إيران ..نظرة عامة على الأزمة الاقتصادية لنظام الملالي في العام المنصرم
إيران ..نظرة عامة على الأزمة الاقتصادية لنظام الملالي في العام المنصرم – شهد القطاع الاقتصادي في إيران عام 2019 أكثر الأزمات حرجًا بين القطاعات الأخرى في ظل حكم الملالي.
إذ يعد النمو الاقتصادي ومعدله من أهم المؤشرات للتقييم الشامل للاقتصاد الكلي. وذكرت صحيفة “فرهيختكان” الحكومية في تقريرها في 17 مارس 2020 : ” كان النمو الاقتصادي الإيراني في عام 2019، سالب-7 اعتمادًا على النفط وبدونه لاقترب من الصفر”، مما يعني أن الحجم الكلي لإنتاج السلع وتقديم الخدمات أقل، مقارنة بالعام السابق.
ويفيد التقرير المذكور أن فحص البيانات الإحصائية المستمدة من نظام تسجيل المعاملات العقارية في البلاد أنه تم تنفيذ ما مجموعه 74 ألف و 659 عملية إسكان في المناطق الـ 22 في مدينة طهران خلال 11 شهرًا من العام الحالي، مما يشير إلى تراجع عدد عمليات الإسكان بنسبة 36,4 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2018 التي وصلت إلى 117 ألف و 363 عملية .
كما أن الأسعار تعتبر من المؤشرات الهامة جدًا في تحليل الاتجاهات المستقبلية في قطاع الإسكان. وتشير الدراسات الإحصائية في هذا الصدد إلى أن سعر المتر المربع للسكن في مدينة طهران خلال 11 شهرًا من عام 2019 ارتفع من 11 مليون و 269 ألف تومان في شهر مارس 2019 إلى 14 مليون و 397 ألف تومان في شهر يناير 2020، بزيادة قدرها 28 في المائة.
وتشير الدراسات الإحصائية إلى أن سعر كل قطعة من مسكوكات بهار آزادي في الخطة الجديدة وصل من حوالي 4 ملايين و 290 ألف تومان في 25 مارس 2019 إلى حوالي 6 ملايين تومان في 13 مارس 2020، مما يشير إلى زيادة في السعر تقترب من 40 في المائة خلال هذه الفترة.
وخلال هذه الفترة، ارتفع سعر الذهب عيار 18 من حوالي 426 ألف تومان في 25 مارس 2019 إلى 581 ألف تومان في 12 أبريل 2019 بزيادة قدرها 38 في المائة . كما أنه خلال هذه الفترة أيضًا ارتفع سعر الأونصة الواحدة من الذهب في الأسواق العالمية من حوالي 1321 دولارًا في 25 مارس 2019 إلى 1565 دولارًا في 13 مارس 2020، مما يشير إلى زيادة قدرها 18 في المائة خلال هذه الفترة.
وبالتالي، إذا استبعدنا ارتفاع سعر الذهب بنسبة 28 في المائة في الأسواق العالمية، فإن الأسباب المحلية التي أدت إلى ارتفاع السعر من 20 إلى 21 في المائة قد ضربت سعر الذهب داخل البلاد.
وتشير الدراسات الإحصائية إلى أن سعر الدولار في عام 2019 ارتفع من 12 ألف و 952 تومان في 25 مارس 2019 إلى 14 ألف و 851 تومان في 12 مارس 2020، مما يشير إلى زيادة قدرها 20 في المائة في العام الحالي. ويمكن دراسة تقلبات أسعار الصرف عام 2019 في 4 مراحل عامة.
وفيما يتعلق بمعدل التضخم، يفيد تقرير مركز الأبحاث في مجلس شورى الملالي أن متوسط معدل التضخم عام 2019 بلغ 35 في المائة. (صحيفة “ستاره صبح”، 15 مارس 2020)
وكتبت صحيفة “جهان صنعت” في 15 مارس 2020: ” إن الاقتصاد الآن يشهد حالة من الركود الكامل، فميزانية الحكومة شحيحة والأنشطة الخدمية أيضًا تعاني من ضرر كبير بسبب تفشي فيروس كورونا ، في ظل ظروف لم تساعد على وجود أي استثمار مُجز، وغياب إمكانية تحقيق الإيرادات الضريبية.
فيما يجبر العجز في الموازنة الحكومة على الاقتراض من البنك المركزي وطباعة النقود. وعلى الرغم من أن هذا الأمر من شأنه أن يساعد على النمو الاقتصادي، إلا أنه ليس بالنمو الذي ينشأ عن زيادة الإنتاج. وبناءً عليه، فإن هذا النمو لن يساعد في حل مشاكل الشعب والاقتصاد”.
والغريب أن خامنئي، الولي الفقيه للنظام، وصف عام 2019 بعام ازدهار الإنتاج. وكتبت صحيفة “كيهان” الحكومية في 9 مارس 2020 في مقال بعنوان “الوضع السيء للصناعة في عام الازدهار في الإنتاج” : لم تشهد الصناعة في البلاد أوضاعًا جيدة في عام 2019.
ويفيد تقرير مركز الإحصاء أن نمو الصناعات والتعدين خلال الربع الأول من عام 2019 كان سلبيًا بنسبة 2,21 في المائة، وخلال الربع الثاني من نفس العام كان سلبيًا أيضًا بنسبة 7,23 في المائة.
وتفيد المسوحات أن إنتاج السيارات المختلفة في البلاد لا يزال يتراجع مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لدرجة أننا شهدنا انخفاضًا في إنتاج هذا القطاع خلال 11 شهرًا من هذا العام تبلغ نسبته 8,12 في المائة.
ومن حيث الصادرات والواردات، حسبما يقول الرئيس العام للجمارك، فإننا قد صدرنا سلعًا خلال 11 شهرًا بمبلغ قدره 38 مليار و 500 مليون دولار، إلا أننا استوردنا سلعًا بمبلغ قدره 39 مليار و900 مليون دولار، مما أثر بالسلب على الميزان التجاري للبلاد.
ومن بين السلع التي تم استيرادها، فإننا استوردنا سلعًا ضرورية بمبلغ قدره 14 مليار و300 مليون دولار فقط، وفي ظل هذه الظروف التي نعاني فيها من العقوبات التعجيزية استوردنا سلعًا غير ضرورية تتعلق بالرفاهية تقدر بمبلغ 25 مليار و 500 مليون دولار.
كما ذكرت وكالة “إيلنا” الحكومية للأنباء في 24 أغسطس 2019: ” إن الإغلاق والركود أثر على أكثر من ثلث الصناعات الصغيرة”. واعترف أحد وكلاء نظام الملالي في مجال الصناعة بأن “ما يتراوح بين 25 إلى 30 في المائة من الوحدات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة المنتشرة في البلدات والمناطق الصناعية متوقفة عن ممارسة نشاطها أو أنها شبه متوقفة تقريبًا”.
وحول صناعة السيارات ذكر موقع ” تابناك ” في 22 يونيو 2019: ” إن إنتاج السيارات تراجع بنسبة 41,9 في المائة”.
كما شهدت صناعة الأسمنت ركودًا أيضًا.
وذكرت وكالة “تسنيم” للأنباء في 18 سبتمبر 2019 على لسان خبير في صناعة الأسمنت قوله: “لم يكن هناك أي حركة في السوق واضطر المنتج إلى أن يبيع منتجاته بسعر أرخص في أسواق التصدير، بل وقلل من حجم إنتاجه.
وأضاف مشيرًا إلى أن الطاقة الإنتاجية للأسمنت في البلاد تبلغ 85 مليون طن : ومع ذلك فإن حجم إنتاج قطاعات الأسمنت في البلاد يبلغ 63 مليون طن.
ومن المؤكد أن القطاعات الإنتاجية تواجه مشاكل في التصدير بسبب الركود في السوق بفائض قدره 20 مليون طن من الأسمنت”.
إن النظرة العامة على بعض أخبار وسائل إعلام نظام الملالي توضح لنا حالة الركود بشكل أفضل.
فعلى سبيل المثال، ذكرت وكالة “تسنيم” للأنباء في 14 مايو 2019 : “إن جليل طباطبائي، أحد أعضاء اتحاد الأسفلت قال: إن عدد المصانع التي تمارس نشاطها في صناعة الأسفلت أقل من 10 مصانع من إجمالي 65 مصنعًا، وباقي المصانع أي 55 مصنعًا متوقفة عن ممارسة أي نشاط منذ أكثر من عامين”.
وذكرت صحيفة “آفتاب يزد” في 28 مايو 2019 : ” إن 5200 مزرعة لإنتاج الدواجن توقفت عن الإنتاج”.
وذكر موقع “اقتصاد آنلاين” في 8 سبتمبر 2019: “إن العديد من مجموعات الشركات مغلقة. وانخفضت معدلات العمران في السنتين الماضيتين، ولا يُقبل الكثيرون على المخاطرة بالبناء”.
وذكر موقع “جوان آنلاين” في 3 أكتوبر 2019 : ” أن العديد من المجموعات الشركات الإنتاجية مغلقة”.
وبنظرة عامة على حجم الموازنة المعتمدة لعام 2019 وكيفية تنفيذها ندرك الصورة الواضحة لانهيار اقتصاد نظام الملالي .
وقال روحاني في بداية شهر نوفمبر 2019 : ” بعد العقوبات المفروضة على النفط، من أين يمكننا تعويض العجز في الموازنة وقدره 300 ألف مليار تومان؟ ثم بدأ في الابتزاز وتفريغ جيوب المواطنين بفرض الضرائب.
فعلى سبيل المثال، بادر في شهر نوفمبر بالنهب من خلال رفع أسعار البنزين مقابل تحمل اندلاع الانتفاضة. إذ إنه رفع سعر الليتر فجاة من 1000 تومان إلى 3000 تومان، وبالتبعية ارتفعت أسعار السلع الأخرى.
وعلى أرض الواقع، أدى تعدد الغايات إلى إخماد موازنة التنمية. وبالتالي، تم فصل حشود من العمال والموظفين من العمل. وألغى الدعم المتدني عن بعض المواطنين، ورفع عن كاهله جزء كبير من التزامات التأمين الذي يجب أن يغطي تأمين الضمان الاجتماعي لكافة العمال وألقى به على عاتق الناس.
وألغى التأمين على 160 دواء والخدمات الطبية. ورفع سعر صرف العملة الأجنبية الذي كان في بداية العام يعادل 12500 تومان إلى 14600 تومان في آخر العام.
والأهم من كل ذلك تعتبر طباعة النقود دون غطاء من إحدى سياسات نظام الملالي المناهضة للشعب التي أدت إلى القضاء على قوة العملة الوطنية الإيرانية، وفرضت سيولة نقدية على الاقتصاد الإيراني بمقدار يتجاوز 2200 ألف مليار تومان.
والقضية الأخرى التي أُثيرت في موازنة عام 2019 هي أن موازنة البلاد يجب أن تركز على محور الضرائب بدلًا من محور النفط. وتستوجب هذه السياسة في المقاوم الأول تحصيل الضرائب من الجميع، وثانيًا، كلما زاد رأس المال وغيره يجب بطبيعة الحال أن تزداد الضرائب.
ولكن من ذلك الذي يجهل اليوم أن أكبر الكيانات الاقتصادية التابعة لقوات حرس نظام الملالي ومكتب خامنئي معفاة من الضرائب، في حين أن الضغط الضريبي يُفرض على المشاريع التجارية الصغيرة وورش العمل الصغيرة والموظفين، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والغلاء والتضخم.
كما أن الصناع الإيرانيين يدفعون ضرائب تقدر بأضعاف ما يدفعه نظرائهم في الدول المتقدمة. حيث أنهم يدفعون وحدهم 61 في المائة من الضرائب في البلاد، في حين أن حصة ضريبة الصناعة في أغلب البلدان المتقدمة أقل من 10 في المائة.
وحول وضع الصناعة في الاقتصاد الإيراني وكيفية دفع الضرائب على مستوى العالم، صرح سينا أحديان، الخبير الحكومي في الشؤون الاقتصادية في برنامج “بايش”: ” تبلغ حصة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي 12 في المائة.
إلا أن الصناعة وحدها تدفع 61 في المائة من ضريبة الدولة. وهذا الأمر معكوس على مستوى العالم “. (موقع “خبر فوري” الحكومي، 25 نوفمبر 2019)
والحقيقة هي أننا في إيران نواجه في ظل حكم نظام الملالي نهبًا شاملًا متعدد الطبقات لممتلكات الشعب الإيراني بواسطة ولاية الفقيه ، وفيما يلي بعض منها:
1- قيام ما يسمى بـ ”لجان الثورة“ وزمرة المؤتلفة الفاشية بنهب الممتلكات المصادرة في بداية الثورة من عناصر نظام الشاه وتشكيل المؤسسات المفترسة بنفس الأموال تحت إشراف الولي الفقيه، مثل مؤسسة المستضعفين ولجنة تنفيذ أوامر خميني.
2- قيام زمرة المؤتلفة الفاشية وقوات حرس نظام الملالي وعملاء خامنئي باحتكار واردات وصادرات إيران.
3 – قيام قوات حرس نظام الملالي بالتهريب غير المحدود من خلال أكثر من 190 ميناءًا خاصًا وعدة مطارات خاصة.
4 – الخصخصة الغادرة للوطن، حيث باعوا مصنع هفت تبه لقصب السكر بمبلغ 2 مليون دولار فقط وبالتقسيط، في حين أن سعره الحقيقي يصل إلى 230 مليون دولار.
5- التنازل عن جزء مهم من صناعة البلاد لقوات حرس نظام الملالي وعلى وجه التحديد صناعة البتروكيماويات، ونهب البتروكيماويات وعدم إعادة الأموال، وأثيرت في صيف 2019 قضية الـ 30 مليار دولار غير القابلة للاسترداد التي نهبتها قوات حرس نظام الملالي.
6 – نهب الزيادة في سعر الصرف لدرجة أنهم أنفسهم يقولون التسييل من سعر الصرف.
7 – نهب سعر السلع التي يسيطر عليها نظام الملالي . مثل البنزين الذي رفعوا سعره فجأة بنسبة 300 في المائة وخفضوا القدرة الشرائية للمجتمع بأكمله بشكل حاد.
ومن الواضح أن عاقبة هذه السرقات تتجسد في دفع المجتمع نحو خط الفقر، حيث اعترف عملاء النظام الفاشي أكثر من مرة بأن خط الفقر وصل إلى 8 ملايين تومان، في حين أن رواتب 14 مليون عامل إيراني تصل في الأساس إلى مليون ونصف تومان.
ولاشك في أن هذا المبلغ المتدني يخص العمال المستأجرين، والعديد من العمال المتعاقدين بأجر أقل من هذا الراتب بكثير.
والحقيقة هي أن الاقتصاد الأمني والواردات المحورية يهدف إلى انتزاع كل شيء بذريعة أمن نظام الملالي واللصوصية وراحة زعماء النظام .
ولأنه يملك القوة والسلطة فلن يكون هناك تدقيق في الحسابات. ونتيجة لذلك، يستمر نظام الحكم في سرقة أصول المواطنين. ويخربون البيئة حتى لا تقي الناس من الكوارث الطبيعية، وينحدر الملايين من المواطنين تحت خط الفقر في كل كارثة.
ولذلك، على عكس شعار خامنئي بأن عام 2019 كان عام الازدهار في الإنتاج، نجد أن العديد من المصانع توقفت عن مزاولة نشاطها، ويعاني المواطنون من المزيد من الفقر والحرمان، والاقتصاد الكلي للبلاد على وشك الإفلاس التام.