نيويورك تايمز: الأوروبيون يرون أن المحادثات النووية مع نظام الملالي تتجه نحو الانهيار ما لم يتغير موقفهم
صرّح مفاوضون أوروبيون إن حكومة الملالي المتشددّة الجديدة تبنّت عدد من مواقف لا تتوافق مع اتفاق 2015 في محادثات فيينا.
صرّح المفاوضون الغربيون الذين يحاولون إحياء الاتفاق النووي لنظام الملالي لعام 2015 يوم الجمعة، إن الحكومة الجديدة، الأكثر تشددًا في التاريخ الإيراني، تقترح تغييرات غير مقبولة على مسودة الاتفاقية الحالية، في الوقت الذي تمضي فيه بخطوات سريعة في برنامجها النووي.
حذرّ دبلوماسيون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا بعد خمسة أيام من الاجتماعات في فيينا، ما لم يغير النظام موقفه بشكل سريع، فليس هناك احتمال كبير لنجاح المفاوضات. كما تم تعليق المحادثات للتشاور مع الحكومات وقد تستأنف الأسبوع المقبل.
وقال الثلاثة في بيان مشترك “منذ أكثر من خمسة أشهر، أوقف نظام الملالي المفاوضات بشكل كامل، ومنذ ذلك الحين فإن النظام يتقدم في برنامجه النووي بشكل سريع. وفي هذا الأسبوع، تراجعت عن التقدم الدبلوماسي الذي تم إحرازه.
وقالوا أن نظام الملالي يخترق تقريبًا جميع التسويات الصعبة التي تم التوصل إليها في شهور من المفاوضات وتطالب بتغييرات جوهرية في النص، الأمر الذي يقوض المسودة، التي تم الانتهاء من 70 إلى 80 بالمئة منها على أقل تقدير.
وأضاف النظام أنه يريد العودة إلى اتفاق 2015، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، أو (J.C.P.O.A.) لكن الأوروبيين قالوا إن بعض مقترحات النظام لا تتعارض مع تلك الصفقة فحسب، بل إنها “تتجاوز” بنودها المتفق عليها.
وأضافوا: ” أنه من غير الواضح كيف يمكن سد هذه الفجوات الجديدة في إطار زمني واقعي على أساس مسودات نظام الملالي.” بينما تظل الحكومات الأوروبية “ملتزمة تمامًا بالطريق الدبلوماسي ” ، قائلين أن “الوقت ينفذ.”
ممثلو نظام الملالي على اليسار، وبريطانيا على اليمين ، خلال المفاوضات التي جرت هذا الأسبوع في فيينا، في صورة نشرها وفد الاتحاد الأوروبي في فيينا عبر وكالة فرانس برس – صور غيتي
كانت هذه هي المجموعة الأولى من المفاوضات بعد توقف دام خمسة أشهر أثناء تولي حكومة الملالي الجديدة السلطة والنظر في موقفها تجاه الاتفاق النووي، الذي تخلى عنه الرئيس السابق دونالد ترامب في مايو/ أيار 2018. ثم ركزّ السيد ترامب على معاقبة العقوبات الاقتصادية. في محاولة لإعادة النظام إلى طاولة المفاوضات في موقف أضعف أو حتى لإسقاط الحكومة نفسها.
فشلت حملة الضغط فشلًا ذريعًا. تريد إدارة بايدن إحياء الصفقة وتمديد مدتها إلى 25 عامًا بدلًا من 15 عام. لكن حكومة الملالي لا تريد فقط رفع جميع العقوبات، بل تريد أيضًا الحفاظ على بعض الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها منذ ذلك الحين في بناء أجهزة طرد مركزي متطورة وتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير ما سمحت به الاتفاقية.
يُقصد بعملية التخصيب، رفع نسبة الوقود وهو اليورانيوم -235، وهو أقوى أشكال العنصر، والذي يمثل أقل من 1 بالمئة من إجمالي اليورانيوم الموجود بالطبيعة. بالنسبة لمحطات الطاقة النووية، يتم تخصيبه عادة بنسبة تقل عن 5 بالمئة من اليورانيوم 235؛ وبالنسبة بتصنيع القنبلة الذرية، هناك حاجة إلى نسبة تخصيب تتجاوز أكثر من 90 بالمئة.
صرّح مجموعة من الخبراء أن نظام الملالي قد بدأ تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 60 بالمئة، وهو مستوى ليس له استخدام مدني. وهو ما يترك للنظام شهر واحد فقط أو نحو ذلك من قدرتها على إنتاج وقود نووي صالح للقنابل.
وينفي النظام بشكل كامل، نيته صنع سلاح نووي، لكنه يحرم الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، من الوصول إلى منشآت نووية مهمة كانت لديها بموجب اتفاق 2015. مع بقاء مرافق المراقبة المحدودة تحت تصرفها، قررّت الوكالة أن النظام قام بتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في مجمع فوردو المدفون بعمق وتقوم بتخصيب اليورانيوم هناك، وهو محظور بموجب اتفاق 2015.
في البداية، بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الصفقة النووية المبرمة مع نظام الملالي، التزمت إيران بقيودها، على أمل أن يجد الموقعون الآخرون حلاً. لكن بعد عام ، فقد النظام صبره وبدأت في انتهاك حدود الاتفاق. يمتلك نظام الملالي الآن أكثر من 2300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، أي 11 ضعف ما سمحت به الصفقة. كما يقوم النظام الآن بتحويل اليورانيوم الغازي إلى معدن، وهي خطوة مهمة في صنع قنبلة نووية.
ما لم يحدث تغيير مفاجئ في موقف النظام في المفاوضات، ستواجه الولايات المتحدة وإسرائيل قريباً أسئلة أكثر جدية حول ما يجب القيام به لكبح جماح نظام الملالي والالتزام بتعهدهما بعدم السماح للنظام أبدًا بامتلاك سلاح نووي. أوروبا أيضًا، ستشعر بأنها مضطرة إلى التفكير في عقوبات جديدة أشد قسوة وردعًا للنظام.
ولكن على الرغم من الجهود الأمريكية والإسرائيلية للتخريب وحتى المزيد من العقوبات الاقتصادية، يقترب نظام الملالي من امتلاك المعرفة اللازمة لتصبح إيران دولة نووية – وهو موقف غامض عن قصد بعدم امتلاك سلاح نووي ولكن القدرة على بناء واحد في وقت قصير نسبيًا، خلال أقل من عام واحد.
قال المفاوضون الإيرانيون إنهم يريدون التوصل إلى اتفاق في فيينا، لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة، يجب أن تتحرك أولاً. ويطالبون بإزالة جميع العقوبات الاقتصادية، ليس فقط تلك المفروضة على برنامجها النووي، ولكن آخرين يعاقبونها على دورها في الصراعات الإقليمية، بما في ذلك الهجمات على جيرانها. عندها فقط، كما يقولون، سيخفض النظام برنامجه النووي.
المصدر: نيويورك تايمز