنسين، إلغاء عقوبة الإعدام، وفصل الدين عن السلطة وإيران غير نووية.. فما هو تقييمكم لها؟
ج5- لقد لاقت مبادرة المواد العشر التي طرحتها السيدة رجوي لمستقبل إيران ارتياحنا وترحيبنا أيضاً حيث تستمد قوتها من عنصرين هامين.. العنصر الأول البعد التاريخي حيث تمتد المقاومة الإيرانية ومنظمتها المحورية منظمة مجاهدي خلق بجذورها إلى عمق التاريخ الوطني الإيراني التحرري وبالتالي هي أطروحة وطنية من الطراز الأول وليست أطروحة دعاة سلطة.. والعنصر الثاني أن هذه المبادرة هي امتداد للرؤية والثوابت الوطنية التي قام ويقوم عليها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كحقوق المواطن والمواطنة ومبدأ التعايش وحقوق الأقليات “صورة المستقبل القابل للاستمرار” بالإضافة إلى أن شرعية هذه المبادرة المُمكنة ترتكز على مبادئ هي من صلب مطالب الشعب.. الحرية، المساواة بين الجنسين، إلغاء عقوبة الإعدام، وفصل الدين عن السلطة وإيران غير نووية، وهذه هي الخطوط العريضة للمبادرة، كذلك شهدت قوى وقيادات عالمية على هذه المبادرة التي تأتي كطرح ناضج وشفاف لم تتقدم أي جهة إيرانية بطرحها وستكون خلاصاً للمنطقة والعالم.
س6- سؤالنا الأخير.. كيف ترون في المغرب مصير إيران والشرق الأوسط والعالم الإسلامي بعد تغيير النظام وتطبيق مبادرة المواد العشر؟
ج6- نحن في المغرب معنيين بقضايا العالم العربي والإسلامي والقضايا العالمية الأخرى.. ورغم بعد المسافة بيننا وبين النظام الحاكم في إيران إلا أننا لم نسلم منه وكانت لنا ردود حاسمة حازمة بوجهه، وسيفرحنا في المغرب أن نرى إيران جديدة ديمقراطية مستقرة ومزدهرة وفق مبادئ المواد العشر، وشخصياً أرى أن هناك استقرار تلقائياً سيعم الشرق الأوسط بعد التغيير في إيران نحو الديمقراطية بإرادة شعبية كما ينص الحل الثالث.. سيعود الجميع إلى منطق العقل والرشد والحوار في الشرق الأوسط بعد سقوط نظام الملالي وسيتغير مسار القضية الفلسطينية باتجاه حلولٍ فعلية على أرض الواقع.
معالي الدكتورة زهور الشقافي في ختام اللقاء.. نحيي معاليكم ونتوجه إليكم بجزيل الشكر وأطيب التمنيات لكم بالتوفيق والسداد..
وأنا أيضا أحييكم وأدعوكم جميعا إلى الصبر والثبات وتصعيد خطى نضالكم نحو ثورة التغيير والخلاص.
…………………………………………………………………………


