التناغم ووحدة المطالب بين انتفاضة الشعب العراقي والإيراني دفعت النظام إلى حافة الهاوية
نظرة علی انتفاضة الشعب العراقي بعد هلاك الحرسي قاسم سلیماني
4-4
بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
نظرة علی انتفاضة الشعب العراقي بعد هلاك الحرسي قاسم سلیماني – بالنظر إلی الأشهر الأربعة الماضية، یتّضح أنّ استمرار الانتفاضة قد کشف عن حقیقة التيارات، وعزّز صفوف المتظاهرین وصقل عزم الثوار الحقیقیين، بالإضافة إلی التطورات المتسارعة للمشهد العراقي والإقلیمي والتي اکتسبت زخماً أکبر.
مخطط النظام الإیراني لتحويل مسار الانتفاضة الشعبية في العراق عبر إطلاقه لمظاهرة مضادة دعا إلیها عمیل النظام مقتدى الصدر الذي بنی بأمر من علي خامنئي آمالاً بعیدة المنال لخلافة العراق ، قد فشل تماماً ولم یؤثر أقل تأثیر علی الانتفاضة وزخمها، ورحّب الثوار العراقيون الحقيقيون بانسحاب جماعة مقتدی الصدر المنافقین من صفوف الحراك الشعبي وتطهیر الانتفاضة من دنسهم. وقد بارك قائد المقاومة الإیرانیة الثوار العراقيين بهذا الشأن عبر رسالة التهنئة التي وجهها إليهم قائلاً:
«انسحاب جماعة مقتدی الصدر من صفوف الحراك الشعبي لم ینقص من شأنكم شیئاً وإنما زادکم الخیر والبرکة. فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَیْعِکُمُ الَّذِي بَایَعْتُم بِهِ».
هل المتظاهرون العراقیون وحیدون؟
تزامناً مع استمرار انتفاضة الشعب العراقي، شهدت انتفاضة الشعب الإيراني في نوفمبر الماضي تصعیداً جدیداً. لقد ألحق الفصل المشترك من انتفاضة الشعبين على جانبي الحدود الإيرانية ضربة قاضیة لنظام الملالي إلى درجة أنه أثار إدانة عالمية لقتل المتظاهرین العزّل علی ید قوات النظام الإجرامیة أثناء قطع الإنترنت.
لقد ارتكب علي خامنئي وأجهزته القمعية جريمة ضد الإنسانية خلال قطع خطوط الاتصال في إيران وعزله عن العالم الخارجي، راح ضحیتها أكثر من 1500 شهيد و4000 جریح وأكثر من 12000 معتقل في أقل من 10 أيام!
الرسالة التي حملتها الانتفاضة الإیرانیة الباسلة للمتظاهرین العراقيين تضمّنت ضرورة استمرار الانتفاضة حتی تحقيق المطالب وضرورة تضامن الشعبین الشقيقتين ضد العدو الواحد وهو نظام ولایة الفقیه المتعطّش للدماء وحکومته العمیلة في العراق.
أساسیات انتفاضة الشعب العراقي
الیوم تسعی انتفاضة الشعب العراقي المدججة بسنوات من الخبرة والألم إلی إنقاذ العراق من موجة التخلّف والتطرّف والإرهاب والقتل والدمار وانعدام الأمن. یمکن تلخیص أهم أسس هذه الانتفاضة بالتالي:
العامل الرئیسي في انتفاضة الشعب العراقي ضد النظام الإيراني یتجلّی في وعي الشعب العراقي وعلی رأسه الشباب بالطبيعة اللاإنسانية والرجعية للنظام الإيراني ومخططاته الشریرة لتدمير العراق والأهم من ذلك سلوكه المدمّر على مدار السنوات الـ 17 الماضية في هذا البلد. وقد أدّت مقاومة المتظاهرین والشباب الثوریین في ساحة التحرير وغيرها من ساحات الاعتصامات وصمودهم علی مواقفهم الرافضة إلى حصولهم علی دعم أوسع من جميع أنحاء العراق.
بعد تجربة داعش المریرة والجرائم التي ارتكبتها هذه الجماعة المتطرّفة الإرهابية لسنوات عديدة، شهد الشعب العراقي جماعة أصولية إرهابية أخری أسوأ بکثیر من جماعة الدولة الإسلامیة تُدعى “الحشد الشعبي” والتي تتألف من عدة میلیشیات تابعة للنظام الإرهابي الحاکم في إيران محاولةً فرض نفسها علی الشعب العراقي أسوةً بقوات البسيج التابعة للحرس في إيران المحتلة من قبل الملالي. لكن المتظاهرين العراقيين قاوموا هذا التهديد الفعلي والخطير وطالبوا بإزالته!
ليس هناك شك في أنّ الوضع الإقتصادي المتدهور في العراق الناجم عن عقدين من الفقر والفساد ونهب الثروات الوطنیة من قبل الحكومة العراقیة العمیلة والعصابات المقرّبة من النظام الإیراني المتسّبب في العدید من الآفات الاجتماعیة کالبطالة ونقص الخدمات العامة وجعل الشعب العراقي کنظیره الإیراني واحداً من أکثر دول العالم فقراً وحرماناً على الرغم من امتلاکه لثروات وطنية هائلة، كان عاملاً رئيسياً في اندلاع الانتفاضة الشعبية في العراق. ولهذا السبب تصدّر شعار «الشعب يرید إسقاط النظام» و«إیران برة برة» قائمة الشعارات التي أطلقها المتظاهرون العراقیون خلال الانتفاضة .
في حین أنّ الشعب العراقي کان حاضناً للقوة الرئیسیة للمقاومة الإيرانية علی مدار ثلاثة عقود واصفاً إیاها بالحلیفة والضیف الکریم، ودعمها مراراً وتكراراً بالتوقيعات الملیونیة، والتي نذكر منها توقیع ثلاثة ملايين شيعة لدعمها وکان وفیّاً إزائها. لذلك من الطبيعي جداً أن یکون حضور المقاومة الإيرانية لثلاثین عاماً وسط الشعب العراقي عاملاً مهماً في وعي العراقيين وفطنتهم لطبيعة نظام ولاية الفقيه اللاإنسانية الحاكمة في إيران ومطامعه في العراق.
لقد أدرك الشعب العراقي أنّ هناك دماء مشتركة تجري في عروق الشعب الإیراني وشقیقه العراقي وشعوب المنطقة برمتها، وأنه يجب عليهم محاربة العدوّ المشترك معاً لتکلیل انتفاضتهم وثورتهم بالنصر! هذا “النضال المشترك” تجلّی مرة أخرى في السعادة الكبیرة والمشتركة التي غمرت الشعبین الإيراني والعراقي بعد مقتل قاسم سليماني. وقد قال قائد المقاومة الإيرانية السيد مسعود رجوي مؤخراً في رسالته:
«ترید شعوب هذه النقطة من العالم الإطاحة بالنظام الفاشي الديني الإیراني ووکلائه ومرتزقته، ولابدّ من أن تنکسر القیود ویستجیب القدر والتاریخ لإرادة شعوبنا المنتصرة».
کما صرّحت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية في أغسطس عام 2003 قائلةً: «اسمحوا لي أن أعلن صراحة للعالم باسم المقاومة الإیرانیة الضالعة والرائدة في فضح المشاریع النوویة وأسلحة الدمار الشامل المحظورة لنظام الملالي بأنّ خطر تدخلات ومؤمرات وإرهاب نظام الملالي المتزایدة في العراق یفوق خطره النووي بمائة مرة»
وأما الکلمة الأخیرة التي یتوجّب قولها فهي : أنّ بعد هلاك قائد الحرس قاسم سليماني المجرم، شهد توازن القوی الإقليمية تغييراً حاسماً على حساب كفة النظام الإيراني التي هوت سريعاً إثر تصفية سليماني . لذلك فقد قرر المتظاهرون في إيران والعراق وبلدان أخرى بالمنطقة جعل يوم “النصر” والإطاحة بالنظام الإيراني وعملائه وشیکاً جداً. تحیة عطرة لشهداء الانتفاضتين الأبرار الحاضرین في مقدمة النضال والمساهمين بتحقیق النصر عاجلاً وفي أقرب وقت.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.