اتحاد الطلبة في العراق.. عندما واجهت الأقلام هراوات الميليشيات
المصدر:ٰالحرة
رضا الشمري – واشنطن
اتحاد الطلبة في العراق.. عندما واجهت الأقلام هراوات الميليشيات – “من يجون أبچي (أبكي حينما يأتون)” يقول نور البحار متحدثا عن دخول الطلبة إلى التحرير الأسبوع الماضي.
كان واحدا من أصعب الأسابيع على المتظاهرين بعد أن شن مقتدى الصدر حملة إعلامية وميدانية لإنهاء التظاهرات.
في النجف قتل ستة محتجين في الأقل وأصيب عشرات برصاص ميليشيا القبعات الزرق، وأصيب أحد متظاهري كربلاء بجراح سببت له إعاقة دائمة.
وفي بغداد وبابل، اشتبك أعضاء القبعات مع المتظاهرين والمعتصمين، وسيطروا على رمز ساحة التحرير “المطعم التركي”، وعلى أجزاء واسعة ورئيسة من الساحات كلها.
للحظة “كنا نتصور إن كل شيء انتهى” يقول قاسم سليم وهو معتصم في ساحة التحرير منذ أسابيع، “في ليلة الثاني من نوفمبر، كان أعضاء القبعات الزرق ينتظرون على أبواب خيمنا بهراواتهم، ويدخلون أية خيمة يريدون للتفتيش والاستفزاز”، ويضيف لموقع “الحرة”، والكثير منا توقع أن هذا هو آخر أسابيع الاعتصام لكن الصباح كان مختلفا جدا”.
في الصباح، تحول الصمت الحذر الذي غطى ساحة التحرير طوال الليل إلى موجة هادرة من الهتافات بعد أن دخل الساحة آلاف الطلبة والطالبات بقمصانهم البيض ولافتاتهم الساخرة من الصدر وقبعاته الزرقاء.
كان التحول دراماتيكيا بالنسبة للمعتصمين “يشبه الأفلام” يقول سليم “فقط حينما أحسسنا إن كل شيء انتهى، حدث التحول الهائل في الأحداث، لم نكن نتوقع إنهم سيحضرون بهذه القوة في تظاهرة الأحد المعتادة”.
يتظاهر الطلبة في بغداد كل أحد بشكل منظم، لأن الأحد هو أول أيام الأسبوع في العراق، وهم بهذا يرسلون رسالة بأنهم مستمرون في الإضراب عن الدوام الذي بدأوه يوم 27 نوفمبر.
اعتداء (القباعات الزرق او سرايا السلام) على الطلبة السلميين في #ساحة_التحرير !!
بس اسمعوا اصوات البنات !!
انسحب أصحاب القبعات الزرق إلى الخلف تجنبا للصدام مع الموجات الهادرة في الثاني من شباط، لكنهم انتقموا في تظاهرة الرابع منه.استهدف عناصر الميليشيا الفتيات محاولين بث الرعب، لكنهم بدلا من هذا بثوا العناد كما يبدو.
انطلق اتحاد طلبة بغداد بعد أسبوعين من بداية “الثورة” يقول حسين علي ممثل قسم طب الأسنان في إحدى الجامعات والعضو في الاتحاد.
“كنا نحس بالحاجة إلى جهة تنظيمية تنسق احتجاجات الطلبة”، يضيف حسين لموقع “الحرة”، “انطلقنا من خيم الاعتصام الطلابية وبمرور الوقت ازداد تنظيمنا وشكلنا لجانا إعلامية وقانونية ومالية وناطق رسمي ولجنة وفود للتفاوض مع الجهات من خارج الاتحاد”.
ويتابع “نعتمد مبدأ التصويت ونتخذ قراراتنا بالأغلبية ولا توجد لدينا مناصب قيادية وإنما لجان متخصصة”.
ورغم هذا، وصل السياسيون إلى الأشخاص الفاعلين في الاتحاد لمحاولة التأثير عليهم، لكنهم فشلوا بحسب حسين.
“تعرضنا إلى الكثير من الترغيب والترهيب” يقول حسين، “اعتقل خمسة من طلبة الاتحاد وأصيب واحد آخر إصابة شديدة”، كما إن “ميليشيا مسلحة تقوم بمضايقتنا داخل الساحة”.
ويضيف “تعرض عدد من الطلبة بينهم فتاة للاعتداء في مسيرة الثلاثاء”، مؤكدا “كان رد فعلنا حازما وأجبرنا ميليشيا القبعات الزرقاء على الاعتذار بعد أن خرجنا بمسيرة كبرى يوم الخميس حمل الطلاب فيها الأقلام باعتبار إن القلم هو سلاحهم الوحيد لمواجهة هراوات وتواثي الميليشيات”.
اعتداء (القباعات الزرق او سرايا السلام) على الطلبة السلميين في #ساحة_التحرير !!
بس اسمعوا اصوات البنات !!
وتابع حسين “بعدها عرض أحد قياديي الميليشيات منحنا طابقا في بناية المطعم التركي وإعطاءنا السيطرة على منصة المطعم، لكننا رفضنا”.
وفي المقابل، يقول حسين، “عرض علينا أشخاص يمثلون الجانب الآخر المتطرف من العلمانيين عروضا أخرى، لكننا رفضناها أيضا على الرغم من إن المؤثرين في الاتحاد لديهم اتجاهات علمانية لكننا نريد العمل على الهوية الوطنية بدلا من الأيديولوجيات”.
وتابع “عرضت علينا أموال من متبرعين ورجال أعمال وسياسيون من طوائف واتجاهات مختلفة، لكننا رفضنا كل شيء”.
وتقول مصادر مطلعة من داخل الاتحاد إن “أغلب الأسماء التي طرحت لمنصب رئاسة الوزراء حاولت الاتصال بقيادات الاتحاد ورشوتها، منهم ممثلون عن رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي”.
لكن هذه المحاولات جوبهت برفض حاسم من ممثلي الاتحاد.
يقول حسين، “سمعنا إن إحدى الجهات السياسية أرادت نشر مؤيديها بيننا وهم يرتدون 2000 قبعة حمراء في رغبة لتحويل الصراع ضد الفاسدين إلى صراع ضد مقتدى الصدر فقط، ورأينا محاولات للتوزيع ونحن واعون لهذه المحاولات ونفشلها دائما”.
وفرضت أعداد الطلاب الكبيرة معادلا لقوة التيار العددية، لكنهم تفوقوا من ناحية التنظيم، ومقبولية الشعارات والموقف، والدعم المعنوي الكبير الذي يوفرونه للمتظاهرين ويتلقونه منهم.
وينسق الاتحاد لمسيراته من خلال مجموعات الفيسبوك الخاصة بالكليات، بحسب عضو الاتحاد علاء ستار الذي يقول إن “ممثلي الطلبة في الأقسام والكليات والجامعات الذين كانوا يتولون التنسيق بين الطلبة والأساتذة وتمثيل الطلبة أمام إدارات الجامعات انضموا إلى الاتحاد بعد تشكيله”.
ويضيف ستار “استخدمت مجموعات الفيسبوك (الكروبات) التي كانت تختص بالأمور الدراسية وجداول الامتحانات وغيرها للتنسيق لاشتراك الطلبة في الثورة”.
ويؤكد “اتحادنا تنظيمي أكثر مما هو تنفيذي ولا يريد الدخول في مفاوضات مع السلطة حتى بشأن المطالب”.
“أنقذت مليونياتهم الساحة”، يقول المتظاهر نور البحار، وهذا تعبير دقيق جدا، إذ إن إصرار الطلبة في بغداد وباقي المحافظات أفشل محاولات إنهاء التظاهرات بالقوة من قبل تيار مقتدى الصدر.
“هم روح الانتفاضة” يقول البحار، و”الرهان عليهم ممكن، لأن كل المتظاهرين متهمين بنظر السلطة إلا أصحاب القمصان البيض (الطلبة)، ومسيرتهم إنعاش للمعتصمين في كل أسبوع.
ويقول الصحفي أحمد السهيل لموقع “الحرة” إن اللافت “إن حراكهم لم يخرج من اجل مطالب متعلقة بالفقر ونقص الخدمات وبقية الأمور المطلبية، بل انه حراك واع سياسيا يهدف لبناء دولة حديثة”.
كما إن تأثيرهم المعنوي عال، يضيف السهيل “يبعثون شعورا بالوطنية يعيدك إلى تاريخ صناعة الأفكار والحركات السياسية التقدمية الديمقراطية التي نشأت من خلال حركات الطلبة على مر العصور لكنها بوعي القرن الحادي والعشرين ومتطلباته العصرية”.
ويعتقد الصحفي مهند الغزي إن “إنشاء اتحاد الطلبة هذا هو أحد أهم إنجازات ثورة تشرين”، مؤكدا لموقع “الحرة” إن “اتحادا طلابيا غير حزبي وفاعلا لم يتحقق منذ العهد الملكي في خمسينيات القرن الماضي”.