موازنة على حافة الانفجار… صراع داخل البرلمان واعتراف رسمي بالفقر والتضخم في إيران
تحوّل مجلس النظام الإيراني أثناء مناقشة مشروع موازنة عام 1405الإيراني إلى ساحة مواجهة حادة بين أجنحة السلطة، بعدما انهالت الانتقادات على موازنة وُصفت بأنها تضخمية، غير عادلة، وتعكس إفلاساً مالياً واضحاً. وقد كشفت مداخلات نواب النظام عن اعترافات نادرة بحجم الأزمة الاقتصادية، وضيق المعيشة، وانسداد الأفق أمام الحلول التقليدية.
وخلال جلسة مراجعة الموازنة التي بثها تلفزيون النظام يوم الأحد 28 ديسمبر، أقرّ مسعود بزشكيان، رئيس النظام، بعجز حكومته عن تلبية المطالب المعيشية، متسائلاً بلهجة يائسة عن مصادر تمويل أي زيادة في الرواتب، في اعتراف صريح بفراغ الخزينة. وأكد أن الرواتب منخفضة والضرائب مرتفعة، لكنه عجز عن تقديم بدائل عملية.
وفي سياق تبرير هذا العجز، مهّد بزشكيان لرفع أسعار البنزين، مشيراً إلى كلفة استيراده البالغة 6 مليارات دولار من العملة الصعبة. كما دافع عن زيادة الرواتب بنسبة 20% فقط، رغم إقراره بعدم تناسبها مع معدلات التضخم، مروجاً لتعويض محدود عبر ما سماه «إعفاءات ضريبية».
من جانبه، اعترف باقر قاليباف، رئيس البرلمان، بأن الزيادة المقترحة للأجور لا تنسجم مع الواقع التضخمي، ما يعكس عمق الأزمة المعيشية. وفي مشهد آخر من التوتر، انتقد الملا «رسايي» ما وصفه بتجاهل الحكومة لمعاناة الناس، كاشفاً تعطيل استجواب وزير الجهاد الزراعي رغم توقيع 71 نائباً، قبل أن يُقطع الميكروفون عنه.
وتوالت تحذيرات النواب من العواقب الاجتماعية والأمنية للموازنة. فقد حذّر النائب «نور آبادي» من أن زيادة الرواتب بنسبة 20% في ظل تضخم يتجاوز 40% تعني دفع الموظفين والقوات المسلحة تحت خط الفقر. فيما تحدث النائب «كياسري» عن اشتعال «نيران التضخم» وقفزات العملة. أما النائب «زنغنه» فاتهم الفريق الاقتصادي بالتلاعب بالأرقام، مؤكداً أن الموازنة تعتمد على زيادة الضرائب، وحذف العملة التفضيلية، ورفع أسعار الطاقة، والطباعة الواسعة للأوراق المالية.
وتعكس هذه المواقف مجتمعة اعترافاً علنياً غير مسبوق بوصول النظام إلى طريق مسدود اقتصادياً، وبأن موازنة 1405 لا تمثل حلاً للأزمة، بل عاملاً إضافياً في تعميق الفقر وتسريع الانهيار المعيشي.

