انتخابات العراق: أمل إيران الأخير للحفاظ على نفوذها في المنطقة
تحليل لصحيفة “العرب” يكشف كيف تنظر إيران لانتخابات العراق كـ “أمل أخير” بعد خسارة حلفائها. فهل ينجح نفوذها في مواجهة مزاج الشارع العراقي والجدية الأمريكية؟
في تقرير تحليلي نشرته صحيفة “العرب“ اللندنية، يتم تسليط الضوء على الأهمية الاستراتيجية القصوى للانتخابات التشريعية العراقية المقبلة بالنسبة لطهران. يجادل التقرير بأن هذه الانتخابات لم تعد مجرد حدث سياسي داخلي، بل أصبحت تمثل “أمل إيران الأخير” للحفاظ على نفوذها المحوري في المنطقة، وذلك في ظل انهيار شبكة وكلائها الإقليميين.
العراق: الملاذ الأخير للنفوذ الإيراني
يشير تحليل “العرب” إلى أن الأهمية الاستراتيجية للعراق بالنسبة لطهران تضاعفت بشكل كبير بعد الانهيارات المتتالية لحلفائها. فبعد “خسارة إيران لبعض أبرز حلفائها في المنطقة من حركة حماس… إلى حزب الله… إلى نظام بشار الأسد في سوريا”، أصبح العراق “موطئ القدم” الأخير والأهم لنفوذها.
ولهذا السبب، تسعى طهران “للإبقاء على مكتسباتها في بلد شكّل منفذا رئيسيا لتوسع دورها الإقليمي بعد الغزو الأميركي عام 2003”. وينقل التقرير عن المحلل السياسي إحسان الشمري قوله إن طهران “غير مستعدّة لخسارة العراق الذي تعتبره مجالها الحيوي وأحد مرتكزات أمنها القومي”، وأنها “تتمتّع بنفوذ طالما يمسك حلفاؤها بالقرار”.
تحديات مزدوجة: مزاج الشارع والجدية الأمريكية
مع ذلك، تؤكد “العرب” أن سيطرة إيران على العراق لم تعد مضمونة كما في السابق. يواجه النفوذ الإيراني تحديين كبيرين: الأول هو “تغير مزاج الشارع العراقي تجاه طهران وحلفائها المحليين”. ويتجلى هذا التغير في مقاطعة شخصية نافذة بحجم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي “أعلن رفضه المشاركة في عملية انتخابية عرجاء لا همّ لها إلّا المصالح الطائفية والعرقية والحزبية”. هذا الفراغ الذي يتركه الصدر قد يفتح الباب أمام قوى أخرى، ولكنه يعكس أيضًا انقسامًا شيعيًا عميقًا لا يصب بالضرورة في صالح الأجندة الإيرانية الموحدة.
أما التحدي الثاني، فهو “جدية واشنطن في مقاومة ذلك النفوذ والسعي لإنهائه”. ويشير التقرير إلى أن هناك “إرادة أميركية لإحداث تغيير حقيقي في المشهد الداخلي، ولربما تجاوز الفاعل الإيراني”. وتترجم هذه الإرادة بتعيين المبعوث الخاص مارك ساوايا، الذي شدد بلهجة حاسمة على أنه “لا مكان لجماعات مسلّحة تعمل خارج سلطة الدولة”، في إشارة واضحة للميليشيات الموالية لإيران. وتدعم واشنطن هذا التوجه بوجود “2500 جندي في العراق” وفرض عقوبات على أفراد وشركات عراقية تساعد طهران على التحايل المالي.
تراجع القدرة على الإملاء ومعركة ما بعد الانتخابات
في الختام، يوضح تقرير “العرب” أن إيران، رغم تدخلها الحتمي، فقدت قدرتها السابقة على فرض إرادتها. وينقل عن المحلل منقذ داغر أن “إيران الآن ليست في موضع يجعلها تملي شروطها وتملي ما تريد، لكن هذا لا يعني أنها لن تتدخل”.
ويتوقع التقرير أن تكون معركة ما بعد الانتخابات، أي “عملية اختيار رئيس الوزراء”، هي ساحة “التجاذب الإضافي” بين طهران وواشنطن. ويخلص التقرير إلى أن واشنطن، وفقًا للباحث تامر بدوي، “تتوقع من رئيس الوزراء المقبل أن يتخذ خطوات ملموسة للحد من النفوذ الإيراني بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات”، والأهم من ذلك، منع إيران من “استخدام العراق قناة لإعادة بيع النفط أو الحصول على العملات الصعبة”.


