الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

النظام الإیراني ومنظمة مجاهدي خلق والواجب القومي والتاریخي (3)

انضموا إلى الحركة العالمية

النظام الإیراني ومنظمة مجاهدي خلق والواجب القومي والتاریخي (3)

النظام الإیراني ومنظمة مجاهدي خلق والواجب القومي والتاریخي (3)

النظام الإیراني ومنظمة مجاهدي خلق والواجب القومي والتاریخي (3)
  

حسين داعي الإسلام

 

النظام الإیراني ومنظمة مجاهدي خلق والواجب القومي والتاریخي (3) – 1.منذ أكثر من ثلاثة عقود والجمهورية الإسلامية وحلفائها الفكريون والعمليون في إيران وخارجها يضخّون الدعاية الواسعة لتحویل عقول الأجيال الجديدة من الشباب والمجتمع والشعب الإيراني عن الحقیقة، وتلقینها بأنّ “مجاهدي خلق أسوأ من الجمهورية الإسلامية”!

 

الغرض من هذا الضخّ الدعائي الشامل وإنفاق ملايين الدولارات علیه، هو أولاً عرقلة مسیر التحالف مع مجاهدي خلق والالتحاق بهم وجعله أمراً مستحیلاً. ثانیاً تصویر أكبر قوة منظمة للمقاومة ونضالها المستمیت للإطاحة بولاية الفقيه تهديداً لمستقبل إيران.

 

تحقیقاً لذلك، أقدمت جمهوریة إیران الإسلامیة وحلفائها علی شتی صنوف شیطنة منظمة مجاهدي خلق من أجل تحييد وإبطال مفعول الإطاحة بالجمهورية الإسلامية باعتباره الحلّ الأمثل أو إجهاضه بالکامل.

 

2. علم خميني منذ عامي 1979 و1980 بالرفض المطلق لولاية الفقيه من قبل مجاهدي خلق وإصرارهم الشدید علی حرية التعبير والکتابة والتجمّع، واختلافهم الواضح عمن سواهم. لذلك بدأت الدعاية الدينية المضللة ضد مجاهدي خلق لتشویه صورتهم بإطلاق عناوين ضدهم مثل “المنافقين والانتقائیین” منذ عام 1979، لتبدأ بعد ذلك حملة إقصائهم وإبادتهم الفعلیة منذ عام 1980.

 

3. لم تكن رؤیة وعقیدة مجاهدي خلق وبقیة الجماعات والشخصیات، هي مسألة خميني وورثته، بل إنّ کل ما کان یهمهم هو معرفة ما إذا كانت المنظمة والجماعات الأخری أهلاً للرضوخ السياسي لولاية الفقيه وقبول قيادة الولي الفقیه (الإمام) أما لا.

 

جدیر بالذکر أنّ خميني استغلّ حزب “توده” الإیراني وأولئك الذين خانوا مُثُل منظمة فدائيي خلق المسلحة تحت غطاء “الأغلبية” و”الأقلية” على حساب مجاهدي خلق وغيرهم من الجماعات والشخصيات المعارضة للولي الفقیه. مثلما یحقق الولي الفقیه الآن أقصى استفادة ممکنة من أنصار الملکیة للدعاية ضد منظمة مجاهدي خلق.

التطرّق إلی الإجابة الشاملة على السؤال الرئيسي

نعرج الآن على أهم جانب في المقال أي الإجابة علی السؤال الرئيسي التالي: ما هي حقاً القضیة والمشکلة بين مجاهدي خلق وبین الجمهورية الإسلامية وحلفائها الفكريين والعمليين؟

 

في الجزء الثاني من المقال، تمت الإشارة إلى أنه من المنظور الحالي وبعد 40 عاماً علی كل تلك المجازر والاغتيالات والتفجيرات والهجرات التي حلّت بمجاهدي خلق فضلاً عن الضخّ الدعائي الواسع ضدهم وشیطنة حرکتهم- وزجّ بعض أسرهم إلى داخل هذه الحرب السياسية عنوةً- فإنّ حقيقة النقد والواقع الراهن یشهدان بأنّ مجاهدي خلق “لم ينكسروا، لم ينهاروا، وبقوا صامدین”. لكن كيف ولماذا؟
هذا هو الموضوع المحوري في الأربعين سنة الماضية.

 

كانت الثورة العقائدیة لمجاهدي خلق، التي بدأت في أواخر عام 1984، وأصبحت الآن نمطاً من الحياة الطبيعية بالنسبة لهم، كانت أول ابتكار في تاريخ صراعات التحرّر على مرّ القرون الماضية، وسجلت لهم أكبر تكلفة نضالیة وتنظيمیة واجتماعیة. كما أنهم يعتقدون أنها سلاحهم الأكثر فاعلية للإطاحة بالجمهورية الإسلامية.

 

في الجزء الأول من سلسلة المقالات هذه، تمت الإشارة إلى “أهم الاتهامات والافتراءات الموجّهة إلی مجاهدي خلق طیلة 30 عاماً”. في هذا الصدد، يكفينا أن نعلم بأنّ بعض أهم تلك الاتهامات والافتراءات والألقاب الموجّهة إلیهم لم تکن إلا نتیجةً لثورتهم العقائدیة. مثل:

«الزواج والخداع باسم الثورة العقائدیة، المخدوعون بالقيادة الإيديولوجية، ضحايا الطلاق القسري، تدمیر وقمع الأسرة، مناهضة العواطف الأسریة تجاه الآباء والأشقاء والأطفال، أسرى ومرتزقة ومخدعو تنظیم رجوي، قامعو علاقات الرجال بالنساء، طائفة أسوأ من الملالي، ديكتاتورية القيادة والأعضاء عدیمو الإرادة، الاعترافات القسرية بسبب الأفكار الجنسية».

 

مجرد مراجعة وقراءة هذه الاتهامات يكفي لتخيّل ما هي القضية المهمة والحيوية التي کانت ولا تزال قائمة بين مجاهدي خلق وبین أعدائهم. من ناحية أخرى، يمكن للمرء أن يتخيّل الثمن الباهظ الذي يتعيّن على مجاهدي خلق دفعه لمواصلة نضالهم -بعيداً عن النسيج الاجتماعي لبلدهم- وعدم التمزّق والانهیار جراء الضخّ الدعائي الهائل.

 

من جدید یجب التذکیر متسائلین إذا أراد المرء مراجعة الثورة العقائدیة للمنظمة بعیداً عن قائمة الاتهامات والافتراءات الکاذبة هذه، فماذا ستجد وستفهم قواه العقلیة وما هي ردود الفعل التي ستقدمها هذه القوی بموضوعية وفي إطار مادي ملموس؟

هنا علينا أن نتوقف ونتروّی قلیلاً ونقلّب صفحات التاريخ بحثاً عن الحقیقة. علينا أن نرى لماذا اختار مجاهدو خلق الثورة العقائدیة وماذا كانت نتيجتها؟

 

نحتاج أن نرى لماذا نظمت الجمهورية الإسلامية أكبر حملاتها الدعائية والشيطنة ضدهم علی صعید ثورتهم العقائدیة؟ ولماذا تنفق أموالاً طائلة في سبیل ذلك لدرجة أنها تقوم بشکل هیستیري بالبحث عن عضو واحد من مجاهدي خلق لاستمالته والاستثمار علیه؟

 

أين مصدر الاختبارات البشرية؟

 

نريد أن ندخل إلى ممر قاعة طویل، حيث توجد الكثير من اللوحات على الجدران یساراً ويمیناً. نتوقف أمام بعض اللوحات لفترة من الزمن، ونمر أمام بعضها الآخر بسرعة أکبر، ونفسّر تفاصيل بعض منها.

 

کخطوة أولى یجب معرفة أنّ المرء لا یختار بنفسه التجارب والاختبارات البشرية. عندما نطأ ميدان النضال من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، نجد أنّ تلك التجارب تنبع من تلقاء نفسها من قلب النضال ضد الديكتاتوريات والحکومات المستبدة. إلیکم بعض الأمثلة علی ذلك:

1. کان من غير الممکن أن يعرف مجاهدو خلق والجماعات السياسية الأخرى النشطة خلال عامي 1979 و1980 أو أن يتخيّلوا أنّ خميني سيرجع عن جميع وعوده التي قطعها في باريس، ويدرج إمبراطورية ولاية الفقيه في الدستور.

 

لو كانت هناك مثل هذه الفكرة والتکهّن لما كانت الانتفاضة المعادية للملكية ستحدث على الإطلاق. ولكن عندما نکث خميني العهود، لم یکن أمام مجاهدي خلق وغیرهم خیار سوی الردّ على مثل هذا الاختبار بما یناسب طبیعة کل قوة معارضة، والآن وبعد 41 عاماً قدّم الجمیع تجاربهم تقریباً.

 

2. لم يتخيّل مجاهدو خلق أو أي قوة إيرانية معارضة أخرى أنه سيتعين عليهم الهجرة من إيران يوماً ما، واكتشاف قوانين واستراتيجيات غير معروفة على بعد بضعة آلاف من الكيلومترات من وطنهم حتى يتمكّنوا من مواصلة كفاحهم. لم يكن لضمائر وأذهان مجاهدي خلق أن تتنبأ بزمن یضطرهم إلى التضحیة بکل غالٍ ونفیس خارج إيران لمواصلة النضال من أجل الحرية.

 

لم تعتقد قيادة مجاهدي خلق أنهم سيختبرون ذات يوم اختباراً شديداً وقاسیاً کهذا يضطرهم إلى تحمّل جميع المصائب في سبیله حتى لا ينقطع النضال ضد خميني في بلاد المنفى، ولا تعید التجارب التاریخة لإیران تکرار نفسها من جدید.

 

لم يتخيّل المجاهدون أبداً أنه خارج إيران، لن يبقى شیئاً یمکن تسمیته بالنضال المهني الكامل ضد أفعی حکم خميني الکهنوتي في ظل العلاقات الأسریة ومتطلباتها الضروریة المعهودة التي تستغرق من وقت المرء أربع وعشرين ساعة کاملة.

 

وقد ثبت أيضاً أنّ كل قوة بدأت أو شخص بدأ النضال ضد خميني واضطر إلی ترك إیران، قد فتنته وشغلته الحياة عن غایته بعد فترة وجیزة، وبات نضاله أشبه ما یکون بمحاولة لملء جدول الکلمات المتقاطعة لا أکثر!

 

«أکون أو لا أکون» مجاهدي خلق

إذن في بداية اللوحة الأولی من هذه القاعة التاريخية، نرى أنه كان على مجاهدي خلق تحديد شكل ومضمون نضالهم المهني خارج إيران بعد المرحلة الأولى من الكفاح المسلح. وقد وضعت جدیة النضال ضد خمیني وصعوبته، ضرورة التحدید والاختبار أمام مجاهدي خلق والأحزاب والجماعات والشخصیات المعارضة الأخری.

 

هنا أیضاً و مثل عامي 1979 و1980، حدّدت كل حركة كيفية الاستجابة لظروف النضال بالاعتماد على طبيعتها الخاصة.

 

وأدرك مجاهدو خلق أنه لم يعد من الممكن مواصلة الطریق خارج إيران مع الأسرة ومستلزماتها علی مدار أربع وعشرين ساعة.

وكانت النظرية تفید بأنه بعد 20 يونيو 1981وتغییر مرحلة النضال، لم تكن الرجعیة وحدها هي تهديد الحركة وأعضائها، بل البرجوازية وقيمها الكلاسيكية المحددة.

 

حسناً وما كانت عقبة مجاهدي خلق خارج إيران؟ کانت عقبتهم هي نظام صغیر عمره آلاف السنين يُسمّی الأسرة ومعه فکرة قدیمة قدم الحیاة البشریة علی کوکب الأرض تُسمّی الجنس أو الجندر، فضلاً عن نسیج ولایة الفقیه الفکري الذي یعتمد علی فکرة الأسبقية التاريخية للرجل على المرأة، وعلی مناهضة النساء اللاتي لا یملکن حق الاعتراض والعصیان علی مصیرهن المحتوم في منطق الملالي.

 

تعرض المجاهدون لاختبار في خارج بلادهم ناجم عن نضالهم ضد مبدأ ولاية الفقيه بالتحدید. كان عليهم أن يتصارعوا مع وحش التفكير والنهج الجنساني القدیم قدم البشرية، ویخوضوا اختباراً صعباً ضده یتمخّض عن اختیار قاسٍ في نهایة المطاف.

 

ولكن كان لديهم منارة یهتدون بها اجتثت من السجون وجمیع أنحاء إيران والعالم مفادها أنه في طریق النضال من أجل الحریة- خاصة ضد تنانین الدیانة/الجنس الحاکمة- یجب علی المناضلین عدم السعي وراء مصالحهم الشخصیة في المقام الأول.

 

هل كان مثل هذا الاختيار خاص بالمجاهدين؟ أبداً! كان الآلاف من المقاتلين الإيرانيين وغير الإيرانيين قد ضحوا من قبل بمصالحهم الشخصية من أجل حركة الحرية والعدالة الاجتماعية، بفارق أنّ اختيار المجاهدين یختلف اختلافاً شاسعاً عن اختیار سنوات 1979 و1980 و1981.

 

ورقة مجاهدي خلق الجديدة وعقوبتها!

 

عند اللوحة الأولى لهذه القاعة التاريخية، تتضح الخطيئة العظيمة التي ارتكبها المجاهدون والعقوبة التي يستحقونها من منظور الملالي الغارقین في الفكر الجنسي ومناهضة المرأة! وبهذا أصبح التفکیر التقلیدي السائد عن الرجل والمرأة، عماد جهاز الضخّ الدعائي الهائل للجمهوریة الإسلامیة وحلفائها الفکریین والعملیین القائم علی استغلال اختیار مجاهدي خلق، لکنه في الوقت نفسه أصبح ورقةً تکشف الملالي وسلاحاً یفتك بهم لا بأعدائهم.