الصراع والجدال بين الزمر الحاكمة بشأن الضربة الاستراتيجية
التي تلقاها نظام الملالي
الصراع والجدال بين الزمر الحاكمة بشأن الضربة الاستراتيجية التي تلقاها نظام الملالي – بالنظر إلى الضربة الإستراتيجية التي تلقتها حكومة الملالي بمقتل قاسم سليماني، وبالنظر إلى أن كلا من الزعماء ووسائل الإعلام وعناصر الزمرتين الحاكمتين تسابقوا في التملق والإشادة به وبدوره الذي لا يضاهى في سياسة القمع وتصدير الإرهاب، وكان من المفترض أن یؤدي مقتل قاسم سليماني والضربة القاصمة التي تلقاها نظام الملالي إلى الوحدة الداخلية وتجنب الزمر للصراع والجدال.
ولكن نظرًا لأن نظام الملالي منكوب بالأزمات، وأن هذه الأزمات هي موضوع النزاع بين الزمر على الدوام، فإن هذه الضربة، أدت مرة أخرى إلى الانقسام والصراع داخل هذا النظام الفاشي في أيام تشييع رفات المجرم قاسم سليماني، بدلاً من أن تكون دافعًا للوحدة. وبعد دفن الجثة، استمر الصراع بشأن الضربة القاصمة أيضًا.
وترى صحيفة “همدلي” المنتمية لزمرة روحاني في 8 يناير 2020، أن مقتل قاسم سليماني، يدل على أن خطط الأعداء الكبيرة للنيل من نظام الملالي من شأنها أن تكون فخًا خطيرًا للغاية لبلادنا ( قل لحكومة الملالي). ولذلك، من الضروري أن نتمتع بالبصيرة ونتوخي الحذر من السقوط في فخ وخطة الأعداء”.
والبصيرة التي يقصدها كاتب المقال في صحيفة “همدلي” هي أن يتوخى نظام الملالي الحذر وأن يقلع عن الاستمرار في المغامرة وألا يلقي بنفسه في التهلكة أكثر من ذلك. ولذلك يطالب زعماء النظام بتقدير عواقب هذه التهلكة.
وفي وقت سابق، كان بعض عناصر الزمرة المسماه بالإصلاحيين قد حذروا في بيان معبرين عن حسرتهم وألمهم، زعماء النظام من اغتيال قاسم سليماني قائلين: ” نحن ندعو المسؤولين في البلاد إلى توخي الحذر من السقوط في الفخ الذي نصبه الداعين للحرب من الأمريكيين والإسرائيليين للإخلال بالعملية الطبيعية للتطورات في إيران وانتشار عدم الاستقرار وغياب الأمن في المنطقة والمزيد من بيع الأسلحة”. (وكالة ” إيرنا ” للأنباء 8 يناير 2020 )
وأصبح هذا التحذير فرصة لهجوم زمرة خامنئي عليهم. حيث أن صحيفة ” كيهان خامنئي” هاجمتهم، قائلةً: ” ما زالت هناك مجموعة داخل البلاد حتى الآن تتبنى مواقف انفعالية مثيرة للإشمئزاز في كل مكان وتتحدث عن التفاوض؛ ويبدو أنه لا دور لهذه المجموعة سوى تمهيد الطريق وتشجيع الأمريكيين. ففي بعض تصريحاتهم العجيبة استهدفوا روح الشعب والمسؤولين في النظام المعادية لأمريكا وأظهروا أنهم ليس لديهم أي دور سوى تمهيد الطريق وتشجيع الأمريكيين. (صحيفة ” كيهان ” 6 يناير 2020)
ورد الحرسي حسن عباسي، في مقطع فيديو نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، على مواقف الإصلاحيين وهددهم بالقتل على يد ما وصفه بـ ”أمة حزب الله“ في الشوارع، وفي هذا الصدد، قال: “إنني قلق من تيار النفاق في الداخل. وأحذر النائب العام للبلاد. فمشاعر الناس ثار ثائرها. إن الإصلاحيين يتلاعبون الآن بمشاعر الشعب في قضية استشهاد قاسم سليماني. وإذا خرج الناس وقتلوا زمرة الإصلاحيين في الشوارع، فلا تقولوا أنني لم أحذر “. (وكالة ” إيرنا ” للأنباء، 8 يناير 2020 )
ويشبه أحد عناصر زمرة خامنئي، يدعى محسن مهديان، عناصر الزمرة المسماه بالإصلاحيين بالحيوان المرعوب (وهو الحيوان المعرض لهجوم حيوان مفترس) وفقدوا إرادتهم وكل شيء”.
ونصح القوات المنهارة أن تعتبر “الجبناء المحليين (الزمرة المغلوبة على أمرها التي وقّعت على البيان) مثل الحيوان المرعوب، بل وأسوأ منه “. (تغريدة محسن مهديان، 4 يناير 2020 )
ومما لاشك فيه، أن هذا الانقسام والتشتت لم يقتصر على الزمرتين الحاكمتين فحسب، بل هناك تصريحات وأحاديث متناقضة بين زمرة خامنئي أيضًا بشأن كيفية الرد على ما فعلته أمريكا. فهناك عناصر بين هذه الزمرة تطالب برد فعل مصحوب بتوخي الحذر والحنكة.
وكتب موقع ” ألف ” الخاص بـ ” أحمد توكلي”، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، في تفنيد موقف حسن عباسي، تجاه الإصلاحيين، قائلاً: “على الرغم من أن هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يهاجم فيها شخصًا أو بعض الأشخاص بحدة بسبب العصبية، إلا أنه من المؤكد أنها المرة الأولى في مثل هذا الوقت التي يخلق فيها دم القائد سليماني الطاهر مثل هذه الوحدة الوطنية منقطعة النظير في مواجهة التهديدات الخارجية، وما زال جثمانه لم يدفن بعد حتى نجد شخصًا يحكم بتقطيع معارضيه بهذه السهولة نيابة عن الشعب “. (موقع ” ألف” 7 يناير 2020 )
والحقيقة هي أن هذه المواقف والتناقضات الداخلية حول هذه الضربة الاستراتيجية ناجمة عن المأزق الخطير الذي حل بنظام منكوب بالأزمات.
وفي هذه الأثناء، تريد الزمر المتناحرة داخليًا أن تستغل قضية مقتل قاسم سليماني، كما هو الحال في أي قضية أخرى، وتجني ثمارها في صراعها ضد الزمرة المنافسة وأن تكون لها اليد العليا.
وهذا ما اعترفت به صحيفة “جهان صنعت” في 6 يناير 2020، على لسان خبير حكومي، قوله: ” لقد استغل العديد من النشطاء السياسيين استشهاد القائد سليماني لتحقيق أهدافهم السياسية، وزادوا بتصريحاتهم غير المدروسة من الانقسام بين القوى السياسية. فنحن لدينا مجموعات وأفراد يثرثرون بلا منطقية. من بينهم كيهان والسيد محسن رضائي وآخرين. فهم أفراد لا قدرة لهم سوى على دعم العدو “. (صحيفة “جهان صنعت” 6 يناير 2020 )
إن الموقف الموحد والمتماسك في مواجهة الأزمات، وخاصة في مواجهة الضربة القادمة من الخارج ومن العدو، متوقع من نظام ينظر إلى المستقبل ويستقطب الشعب في صفه لمواجهة المشاكل والأزمات.
بينما هذه السيادة منقسمة على نفسها أيضًا ويقف ضدها مواطنون يريدون الإطاحة بها، فهم سعداء بالضربة التي تلقتها.
إن الثوار الذين طالبوا في انتفاضة نوفمبر 2019 بالقضاء على حكومة ولاية الفقيه برمتها ومن بينهم بعض العناصر من أمثال قاسم سليماني، يشعرون الآن بسعادة بالغة من مقتله ومن تلقي نظام الملالي هذه الضربة القاصمة.