
لايبدو إن لدى الشرائح المختلفة من الشعب الايراني التي تواظب على اللجوء للنشاطات الاحتجاجية ضد النظام الايراني مايمکن وصفه بإستراحة محارب، بل إن هناك نوع الاستمرارية الملفتة للنظر في هذه الاحتجاجات إذ من الذين تم نهب أموالهم من قبل شرکات مشبوهة الى مزارعي إصفهان وأهالي الاهواز ومن هٶلاء الى العمال ومن العمال الى طلبة الجامعات بحيث تبدو وکأنها مسابقة رکضة“البريد“، حيث إن الاحتجاجات تتواصل من شريحة الى أخرى والهدف النهائي في طهران.

مع کل تلك القوة والاندفاع والحماس الکبير الذي رافق إنتفاضة عام 2009، لکنها مع ذلك لم تدم طويلا لأسباب کثيرة من أهمها هو إنه لم يکن هناك من موجه لها کما إنها لم تحظى بدعم دولي بل کان الموقف الدولي محبطا ويدفع لليأس والتشاٶم، غير إن الذي فاجأ النظام الايراني مع إنتفاضة 28 ديسمبر/کانون الاول2017، هو إستمرارية وديمومة الاحتجاجات التي أعقبتها والتي تعتبر إکمالا وإتماما لها.

لايوجد هناك من شك بأن الاوضاع بين طهران وواشنطن وفي ضوء فشل المقترحات والاتصالات
السرية لحد الان في إيجاد أرضية مناسبة لحدوث تقارب بينهما، تتجه نحو المزيد من التصعيد، لكن مع
ملاحظة مهمة جدا يجب أخذها بنظر الاعتبار وهي إن التصعيد الامريكي يرافقه المزيد من الإجراءات
العملية العقابية ضد إيران فيما يبدو على الاخيرة ولحد الان إن تصعيدها يصطبغ لحد وبش?ل واضح
بالبعد النظري، أي مجرد إطلاق التهديدات.

طوال عام 2018، كان التطرف والإرهاب، أكبر تهديد يحدق بالمنطقة والعالم، خصوصا بعد أن تفاقمت
الأوضاع في سوريا والعراق واليمن ولبنان وسارت من سيئ إلى أسوأ وتركت آثارها وتداعياتها السلبية
على أكثر من صعيد، ومعروف للجميع أن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وبالاستناد على الکثير
من الادلة والمعطيات، يقف خلف تفاقم كل تلك الاوضاع من خلال تدخلاته في تلك الدول، لکن وفي
نفس الوقت يجب أن لاننسى بأن عام 2018، کان عاما حافلا بالتحرکات والنشاطات الاحتجاجية ضد
النظام والتي تميزت وتتميز بدرجة من التنسيق والتعاون بين الشعب والمقاومة الايرانية.