الإعلام الإيراني: الفقر يجعل تغيير النظام أمرًا حتميًا
بالرغم من إدراك العديد من المفكّرين والمراقبين السياسيين بأن حكومة الملالي على وشك الانهيار والإطاحة بها، ما زال يعتقد أعضاء ما يسمى بالفصيل الإصلاحي في النظام أنه من خلال الإصرار على عملية “الإصلاح”، يمكنهم منع الإطاحة بنظام الملالي.
يمكننا القول وبيقين كامل، أن حكومة الملالي كانت تفتقر إلى الشرعية الشعبية منذ بداية تأسيسها، وأن الملالي قد اختطفوا المسرح السياسي في البلاد من يد أبناءها.
على مدار عقود عدة، سعت عقول الفكر الأمني والاستخباراتي للنظام، في هيئة ما يسمى بالتيار “الإصلاحي”، إلى تعطيل مسيرة التغيير وإسقاط النظام وممارسة العديد من الألاعيب لمنع الإطاحة بالنظام.
ومع ذلك، فإن قاعدة التطور لا تأخذ في الحسبان أيًا من هذه المحاولات البائسة، وبمرور الوقت وفي غياب الاستجابة للاحتياجات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الإيراني، تصبح عملية التغيير والإطاحة أمرًا لا مفر منه.
لكن الفصيل الإصلاحي للأنظمة يحاول دائماً تأخير الإطاحة بنظام الملالي وإطالة عمره.
وسائل الإعلام الإيراني صحيفة “شرق” التابعة للفصيل الإصلاحي
ونظراً لوجود هذا الخطر المحدق بالنظام، قامت صحيفة “شرق” التابعة للفصيل الإصلاحي في النظام بمحاولة يائسة لبعث الحياة في النظام.
وفي إشارة إلى رسالة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، لا تزال جريدة “شرق” اليومية تدّعي أنه وعلى الرغم من فشل المشروع “الإصلاحي” ونهايته التي أعلنها الشعب الإيراني في يناير/ كانون الثاني 2018 بشكل واضح تحت شعار “إصلاحي، أصولي، انتهى الأمر برمته”، لا يزال المَخرج من المشاكل العديدة للنظام هو كلمة واحدة “الإصلاح”.
وأضافت الصحيفة، أن أعضاء الفصيل الإصلاحي إما يجهلون أو يتظاهرون بأنهم غير مدركين أنه في حال النجاح الفعلي للنظام في عمل إصلاحات حقيقية، فلن يتبقى من أثره شيء، وقد ذاق النظام بالفعل الانهيار والسقوط مرات عديدة.
من المؤكد أنهم غير مدركين لذلك. فحقيقة الأمر أنهم يخشون المصير الحتمي للنظام، نظرًا لأنهم جميعاً على متن السفينة الغارقة نفسها، حيث إنهم شركاء في الجرائم التي ارتكبها نظام الملالي على مدى الـ 42 سنة الماضية.
فالكلمة المعبرة عن الصورة التي يظهرون بها رسالة خاتمي هي “الاضطراب”. لكن مصطلح “الاضطراب” لا يعكس الوضع الحقيقي للنظام وقلقه العميق، فمع ظهور أي احتجاجات معيشية واقتصادية يتم تحويلها بسرعة إلى مواجهة سياسية مع النظام الحاكم.
لذلك، تشير “الإعلام الإيراني جريدة شرق” اليومية إلى “الأفكار الثورية” على أنها مسببات “الانهيار العنيف للهياكل السياسية” التي يمكن قراءتها على أنها الإطاحة بالنظام الحاكم.
لكنها في الوقت نفسه، جعلت من خاتمي ثوريًا جديدًا فشلت ثورته في تحقيق ما حلمت به الجماهير الثورية لإظهار عدم جدوى المسار الإصلاحي للمجتمع الإيراني، لمنع حدوث تغيير ثوري في النظام، وبدلاً من استخدام كلمة “إصلاحي” بسبب “الملل الاجتماعي” للشعب الإيراني تحاول إيجاد مصطلحات جديدة للإصلاحية الميتة في النظام.
هذه المجموعة تعلم جيداً أنه إذا اندلعت نيران الثورة وانهار النظام، فإنها ستحرق “الإصلاحيين” و “المتشدّدين” على حد سواء، ولن تكون هناك استثناءات.
لذلك، فإنها تشير إلى انتفاضة الطبقة الدنيا على أنها عبارة “لاذعة ومزعجة للغاية” يشعر عناصر النظام “بالخجل والذنب” للاعتراف بها، لكنه يعلم بأن الطبقة الدنيا، التي ليس لديها ما تخسره، “قد تطيح ببقايا النظام”.
ووفقًا للمقال، هنالك فئة ربما كانت على هامش التيار الرئيسي للثورة في عام 1979، لكنها ستلعب دورًا تاريخيًا في الثورة القادمة ضد حكومة الملالي ومرشدها الأعلى، على خامنئي، وبغض النظر عن إرادة الطبقة المتوسطة، والتي لم يعد لها وجود الآن وفقًا لتصريحات مسؤولي النظام. وأن ما تبقى هو الأغلبية شديدة الفقر على أحد جهتي المجتمع، بينما على الجهة الأخرى نجد الأقلية الحاكمة الغنية.
وخلافًا للاعتقاد السائد، أن قمع احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 أطفأت نيران الانتفاضة والثورة في إيران، لكن جريدة “شرق” مجبرة على الاعتراف بأن احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 قد ضاعفت “ثقة” الطبقات الدنيا وأن “شبح” هذه الاحتجاجات “أرعب” جميع أركان النظام.
تواصل جريدة “شرق” قولها بأن الاحتجاجات المستقبلية قد تفوق الانتفاضات السابقة في شدّتها، مع الفقر الذي يُنظر إليه على أنه النقطة المحورية للميول المناهضة للإصلاح، مثل “نهاية لإصلاح”، “الكابوس” أو “لحظة خروج العملاق من المصباح”. كما دعت الصحيفة إلى تركيز “إصلاحاتها” في المستقبل على منع حدوث أي عمليات للإطاحة بالنظام.
ومع كل هذه التفسيرات، تقول جريدة “شرق” بوضوح وبشكل لا لبس فيه أن الفقر جعل تغيير النظام أمرًا لا مفر منه والخطر حقيقي ويتطلب من مسؤولي النظام تصديق ذلك، وإلا سيحدث ما لا يحمد عقباه.