صرخة من تحت حبل المشنقة.. الطالب السجين “إحسان فريدي” يكتب في يوم الطالب: “الحرية لا تُستورد بل تُنتزع بالصمود”
في ذكرى “يوم الطالب” (7 ديسمبر)، اخترق صوت الحرية جدران سجن تبريز المركزي، حيث يقبع الطالب والسجين السياسي إحسان فريدي تحت حكم الإعدام. في رسالة مؤثرة ومفعمة بالتحدي، أثبت فريدي أن القيود قد تكبل الأجساد، لكنها تعجز أمام الفكر الحر والإرادة الصلبة.
تكتسب هذه الوثيقة أهميتها القصوى من كون كاتبها يواجه الموت في كل لحظة، ومع ذلك يختار الحديث عن الأمل والمستقبل، رافضاً الاستسلام لليأس أو التعويل على الحلول الخارجية، ومؤكداً أن خلاص إيران يكمن في سواعد أبنائها الطلاب.
فيما يلي النص الكامل للرسالة التي تم تهريبها من “عنبر الموت”:
نص رسالة السجين السياسي إحسان فريدي
بسم العدالة والحرية
7 ديسمبر: ميثاق الدم بين الأمس واليوم
بمناسبة يوم الطالب، هذه الذكرة التي تجسد امتداداً لمقاومة الاستبداد منذ الانقلاب المشؤوم في عام 1953، حينما أقدم العسكر التابعون لمحمد رضا بهلوي – تملقاً لأسيادهم – على قمع الطلاب وسفك دمائهم لإطفاء آخر بصيص للأمل في الحرية؛ أبعث بتحياتي القلبية إلى كافة الطلاب والأساتذة الأحرار في وطني. أولئك الذين اختاروا أن يصرخوا في وجه الظلام، وحافظوا على شعلة الوعي متقدة تحت وطأة القمع الثقيل.
اليوم، نواجه مرة أخرى “المثلث المشؤوم”: الرجعية، والاستبداد، والاستعمار. هذه الأضلاع الثلاثة التي تحاول اليوم، بوجوه مستحدثة وشعارات براقة، مصادرة حقوق الشعب مجدداً. فمن المفارقات أن أولئك الذين أطلقوا الرصاص يوماً ما على صدور الطلاب، يحاولون الآن، بدعم من صواريخ وطائرات القوى الخارجية، أن يملوا علينا وصفة جديدة للحرية. لكننا ندرك يقيناً أن الحرية لا تُهب من الخارج، بل تولد حصراً من رحم إيمان وإرادة هؤلاء الطلاب وشعبنا الأبي.
إلى رفاقي على مقاعد الدراسة، سواء كنتم في الجامعات أو خلف القضبان، أقول لكم: إن معيار تميزنا ليس الألقاب الأكاديمية ولا الشهادات، بل هو “الصمود”. صمودنا هو الشهادة الحقيقية على كيفية اجتيازنا لهذا الاختبار التاريخي.
يا رفاقي، أنتم الأمل الذي لا يموت لهذه الأرض. أنتم مهندسو مستقبل إيران؛ لأنكم تؤمنون بالحرية، ولا تتاجرون بالحقيقة، وتفضلون طريق المقاومة الوعر على طريق النسيان والمساومة السهل، حتى في أحلك الظروف.
إن كنا قد استطعنا البقاء والصمود في ليالي السجن الباردة، فذلك بفضلكم؛ بفضل تضامنكم الذي أثبت أن في هذه الأرض قلوباً لا تركع للظلم ولا تصمت أمام امتهان الكرامة. ابقوا صامدين، فإيران الغد لن تُبنى بالمراسيم والأسوار، بل ستشرق من إيمانكم بكرامة الإنسان. أنتم من تكتبون التاريخ، وأنتم – حتى وإن كنتم مكبلين – أكثر حرية من أولئك الذين صادروا حرية الشعب.
إحسان فريدي سجين سياسي محكوم بالإعدام – سجن تبريز المركزي
قراءة في الرسالة: شعلة المقاومة لا تنطفئ
لا يمكن قراءة رسالة إحسان فريدي باعتبارها مجرد بيان لسجين سياسي، بل هي شهادة تاريخية تؤكد أن جذوة المقاومة التي اشتعلت في 7 ديسمبر 1953 لا تزال متقدة في شرايين الجيل الجديد. كلماته التي خُطت تحت ظل المشنقة، تبرهن على أن الفكر التحرري والإيمان بقدسية الكرامة الإنسانية أقوى من سياط الجلادين وأحكام الإعدام الجائرة.
في زمن يتعرض فيه الطلاب والشباب المعارضون لأقسى أنواع التنكيل، من النفي والاعتقال إلى الأحكام القاسية، تأتي هذه الرسالة لتذكر الجميع بأن المقاومة ليست تكتيكاً سياسياً فحسب، بل هي خيار أخلاقي وجودي.
إن صرخة إحسان فريدي من خلف أسوار سجن تبريز هي صدى لصرخات أجيال من الطلاب الذين دفعوا ضريبة الدم من أجل العدالة. وهي رسالة واضحة بأن النضال مستمر، وأن “يوم الطالب” سيظل منارة تلهم جيلاً يرفض أن يُرسم مستقبله بأقلام الخوف والصمت والاستبداد.

