روضنا النظام الإيراني.. هكذا يقول ترامب؟
النظام الإيراني أصبح مختلفًا تمامًا ولم يعد متنمّرًا كما كان.. إنهم يقاتلون من أجل البقاء..
(إنهم يقاتلون تماماً من أجل البقاء.. وليس هذا فحسب بل نحن نفرض عليهم العقوبات أيضاً.. أعني أنّهم حرفياً يقاتلون من أجل البقاء لا من أجل امتلاك سلاح نووي.. صدّقوني إنهم ضعفاء جداً) هذا ما قاله ترامب في حديثٍ لمجلّة تايم نُشِر نصّه يوم الخميس 23 أكتوبر2025.. فماذا وراء تلك التصريحات التي تتضارب مع تصريحات رافاييل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
يعرف أبناء الشرق الأوسط الفارق بين القوة والعربدة؛ ومن هنا هم أعلم بمدى ضعف وهشاشة النظام الإيراني قبل أن يقر الأمريكان وغيرهم بذلك، ولولا دعم الغرب لهذا النظام ما تمكن من البقاء في حكم إيران بالحديد والنار والتوسع في دول المنطقة داعما للإرهاب الذي يدعي الغرب مكافحته.. لذا ما الجديد الذي أضافه ترامب في تصريحه إن لم يكن يريد إيصال رسالة بعينها إلى حلفائه والعالم من حوله ليقل لا داعي للقلق من هذا النظام، وأنه لا داعي للقلق من البرنامج النووي الإيراني بقوله “إنهم يقاتلون من أجل البقاء وليس امتلاك السلاح النووي”، وتتناقض تصريحاته هذه مع تصريحات رافاييل غروسي التي تقول أن القدرات التقنية الذرية لدى النظام الإيراني لا تزال قائمة رغم الضربات العسكرية الشديدة التي لحقت بمنشآته؛ كذلك يقول غروسي بأن نظام الملالي يمتلك ما يمكنه من صنع عشرة قنابل نووية لطالما يستمرون في مسارهم الحالي.. فلما يا ترى مساعي التهدئة هذه لصالح النظام الإيراني؟
أياً كان الموقف الأمريكي والغربي من نظام الملالي فالجميع في إيران والمنطقة يعلمون أنه لا تتوفر نية لدى الغرب نحو إسقاط نظام ولاية الفقيه.. كما يعلمون أيضا ما يجري ضد النظام الإيراني اليوم من عقوبات وغيرها لا يتخطى كونه مسعى نحو الترويض وليس القضاء على النظام، وهنا تتضح حقيقة النوايا بشأن النظام الإيراني والمنطقة وضرورة بقائه من أجل الهيمنة على المنطقة واستنزاف مواردها من خلاله وميليشياته كصناع أزمات يوفرون الأسباب والفرص الاقتصادية التي لا يمكن توفيرها بمسارات سياسية طبيعية.
ترويض النظام الإيراني والعمل على إبقائه على سدة الحكم يستوجب التغاضي عن ملفات انتهاكات حقوق الإنسان في إيران والكثير من الجرائم والملفات المتعلقة بالنظام وميليشياته وأدواته العاملة بالوكالة في الشرق الأوسط والعالم.. ولا عجب في ذلك فالغرب ذاته لا يزال يساير ويناور نظام الملالي مقيدا قواه الديمقراطية، ولا تعدو تلميحات الغرب بالعمل على إعادة الشاهنشاهية البائدة عن رغبة شديدة لديهم في فرض بقاء نظام الولي الفقيه في حكم إيران متجاهلين ما يرفعونه أنفسهم من قيم إنسانية وكأنهم نسجوها بشكل لأنظمتهم وليس للبشرية جمعاء.
التصريحات أعلاه وتناقضها مع تصريحات غروسي تؤكد نوايا الإدارة الأمريكية سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية.. وتؤكد للشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية بديله الديمقراطي أنه لا خيار سوى طحن الحديد بالحديد وقلب الطاولة على الرؤوس وإعلاء كلمة الشعب لتكون ثورته الحل والكلمة الفصل.. والتاريخ خير شاهد على الماضي القريب الذي أزاح الشاه وأزال سلطانه ولا يزال الحل والمخرج هو ذاته الذي كان في ثورة فبراير الوطنية الإيرانية عام 1979.. تلك الثورة التي تخلى فيها الغرب عن رجلهم الشاه واستكانوا للأمر الواقع مرحليا ثم تآمروا عليه وسلموا السلطة لـ خميني مؤسس هذا النظام.. أنزلوا البعير من على التل ولا تنتظروا نزوله على يد من وضعه هناك.
د. محمد حسين الموسوي/ كاتب عراقي


