صعود الانتفاضة والمقاومة الإيرانية في المعادلات السياسية الدولية
بقلم عبدالرحمن مهابادي*
خلال ٤٠ عاما مضى لم نسمع بكلمة إيران بمقدار ما سمعناها في الأشهر الماضية على الانترنت. وإن
التكرار المليوني لهذه الكلمة بشكل يومي على الانترنت ينبأنا بأن هناك حدثا على وشك الوقوع في
هذه المنطقة من العالم وسيغير مصير الكثيرين في هذا العالم. وفي البحث عن سبب هذا الموضوع
نجد أن هناك مثلثا أحد أضلاعه نظام الملالي والضلع الثاني هو الشعب ومعارضي النظام والضلع
الأخير هو المجتمع الدولي.
ولكن أهم أضلاع هذا الملثلث هو الشعب الإيراني الذي يستتر خلفه الضلعان الآخران. وفي هذا الضلع
شهدنا نمو وصعود نشاطات قوى الانتفاضة..كما أن حرق مقرات ورموز نظام الملالي في مختلف
نقاط إيران دب الرعب في قلوب رؤوس النظام. لأنها علامة تشير لخطوة جديدة في تقدم الانتفاضة
التي تسعى لإسقاط حكم الملالي. والشعب يترقب مستقبلا أكثر أملا وإشراقا عندنا يرى لافتات وصور
رموز النظام المحروقة. ويتجذر هذا الإيمان بأن الملالي راحلون لامحالة في قلوبهم بشكل أكبر وأنه
سيأتي ذاك اليوم الذي تنتهي فيه أيام القمع والألم والمعاناة والفقر والبطالة وبقية الظواهر
الاجتماعية المشؤومة.
الآن بعد مضي ١٤ شهرا على بدء الانتفاضة أمسكت معاقل الانتفاضة زمام قيادة الانتفاضة. وتحولت
هذه المعاقل لنقطة أمل للشعب الذي أمضى أربعة عقود تحت أشد أنواع عمليات القمع. معقل
الانتفاضة هي وحدة مكونة من عدة مقاتلين أوفياء انتفضوا ضد نظام الملالي. وهذه الوحدات هي
المحرك الأساسي للمجتمع. الآن تنشط آلاف معاقل الانتفاضة في داخل إيران وهي على اتصال دائم
وبالتوازي مع نشاطات معاقل الانتفاضة في داخل إيران شهدنا في الآونة الماضية نشاطات مناصري
المقاومة في خارج إيران. فهم أوصلوا صوت الشعب الإيراني ومطالبه المشروعة لمسامع العالم قبل
٥ أيام من عقد مؤتمر وارسو. وفي حركة أخرى شجاعة أثناء عقد مؤتمر وارسو في الملعب الرياضي
أظهروا عملا مهما ومثيرا للاهتمام حيث تجمعوا بكثافة وبانتظام تام وفائق كأنهم موكب عسكري
وأوصلوا صوت الشعب الإيراني المنتفض لمسامع المشاركين في هذا المؤتمر، الأمر الذي أثار إعجاب
الكثيرين في العالم. وفي هذه المظاهرات العظيمة تحدث السيد رودي جولياني المستشار القانوني
للرئيس ترامب للحاضرين وقال: “نحن نريد أن يقرر الشعب الإيراني مصير بلده بنفسه. بلد بدون ملكية
دكتاتورية أو ديكتاتورية دينية. نحن نؤمن بأن بديل هذا النظام هي السيدة مريم رجوي. منظمة
مجاهدي خلق هي في مركز هذه الحركة”.
كما استمرت مظاهرات مناصري المقاومة بشغف وحرارة أكبر مقارنة بالأعوام الماضية عندما عقد
مؤتمر ميونيخ الأمني بمشاركة أكثر من ٦٠٠ رجل سياسة وخبير من مختلف البلدان لبحث الأزمات
الحالية والتحديات الأمنية والمستقبلية.
وفي أعقاب هذه السلسلة من مظاهرات الإيرانيين في الدول الأوروبية أدانت السيدة مريم رجوي
الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية يوم الخميس ٢١ فبراير خلال حضورها اجتماع الجمعية
الوطنية الفرنسية انتهاك حقوق الإنسان وإرهاب الملالي، وطالبت الحكومة الفرنسية، من خلال ذكرها
لمطالب الشعب الإيراني ورفعها للقلق الدائر حول تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية،
إعمال سياسة شجاعة على مستوى الاتحاد الأوروبي. ومن خلال إشارتها لمنصتها وموادها المعلنة
لإيران بعد سقوط نظام الملالي قالت: “نحن مدعومون من قبل شعبنا سعياً وراء جمهورية قائمة على
فصل الدين والدولة، والمساواة بين الرجال والنساء، وإلغاء عقوبة الإعدام، واستقلال القضاء، وتوفير
الحكم الذاتي للقوميات، والسياسة الخارجية القائمة على التعايش السلمي، وإيران غير النووية.”
إن زيادة نشاطات معاقل الانتفاضة في المدن الإيرانية والأنشطة الأخيرة للمقاومة الإيرانية وأنصارها
في الدول الأوروبية على هذا الجانب من المثلث وبموازاة ذلك الإجماع الدولي على الإرهاب الحكومي
وتهديدات صاروخ الملالي وتشكيل ائتلافات دولية قوية في مؤتمر وارسو ضد النظام في الضلع الآخر
من هذا المثلث، اللذين يقفان بالفعل بجوار الشعب والمقاومة الإيرانية، قد جعل نظام الملالي
ومسؤوليه الصغار والكبار أكثر خوفا من حقيقة أن نهايتهم قد أصبحا واضحة للجميع.
رؤوس نظام الملالي تلقوا الرسالة سابقا ودقوا ناقوس الخطر. ولذلك فإن كلمة إيران على الانترنت
تقول لنا بأن هناك تطورات كبيرة ستحدث فيما يتعلق بإيران وفي النقطة المركزية لهذه التطورات
هناك سقوط دكتاتورية الملالي. سقوط سيجلب الأمن والاستقرار للعالم ونظام الملالي مهما فهل هو
على منحدر نهايته السقوط الحتمي.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.