الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

العراق انتفاضة قوية التأثير لاتعرف الكلل أو الملل

انضموا إلى الحركة العالمية

العراق .. انتفاضة قوية التأثير لاتعرف الكلل أو الملل نظرة على انتفاضة الشعب العراقي بعد هلاك الحرسي قاسم سليماني

العراق انتفاضة قوية التأثير لاتعرف الكلل أو الملل

 

العراق انتفاضة قوية التأثير لاتعرف الكلل أو الملل

نظرة على انتفاضة الشعب العراقي بعد هلاك الحرسي قاسم سليماني

 

بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

العراق .. انتفاضة قوية التأثير لاتعرف الكلل أو الملل – تواجه الانتفاضة المناهضة للحكومة في بلد من البلدان تهديدين خطيرين في طريق استمرارها. يأتي التهديد الأول من جانب الحكومة الحاكمة وغالبًا ما يكون في شكل عسكري مباشر. ويأتي التهديد الثاني من جانب نفس الحكومة ولكن مع حلفائها وفي شكل مؤامرة تنطوي على سيناريوهات معقدة والتسلل في صفوف الانتفاضة.  والعراق مثال واضح على ذلك.

 

لا تزال انتفاضة الشعب العراقي الأخيرة، التي بدأت في أكتوبر 2019 والآن على أبواب شهرها الخامس مصممة على تحقيق مطالبها دون كلل أو ملل، لأن جميع التهديدات المباشرة وغير المباشرة من جانب الحكومة العميلة قد فشلت في تقويض عزيمة وإرادة الثوار. وعلى الرغم من أن الثوار تصدروا المشهد السياسي مناهضين للحكومة احتجاجًا على الفساد والبطالة ونقص الخدمات العامة، إلا أنهم رفعوا سقف مطالبهم الآن إلى المطالبة بالإطاحة بالحكومة ووضع حد لتدخل النظام الإيراني في بلادهم، لأنهم بات لديهم اعتقاد بأن الحكومة الحالية ليست لديها أي نية لتلبية مطالبهم. 

 

وقد شهدت هذه المرحلة من الانتفاضة التي راح ضحيتها حتى الآن 600 شهيد وإصابة 25000 بإصابات خطيرة، تصاعدًا جديدًا بعد هلاك الجلاد قاسم سليماني، حيث قام المواطنون بإحراق الصور المشؤومة لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، فضلًا عن إضرام النيران في المراكز التابعة لنظام الملالي، وأثبتوا أنهم ما زالوا يركزون بإصرار منقطع النظير على تحقيق هدفهم الرئيسي وتغلبوا على تهديدات ومؤامرات النظام الإيراني ومجموعاته العميلة في العراق. ولا يعرفون الخوف من تقديم المزيد من التضحيات، وليس لديهم حل وسط لتحقيق النصر، ويرفضون المصالحة والاستسلام. لذا يتعين على المستقبل أن يحييهم ويفتخر بهم.

وضع انتفاضة الشعب العراقي الأخيرة في المشهد السياسي للبلاد

لا يخفى على أحد أن انتفاضة الشعب العراقي الأخيرة تعني إلغاء شرعية التيارات السياسية الحالية الحاكمة في البلاد والتي تسمى حتى الآن بالشيعة، ويعتبرها علي خامنئي قاعدته الاجتماعية في العراق.

 

إن نظام ولاية الفقيه في عهد خميني وأتباعه من بعده، دائمًا ما يعملون خلال العقود الأربعة الأخيرة، على توسيع الجزء الرئيسي في العراق الممتد من بغداد نحو المناطق الجنوبية في العراق، مستغلين مشاعر الشعب العراقي، وأعلن عن أن العراق هو رأس ماله الاستراتيجي وبدأ في الاعتداء على العراق، وكان تأجيج الحرب على العراق لمدة 8 سنوات نتاج نظرة خميني الظلامية التوسعية اعتمادًا على رأس المال المشار إليه الذي كان يزعمه خميني. ورسخ مثل هذا الادعاء والهجوم المعنوي وبعد ذلك الغزو الفعلي للملالي في الأذهان، وأصبح قاعدة وهمية لنظام الملالي بين شعوب المنطقة. 

هذا وقد باتت سيادة نظام الملالي في هذه المنطقة أمرًا واقعًا في ضوء هذا السياق الوهمي الدعائي الكاذب (ومن المؤكد في ضوء السياسة والاستراتيجية الغربية) بسقوط الحكومة العراقية السابقة وتغير الأوضاع السياسية في العراق في عام 2003 وإرسال قوات نظام الملالي داخل الأراضي العراقية، وبات المواطنون الشيعة في هذه المنطقة أسرى لعملاء النظام الإيراني، خاصة وأن النظام الإيراني أضفى على هؤلاء العملاء اسمًا رسميًا، وفي ضوء نفس السياسات والاستراتيجيات الغربية الخاطئة تولوا زمام الأمور في العراق. ومن بينهم حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وفيلق 9 بدر وحزب الله، وآخرهم وأخطرهم الحشد الشعبي ومئات المجموعات الفرعية التابعة لهم. ونشير في مثال بسيط إلى أن وصول خميني في 1 فبراير 1979 واحتلال هذا التيار المتخلف لإيران دليل واضح على مثل هذه الأحداث التي كانت نتاج ظروف وأيادي خفية وراء التطورات، وليس بسبب تجذر مثل هذه التيارات في المجتمع!

 

وعلى هذا الأساس، باتت المحاصصة في المشهد السياسي العراقي بين الفئات الرئيسية الثلاث؛ الشيعة والسنة والأكراد طابعًا مؤسسيًا عليه،  ونظرًا لأن الشيعة يمثلون أغلبية سكان العراق البالغ عددهم 39 مليون نسمة يرى الرأي العام أن ذلك يخدم مصالح النظام الإيراني كأمر واقع. 

 

وبناءً عليه، فإن انتفاضة الشعب العراقي الأخيرة، قبل كل شيء، شكّكت في المشهد السياسي العراقي والمحاصصة الطائفية في نظام الحكم، وكما أعلن الثوار رسميًا أكثر من مرة، فإنهم يعارضون استمرار هذا النظام السياسي ويطالبون بتولي حكومة وطنية شعبية تكنوقراطية زمام الأمور في البلاد وحذف المحاصصة الطائفية!

 

ومن الطبيعي أن يتبع السنة والأكراد مثل هذا النظام ومواكبة انتفاضة الشعب، على الرغم من توخي الحذر في بداية الأمر من التقارب (وهو نتاج الدور المدمر للأطراف الإقليمية في هذه الأثناء). والجدير بالذكر أن قبول هذه الحقيقة سيكون له دور مهم في مستقبل العراق. ويجب على الشعب العراقي وتياراته السياسية أن يؤمنوا بأن ما كان أساسًا للحركة منذ عام 2003 تحت مسمى المحاصصة السياسية الثلاثية قد انتهى الآن باندلاع انتفاضة الشعب العراقي التقدمية، وباتت هيمنة النظام الإيراني على الحكومة العراقية أمرًا باطلًا، ويجب تأسيس نظام جديد للبلاد، لأنه لم يعد هناك سكان شيعة يمثلون رأس مال وقاعدة اجتماعية للنظام الإيراني ومرتزقته، ولا يجب الاكتفاء بطرد الفرق والجماعات التابعة للنظام الإيراني من نظام الحكم في العراق فحسب، بل يجب تقديمهم للمحاكمة، ومن المؤكد أن سجل جرائمهم في القتل وارتكاب المذابح والنهب مليء بالجرائم وسيتعرضون لعقوبات مشددة. وهذه بداية لمرحلة جديدة في العراق تحمل السعادة وحسن الحظ لجميع أبناء الوطن.    

 

@m_abdorrahman

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.