الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

معاقبة «الحرس الثوري» الإيراني انسداد «شريان الحياة» للأسد

انضموا إلى الحركة العالمية

الحرس الثوري الإيراني وصناعة الميليشيات عبر سورية

معاقبة «الحرس الثوري» الإيراني انسداد «شريان الحياة» للأسد

هيثم المالح

أصدرت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقريراً تؤكد فيه أن غاز الكلور استخدمه نظام الأسد في الهجوم على مدينة سراقب السورية في أوائل شباط (فبراير) الماضي. وبالطبع، كانت واحدة فقط من حالات عدة استخدم فيها النظام أسلحة كيماوية ضد السكان المدنيين، ولم تكن آخر حادثة من هذا القبيل. كان المجتمع الدولي غير متناسق في رده، لكن الولايات المتحدة اتخذت في الآونة الأخيرة خطوات يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً نحو تقييد قدرة الأسد على الاستمرار في هذه الفظائع وغيرها من الأعمال الوحشية، بينما يضغط جاهداً للقضاء على كل ما تبقى من المعارضة الديموقراطية والمقاومة لحكمه.

لا أقصد من الخطوات الأميركية الأخيرة الأمر الصادر عن إدارة ترامب بضربات جوية في نيسان (أبريل)، فعلى رغم أهمية مثل هذه التدخلات، فهي غير كافية بمفردها لمعالجة جذور قدرة الأسد على قمع الحقوق الأساسية للشعب السوري باستمرار، والسبب هو أن جذور هذه الجرائم لا تأتي من دمشق بل من طهران، وبالتالي فإن إعلان وزارة الخزانة الأميركية أخيراً عن فرض عقوبات جديدة على الأفراد والجماعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، قد يذهب إلى حد أبعد نحو تقويض انتهاكات الأسد أكثر من الهجمات الجوية المعزولة.

نحن في المعارضة السورية كنا نطالب لفترة طويلة بهذا النوع من المبادرات، ولتحقيق ذلك اتخذت إدارة ترامب خطوات منذ فترة طويلة في اتجاه إعاقة تأثير الحرس الثوري الإيراني على المنطقة، وإذا افترضنا أن هذه المبادرة استمرت بإسهامات من دول أوروبية أيضاً، فبإمكاننا أن نتوقع أن يكون للعقوبات وغيرها من أشكال الضغط الدولي أثر إيجابي ليس فقط على آفاق حل سلمي للمجازر في سورية الأسد، ولكن أيضاً على قرارات مماثلة للحروب وغيرها من أشكال الصراع في اليمن والعراق والبحرين وغيرها من الدول.

وكما لاحظ وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس وعدد كبير من الخبراء في شؤون الشرق الأوسط، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تركت بصماتها على كل أزمة كبيرة في المنطقة. وفي شكل أكثر تحديداً، تقود قوات الحرس الثوري الإيراني الموضوعة على لائحة الإرهاب المشروع التوسعي الإيراني من خلال تجنيد وتمويل وإمداد عدد كبير من وكلائها على غرار جماعة «حزب الله». ولا يتردد الحرس الثوري الإيراني أبداً في إقحام نفسه في شكل مباشر في تأمين موطئ قدم إيراني دائم وتعزيز موقف طهران ضد الدول العربية والغربية.

العقوبات الأميركية الجديدة التي تشمل فرض عقوبات على رئيس البنك المركزي الإيراني، وتتحدث بوضوح عن ضرورة إضعاف الأسس المالية لعمليات «فيلق الحرس الثوري الإيراني» الإرهابية، لا شك أنها في الاتجاه الصحيح في السياسة الغربية التي طالما رفضت الاعتراف بالهوية الإرهابية للحرس الثوري الإيراني. في السابق، كانت العقوبات الأميركية ذات الصلة مقصورة على «قوة القدس»، والتي هي بالتأكيد المصدر الرئيس للسلوكيات الإيرانية الخبيثة، ولكن لا يمكن فصلها عملياً عن الأنشطة المالية لمنظمتها الأم الحرس الثوري الإيراني.

وعلى رغم أن القرارات المؤسفة للغاية الخاصة بالسفارة الأميركية في إسرائيل والأزمة الفلسطينية ودلالة هذه القرارات على أن إدارة ترامب معيبة في فهمها لقضايا الشرق الأوسط في شكل عام، إلا أن نهجها السياسي الثابت تجاه إيران لم يكن خاطئاً أبداً. وفيما يتعلق بموضوع إيران كان الرئيس ترامب مقاوماً في شكل غير عادي أمام السذاجة والتفاؤل الخاطئ الذي كان ميزة العديد من قرارات سلفه باراك أوباما، بغض النظر عن الأخطاء في أماكن أخرى فإن تأثير هذا التحوّل قد يكون نوعياً، لأن ما يحدث في إيران سيكون له تأثير كبير في جميع أنحاء المنطقة، خصوصاً في سورية. لا يسعني إلا أن أتكلم بوضوح وتفصيل عن تأثير إضعاف الحرس الثوري الإيراني من الناحية المالية على سورية وآفاق مستقبلها الديموقراطي، ولكن، عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع السلوك الخبيث لطهران، فإن هناك حاجة إلى صوت واحد وإلى إجراءات إقليمية ودولية موحّدة. يجب على الإيرانيين والعرب والأوروبيين والأميركيين أن يتحدثوا بصوت واحد وأن يظهروا بكلمة واحدة أمام آيات الله في طهران.

إحدى المناسبات التي من شأنها تحقيق هذا الموقف ستكون من دون شك بباريس في الـ30 من حزيران (يونيو) في المؤتمر العام للمقاومة الإيرانية الذي يقيمه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والذي سأشارك فيه مع إخواني وأخواتي في المعارضة السورية. وسيحمل هذا المؤتمر رسالة واضحة: «يجب على الغرب دعم سياسة صارمة في شأن إيران ودعم رغبة الإيرانيين في تغيير النظام في بلدهم».

كان قائداً فرنسا والمملكة المتحدة، من بين آخرين، سارعوا للانضمام إلى الولايات المتحدة في شن هجمات ضد المواقع الكيماوية في سورية. يجب أن يكونوا سريعين في اتخاذ إجراءات من شأنها أن تقطع شريان الحياة الذي تمسك به طهران لنظام الأسد. فقط بسبب هذا الدعم الخارجي استطاع النظام الأسدي التمسك بالسلطة وأن يقمع الإرادة العامة للحرية والديموقراطية. يجب أن تظل الولايات المتحدة مركزة على السلوك الخبيث للنظام الإيراني كمصدر رئيس للخراب في المنطقة وعدم تقديم أي مبرر للملالي لتبرير سلوكهم الشرّير.

التردد الغربي في فرض عقوبات صارمة على «فيلق الحرس الثوري الإيراني» يساعد في إبقاء شعب سورية في حال استعباد. وقد انتهج الغرب هذه السياسة الخاطئة مع الإيرانيين طوال ما يقرب من أربعة عقود، تصحيح هذا الخطأ الطويل الأمد للسياسة الغربية سيقطع شوطاً طويلاً نحو إنقاذ منطقة الشرق الأوسط بأكمله من الإرهاب والحروب والمجازر.

* رئيس اللجنة القانونية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»

المصدر: صحیفة الحیاة