الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

مظاهرة مجاهدي خلق التاريخية في نيويورك.. صرخةٌ للحرية في وجه الاستبداد في قلب نيويورك حيث تجتمع أنظار العالم مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ يستعد الشعب الإيراني في المهجر وأنصاره الأحرار لإطلاق مظاهرة تاريخية يومي 23 و24 سبتمبر الجاري في ساحة داغ همرشولد

مظاهرة مجاهدي خلق التاريخية في نيويورك.. صرخةٌ للحرية في وجه الاستبداد

مظاهرة مجاهدي خلق التاريخية في نيويورك.. صرخةٌ للحرية في وجه الاستبداد

   في قلب نيويورك حيث تجتمع أنظار العالم مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ يستعد الشعب الإيراني في المهجر وأنصاره الأحرار لإطلاق مظاهرة تاريخية يومي 23 و24 سبتمبر الجاري في ساحة داغ همرشولد.. إنّه صوتٌ يعلو فوق جدران القمع والرقابة ليحمل إلى المجتمع الدولي رسالة واضحة تقول “كفى صمتاً أمام جرائم الملالي.. لقد آن الأوان للاعتراف بحق الشعب الإيراني في الحرية والديمقراطية“.

أهداف المظاهرة

يأتي هذا الحشد الشعبي الواسع رفضًا لموجة الإعدامات الوحشية التي جعلت من النظام الإيراني صاحب الرقم القياسي العالمي في عمليات الإعدامات قياسًا بعدد السكان، وكذلك للتنديد بمشروعه النووي الذي يهدد أمن المنطقة والعالم.. كما يرفع المتظاهرون شعارًا صريحاً رافضاً لسياسة تصدير الإرهاب والحروب الخارجية مؤكدين أن الحل ليس في المساومة مع الملالي بل في تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.

المشاركة والتنظيم

تنظم هذه الفعالية منظمة الجاليات الإيرانية الأمريكية والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وبمشاركة إيرانيين قدموا من أكثر من أربعين ولاية أمريكية، وقد سبقتها وقفات ومعارض ميدانية منذ 16 سبتمبر في شوارع منهاتن للتنديد بحضور رئيس النظام مسعود بزشكيان إلى الجمعية العامة في 24 سبتمبر، ومن المقرر أن تشهد التظاهرة كلمات لشخصيات بارزة منهم السفيرة كارلا ساندز والسيناتور سام براونباك الأمر الذي يمنح التظاهرة بعدًا سياسيًا ودبلوماسيًا واسعًا.. ومن المتوقع أن يكون هناك المزيد من المتحدثين في هذه التظاهرة الرنانة التي سيكون لها أبعاد كثيرة.

دوافع إنسانية وسياسية

منذ صعود بزشكيان تجاوز عدد الإعدامات المعلَن عنها 1670 حالة فيما اعتُقل أكثر من 21 ألف مواطن بتهم سياسية، وتكشف هذه الأرقام حجم المأساة التي يعيشها الشعب الإيراني حيث لم يجد النظام لمشكلاته الداخلية من شحّ المياه وانقطاع الكهرباء إلى الانهيار الاقتصادي سوى المواجهة كعادته بالمزيد من القمع وسفك الدماء.

لقد أعدم النظام في يوليو الماضي اثنين من أعضاء مجاهدي خلق فيما يواجه عشرات السجناء السياسيين خطر الموت الوشيك، ولا تزال جراح مجزرة 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30,000 سجين سياسي مفتوحة، وقد وصفها المقرر الأممي جاويد رحمان بأنها “جريمة ضد الإنسانية” و”إبادة جماعية”.

تأتي المظاهرة في مرحلة دقيقة إذ حذرت قوى أوروبية كبرى (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) من استمرار مماطلة النظام النووية داعية إلى تفعيل آلية “سناب باك” وإعادة فرض العقوبات الدولية بموجب قرارات مجلس الأمن.. والإيرانيين في نيويورك يحذّرون بدورهم من أنّ التساهل مع الملالي يعني مزيدًا من الدماء، وتسارع الاقتراب نحو السلاح النووي، ومزيدًا من التدخلات التوسعية والحروب.

الخيار الثالث: البديل الديمقراطي

وامتداد لتظاهرة بروكسل سيؤكد المتظاهرون على دعمهم لـ “الخيار الثالث” الذي طرحته السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المتضمن: إسقاط نظام الملالي على يد الشعب الإيراني، وإقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على الحرية والمساواة وفصل الدين عن السلطة..  إنهم يعلنون أنه لا عودة لدكتاتورية الشاه، ولا استمرار لظلام ولاية الفقيه.

الرأي العام العالمي

قد تُعيد المظاهرة ملف حقوق الإنسان في إيران إلى صدارة الاهتمام الدولي فتتوسع التغطيات الإعلامية الكبرى لتتناول أبعاده بعمق أكبر.. كما يمكن أن تستنهض تعاطف الرأي العام في المجتمعات الغربية الأمر الذي يضاعف الضغوط على الحكومات لاتخاذ مواقف عملية؛ سواء بفرض عقوبات أو إصدار بيانات رسمية أو دعم المبادرات الدولية المناهضة للانتهاكات.

سياسياً وإعلامياً

تعاظم حضور المعارضة في المشهد الدولي من شأنه أن يُربك النظام الإيراني ويُضعف صورته الرمزية؛ لاسيما تردد أصداء داخلية تؤكد هشاشة الوضع وهشاشة النظام داخليا وتصدع أركانه واحتمالية انفجار الغضب الشعبي في لحظة..، وقد يدفع ذلك بعض الدول الغربية إلى طرح الملف الإيراني على منابر الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان وسائر المؤسسات الدولية بما ينعكس على سياساتها الخارجية تجاه طهران، وقد يجد النظام نفسه مضطراً للرد عبر أدواته الإعلامية إمّا بالتشويه والتقليل من شأن المظاهرة أو بالتهويل والمبالغة، وربما عبر خطاب دفاعي متشنّج، ولا يُستبعد أن يتبع ذلك تصعيد في القمع والمراقبة كالعادة.. غير أن هذا قد ينقلب سلباً عليه إذا تعاظم انفجار الداخل الإيراني رفضاً للظلم الواقع عليه الأمر الذي سيفتح الباب على تعاظم تآكل رصيده الشعبي حتى في أوساط المنتفعين منه.

الداخل الإيراني ووحدات المقاومة

يشكّل نجاح المظاهرة مصدر إلهام ودافعاً معنوياً لوحدات المقاومة داخل البلاد وللمعارضين الوطنيين خارجها، ومحفزاً على توسيع دوائر التنسيق والتواصل بشأن المواجهات الداخلية ضد قوى النظام القمعية، وربما تكون هكذا تظاهرات سببا في إفراز مبادرات جديدة صادقة وفاعلة تعزز الحراك وتنظّمه بشكل أوسع وأكثر جدوى.

ختاماً.. ليست مظاهرة نيويورك مجرد احتجاج بل هي صرخة تاريخية تعبّر عن إرادة الملايين من الإيرانيين الذين أنهكهم القمع والتجويع والإعدامات، وكذلك هي رسالة واضحة إلى الأمم المتحدة والعالم أجمع تقول: لا تصافحوا أيادٍ ملطخة بالدماء، ولا تمنحوا الاستبداد شرعية ليستمر في سفك الدماء.. إنها لحظة فاصلة.. فإما أن يقف المجتمع الدولي مع الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.. أو يظل متفرجًا متستراًعلى جريمة تتكرر كل يوم، وفي هذه اللحظة التاريخية يثبت الإيرانيون ومعهم أحرار العالم أن إيران الحرة ليست حلماً بعيداً بل مشروعاً قريباً يولد من صمود شعبٍ قدّم أغلى التضحيات من أجل الحرية والكرامة.

د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي