وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية تحذر من قدوم “وضع خطير“
امتدّت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد بشكل يومي، وخلال الاحتجاجات الأخيرة في أصفهان، بدأ االمحتجّون بالمطالبة بحقوقهم الاجتماعية وترديد العديد من الشعارات السياسية، وقد شعرت وسائل الإعلام الحكومية بالقلق المتزايد في المجتمع وأقرّت بتلك الحقيقة.
تعود الموجة المعارضة الحالية في إيران إلى سنوات من فساد النظام واضطهاد الناس وسوء الإدارة، ونتيجة لذلك تراكمت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية إلى الحد الذي وصلت فيه للانفجار.
وفي يوم 2 ديسمبر / كانون الأول، كتبت صحيفة “جهان صنعت” الحكومية اليومية أن “السبب الرئيسي في تدهور الوضع في المجتمع الإيراني يرجع إلى سوء إدارة المسؤولين، خاصة من الحكومة التاسعة إلى الثانية عشرة. كما أصبح الوضع الاقتصادي أسوأ بكثير مما كان عليه في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين”.
وأضافت الصحيفة: “وهكذا، أصبح جزء كبير من الطبقة الوسطى في حالة من الفقر. الاختلافات الطبقية عميقة الآن لدرجة أن هذه الفجوة أثرت على روح المجتمع”.
وفي يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، كتبت صحيفة جهان صنعت مقالًا آخر جاء فيه أنه: “منذ عام 2009، كانت هناك العديد من الاحتجاجات. تباينت تلك الاحتجاجات بشكل كبير سواء من حيث كونها سلمية أو عنيفة، أو من حيث الطبقات الاجتماعية المشاركة فيها”.
الصحيفة نفسها أوردت في مقال آخر “كان هناك [احتجاجات] كبيرة من الطبقة الوسطى في عام 2009 بعد الانتخابات [الصورية] الحادثة آنذاك، ثم بعد ذلك وتحديدًا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، كانت هناك احتجاجات من الطبقة الفقيرة المحبطة بعد زيادة أسعار الوقود. ومؤخرًا كانت هناك العديد من الوقفات الاحتجاجية وإضرابات للمزارعين في أصفهان، وهم مجموعة تقليدية من المجتمع لم تلجأ إلى تلك الاحتجاجات من قبل.”
وأضاف المقال أنه “إذا فشل النظام في تلبية مطالب الشعب، “فإن الوضع سيصبح أكثر حساسية”. كما أنه “إذا لم يستجب النظام إلى تلك المطالب، وتوفير حالة من الرضا للطبقة الدنيا في المجتمع، خاصة في مجال الاقتصاد والمعيشة، فسيصبح الوضع أكثر حساسية. ولا يخفى على أحد في تلك الاحتجاجات الأخيرة، أنها قد اشتملت على محتجّين من جميع مناحي الحياة من عمال ومعلمين وغيرهم الكثير. وهذا يعني أن المواطنين على دراية [بأفعال النظام السيئة]. وهو أمر خطير إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم “.
ويتابع المقال قائلًا ”يجب دراسة هذا التغيير بعناية لأن الخبراء يعتقدون أنه يشير إلى حساسية الموقف ويثير بالضرورة التساؤل عن كيفية التعامل مع المحتجّين”، واصفًا الوضع الاجتماعي الحالي في إيران بـ “الخطير”.
كما أقرّت صحيفة جهان صنعت بعد ذلك، بأن النظام لا يستطيع تلبية مطالب المواطنين، لذلك سيلجأ بالتأكيد إلى المزيد من القمع.
وكتبت صحيفة جهان صنعت في مقال لها “لا يوجد حاكم يسمح للمظاهرات بالتقدم أكثر من حد معين. النظام لا يجهل حالة عدم الرضا المتفشية في المجتمع، لكن هذا ليس هو السبيل لحل المشكلة من جذورها. لقد تسارعت الاحتجاجات منذ عام 2009، و بدأت في الانتشار على نطاق واسع في 2018 و 2019 والآن في 2021.وبعبارة أخرى، أصبحت فترة الاحتجاجات أوسع وأكثر انتشارًا “.
يعاني الشعب الإيراني من ضغوط اقتصادية واجتماعية لا تطاق. كتبت صحيفة “ابتكار” اليومية الحكومية في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني أن “التضخم المتزايد، الذي تجاوز الآن 50٪، أثرّ على حياة الناس. الأمر الذي دفع المزيد من الأسر الإيرانية في إتجاه أن تصبح أكثر فقرًا”.
بينما يلقي العديد من المعلقين باللوم على العقوبات الدولية كسبب للمشاكل المالية للشعب الإيراني، أقرّت وسائل الإعلام الحكومية أن الناس يعانون منذ أن كان النظام يهدر ثروته الوطنية على أنشطته الخبيثة.
اعترف أحد خبراء الحكومة، يوم السبت الماضي، أن نظام الملالي أهدر 2 تريليون دولار من الثروة الوطنية في برنامجه النووي، مشيراً إلى أن تكلفة البرنامج النووي تقدر بما بين 1.5 إلى 2 تريليون دولار. كما كتبت صحيفة “أرمان” الحكومية اليوم السبت نقلًا عن هاني زاده “يبدوأن التقييم المبدئي من قبل خبير منظمة الميزانية والتخطيط لم يكن بعيدا عن الواقع”. “في الحقيقة، يعود أصل سوء فهم القوى الأجنبية فيما يتعلق بالبرنامج النووي إلى حقيقة أنه لا يوجد مبرر اقتصادي [للنظام لمتابعة برنامج نووي].”
في دراسة نُشرت عام 2018، قدرّت وزارة الخزانة الأمريكية أن نظام الملالي يوفر 700 مليون دولار سنويًا. وقال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في عام 2016: “ميزانية حزب الله، كل ما يأكله ويشربه، أسلحته وصواريخه، يأتي من جمهورية الملالي”.
إن الشعب الإيراني على وعي تام بما يقوم به النظام من أعمال خبيثة عصفت بحياته وبلده، لذلك تنتشر الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، ولم يعد بإمكان نظام الملالي قمع هذه الاحتجاجات أو خداع المواطنين، بمجرد قمع النظام لاحتجاج أو انتفاضة، يبدأ عدد من الاضطرابات الأخرى.
وكما وصفته وسائل الإعلام الحكومية الرسمية، فإن هذا الوضع “خطير للغاية” على النظام وخطر حقيقي على قبضته على السلطة.