إيران ..الخروج من الاتفاق النووي يعكس
منتهى عجز ویأس النظام الإیراني
إيران الخروج من الاتفاق النووي يعكس منتهى عجز ویأس النظام الإیراني -أعلن نظام الملالي في بیان أصدره یوم الأحد الموافق 5 ینایر عن تنفیذ الخطوة الخامسة من قرار الحدّ من التزاماته في الاتفاق النووي.
وفقاً للبیان الصادر عن حکومة “روحاني” فإنّ النظام الإیراني لن یلتزم بعد الآن بأي “قیود تشغیلیة” في عملیات التخصیب وفقاً لشروط الاتفاقية أي أنه لن یلتزم بـ “الحد الأقصی لعدد أجهزة الطرد المرکزي”. وبذلك لن یعترف بأي قیود تضمّنها الاتفاق النووي فیما یتعلق بـ «قدرته علی تخصیب الیورانیوم، و نسبة وکمیة التخصیب» (وکالة ایسنا الحکومیة 5 ینایر 2020).
خروجٌ عملي لا مفرّ منه
البیان أوضح أنّ «إیران مستعدة للمفاوضات وسوف تعود عن طیب خاطر إلی الإلتزام الکامل بالاتفاق إذا رفعت الولایات المتحدة العقوبات الإقتصادیة المفروضة علیها»، لکن بما أنّ خیار رفع العقوبات غیر وارد في الحسابات الدولیة، فإنّ معظم المراقبین السیاسیین یعتبرون خطوة النظام هذه هي خروجاً عملیاً من الاتفاق النووي.
أعلن “روحاني” في الثامن من مایو 2019 عن الخطوة الأولی من خفض الالتزامات النوویة للنظام، لکنه في الوقت نفسه أقسم قائلاً: «نحن لا نرید الخروج من الاتفاق النووي، ما قمنا به الیوم لا یعتبر نهایة الاتفاق».
في الآونة الأخیرة وقبل مقتل “قاسم سلیماني”، تحدّث “روحاني” مراراً وتکراراً عن فوائد الاتفاق النووي في جمیع خطاباته.
وبعث بالعدید من الرسائل إلی الولایات المتحدة یخبرها فیها بأنّ حکومته مستعدة للتفاوض والالتزام بکافة بنود الاتفاق النووي فيما لو رفعت الولایات المتحدة العقوبات عن إیران.
لکن مقتل “سلیماني” قلب المعادلات رأساً علی عقب مما أفقد هذه الرسائل والمناشدات أهمیتها، وبدّد بصیص الأمل الضئیل الذي کانت تتشبّث به الدول الأوروبیة لإحیاء الاتفاق النووي والحفاظ علیه.
من ناحیة أخری فإنّ الإعلان عن خروج إیران من المعاهدة النوویة ردّاً علی هلاك الرجل الثاني في النظام الإیراني جاء في حین أنّ النظام قلق بشدة من أي تصعید عسکري.
ولهذا لجأ النظام من جدید إلی آلیة الضغط والتهدید بالخروج من الاتفاق بسبب المأزق الخانق الذي یمرّ به وعدم قدرته علی التصعید العسکري ردّاً علی مقتل “قاسم سلیماني” المجرم.
مغبة الخروج من الاتفاق النووي
في ظل الظروف الراهنة، فإنّ انسحاب النظام الإیراني من الاتفاق النووي سيؤدي إلى خروج أوروبا من المعاهدة وانضمامها إلی الولايات المتحدة، مما یعمّق أزمة النظام ویعزز عزلته الدولیة.
الانسحاب من الاتفاق النووي سیجعل آمال “روحاني” وعصابته في التفاوض مع أمریکا في مهب الریح، ومن الآن فصاعداً فإن أي تلمیح للتفاوض من قبل النظام لن یعکس شیئاً سوی عجزه واستسلامه.
فقدَ الاتفاق النووي أهمیته وأصبح مجرد وعاء فارغ مع خروج الولایات المتحدة منه في الثامن من مایو 2019. آمال إیران الواهنة بإستمرار الاتفاق النووي مع الدول الأوروبیة والالتفاف علی العقوبات عبر إنشاء آلیة مالیة (إینس تکس)، هي في الحقیقة دعابة مؤلمة وفقاً لما قاله خامنئي، لقد اضطر النظام مرغماً إلی مواصلتها وبالطبع أدّت إلی تصعید الأزمة الداخلیة للنظام وإهدار الوقت دون جدوی.
السؤال المطروح الآن هو: هل يتّجه نظام الملالي نحو صنع قنبلة نووية نتيجة لاتخاذه الخطوة الأخيرة من قرار تقلیص التزاماته بالاتفاق النووي؟
لا یمکننا الردّ على هذا السؤال بشکل دقیق، لكن يمكننا أن نتنبّأ بأنّ المجتمع الدولي في ظل توازن القوی الموجود لن يقبل بهذا الأمر أبداً.
خاصة وأنّ قرار مجلس الأمن رقم 2231 یتضمّن استخدام “آلیة فض النزاع” الموجودة في الاتفاق والتي سيتمّ تفعیلها إن لم تتقید إیران بالتزاماتها.
مما سیزید حدة الأزمات داخل النظام ویفاقم من هشاشته ویسرّع من عملیة الإطاحة به، بینما یعاني أساساً من کابوس إقتصادي وسیاسي واجتماعي خانق یؤرقه ویسلب الراحة منه.
كل كلمات وإنجازات “روحاني” أمام خصومه تتلخّص في أنه قد استطاع بشکل أو آخر أن یجلب الأمن والاستقرار إلی النظام وأن ینأی به عن خطر الحرب عن طریق الاتفاق النووي. لكن يمكننا الآن أن نرى بوضوح أنّ مع خروج النظام من الاتفاق النووي بالتزامن مع فقدانه لرأس حربته في المنطقة (سلیماني).
فقد ألقت الحرب بظلالها الکثیفة علی النظام أکثر من أي وقت مضی، في مثل هذه الأوضاع المتأزمة وبدافع الیأس التام وانطلاقاً من القول المعروف «أنا الغریق فما خوفي من البلل» لجأ النظام إلى الخروج من الاتفاق النووي.
أزمة النظام الشاملة والمأزق الخانق الذي یعاني منه، دلالة ساطعة علی دخول إيران المرحلة النهائیة من عمر نظام ولایة الفقیه الدیکتاتوري الآیل للسقوط.