روحاني، زعیم الأکاذیب وفارسها المغوار!
روحاني، زعیم الأکاذیب وفارسها المغوار! – ما يطغی علی مشهد مکافحة فیروس کورونا المستجد في الآونة الأخیرة، هو التصريحات الکاذبة التي یطلقها روحاني رئیس ولایة الفقیه باستمرار حول إجراءات وإنجازات حکومیة لا تمتّ للواقع بصلة.
قضیة مکافحة فیروس کورونا في إیران لها طابع مختلف عما هو جارٍ حول العالم، فهي لا تقف عند حد خطر الفیروس وما یشکّل من تهدید فائق علی أرواح الناس، بل أنها تتخطی هذه المسألة وتأخذ أبعاداً أکثر خطورةً وفتکاً.
إذ یمکن تسمیة ما یحصل في إیران بـ “الجریمة الممنهجة” بعد أن اختار قادة نظام الملالي اتباع النهج المعتمد لدیهم في مواجهة هذه الأزمة المستجدة، والذي یتمثّل بالکذب والتضلیل والتستّر علی الحقائق المتعلّقة بالفیروس وترجیح خیار التضحیة بأرواح الناس مقابل تحقیق مآربهم الشریرة کرفع العقوبات الدولیة عن النظام وسط التفشّي الکارثي للوباء في البلاد.
أما ما لا یمکن للنظام إخفائه والتستّر علیه هو حقیقة أنّ سلسلة من الأکاذیب والحیل الحکومیة قد رافقت تفشّي الوباء وزادت من حدته وسرعة انتشاره. وبالتالي لا یمکن للنظام التستّر علی جریمته النکراء في هذا الصدد مهما حاول.
ومما لا شك فيه أنّ روحاني المحتال، هو من یستحق وبجدارة الحصول علی المدالیة الذهبیة بصفته زعیم الکذّابین في خضم أزمة کورونا وأکثرهم خبرة ومهارة في حلبة نسج الحیل وتزویر الحقائق.
علی الرغم من أنّ “فضل استیراد الفیروس” من الصین إلی إیران یعود إلی الرحلات الجویة التي قامت بها شرکة “ماهان إیر” التابعة لفیلق قدس الإرهابي، لغرض الضغط علی المجتمع الدولي ورفع العقوبات الأمريكية المفروضة علی النظام.
لكن منذ ذلك الحین وقادة النظام -علی رأسهم روحاني- لم یدّخروا أي جهدٍ في سبیل الکذب حول الحقائق المتعلقة بانتشار الفیروس في البلاد.
تمّ سجیل أول كذبة لروحاني في هذا الصدد، يوم الثلاثاء الموافق 25 مارس 2020 عندما قال:
«من يوم السبت (29 فبرایر)، سیعود کل شي إلی طبيعته».
ولا أحد یدري حتی الآن عن أي “سبت” کان یتحدّث روحاني ولم یحن بعد منذ أکثر من شهر!
لکن “علي ربيعي” المتحدث باسم حكومة روحاني، قطع الشك بالیقین مؤکداً أن “السبت” لن یحین أبداً وهو یقول في 30 مارس 2020:
«إذا قيل أن كل شيء سيعود إلى طبيعته، فهذا یعني أنه یعود إلی عملية اتخاذ القرار الطبیعیة التي لا يمكن لأحد القیام بها غیر المرکز الوطني لمکافحة كورونا».
وفي يوم الأربعاء 18 مارس، جاءت کذبة روحاني الثانية قائلاً:
«لقد علمنا بدخول کورونا إلی البلاد في 19 فبراير. لقد كنا شفافين وصادقين مع الناس».
في حین أنّ وثائق منظمة الطوارئ للنظام والتي تمّ نشرها علی ید المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية التابع لمنظمة مجاهدي خلق -المعارضة الرئيسية لنظام ولایة الفقیه-، تظهر مکوث عدد كبير من مصابي فیروس کورونا في مستشفیات طهران ونقل عدد آخر منهم إلی مستشفیات خمیني ویافت آباد ومسیح دانشوري لتلقّي العلاج فضلاً عن اکتظاظ مستشفیات مدینة قم بالمصابین.
وبعد خمسة أیام من الکذبة السابقة أطلق روحاني کذبته الثالثة في يوم السبت 21 مارس قائلاً:
«إذا التزم الناس ولم يسافروا لمدة 10 أیام إلی 15 یوماً، فإنّ الوضع سيتغير بحلول 1 أبريل».
دون أن یکترث إلی تصریحاته السابقة التي کرّر فیها مراراً أن حکومته «لن تقوم بفرض الحجر الصحي على البلاد»! محاولاً إلقاء اللوم علی الناس واتهامهم بنشر الفیروس جراء السفر بعد انتهاء عطلة النوروز.
أما الکذبة الرابعة في أرشیف روحاني المتعلق بالفیروس، فترجع إلی یوم الإثنین 23 مارس عندما قال بغباء منقطع النظیر:
«وضعنا أفضل مقارنةً بالدول الأخرى حتى تلك المتقدمة من حيث توفير المستلزمات الصحیة الأساسیة وأسرة المستشفيات والمنتجعات الصحية».
لکن “شيران خراساني” عضو مجلس الشوری من مدینة مشهد، فنّد کذبة روحاني هذه في الیوم نفسه أثناء مقابلة أجریت معه قال فیها:
«يأتي المريض إلی المستشفی لکن يخبروه أنك لست مريضاً لذا عد إلى المنزل. الاسم الأجنبي للمرض هو” فيروس كورونا ” لکن عندنا يسمّى “أمراض الجهاز التنفسي الحادة”. على سبيل المثال، في خراسان ، توفي 400 شخص بسبب أمراض الجهاز التنفسي الحادة و50 شخصاً بسبب کورونا»!
كما أعلنت السلطات المحلية والطبية في مناطق مختلفة من البلاد في نفس الیوم عن «اکتمال قدرة استیعاب المستشفيات للمرضی وعدم استقبالها لمرضى جدد، وترخصیها للحالات الحرجة».
ولم یمض أکثر من یومین حتی عاد روحاني إلی المشهد لیطلق کذبته الخامسة في يوم الأربعاء الموافق 25 مارس قائلاً:
«لا يوجد أي نقص في أسرّة المستشفيات والأطباء والممرضات إلخ».
وأصرّ علی هذه الکذبة مکرراً إیاها في الیوم التالي (26 مارس):
«یوجد 20 ألف سرير شاغر في البلاد. لا أعتقد أنّ أي دولة أخری تتمتع بوضع کوضع إيران في هذا المجال».
والحقیقة أنّ ما عرضه تلفزيون النظام باعتباره مستشفى بسعة 1000، 2000، 10 آلاف و20 ألف سریر تمّ تشییده «في غضون 48 ساعة»! فهو مدعاة للسخریة. لأنّ هذا المستشفی الذي رافقه صخب إعلامي واسع ما هو إلّا مجموعة واسعة من الأسرّة الخاصة بالجنود تمّ نقلها إلی معرض طهران بواسطة الجیش التابع للولي الفقیه لا أکثر.
امتداداً لسلسة الأکاذیب، هرع روحاني إلى الساحة من جدید في یوم السبت 28 مارس کاشفاً عن کذبة جدیدة ترفع رصیده إلی ستة وتعزز مکانته داخل مدرسة الملالي العریقة والعتیدة في صناعة الکذب وتلفیقه. فقد تباهی قائلاً:
«الحمد لله لسنا من تلك البلدان التي يقع فيها المرضی علی أرصفة المستشفیات. لسنا من البلدان التي ترتفع فيها حصيلة الوفیات لدرجة تضطرهم إلی جلب شاحنات التبرید لنقل الجثث».
وقد جاء هذا التصریح الکاذب في وقت کانت وسائل التواصل الاجتماعي تعجّ بمقاطع فيديو تظهر المصابین وهم یتهاوون ویسقطون علی الأرض في مختلف المدن الإیرانیة.
وقد واصل روحاني کذبته قائلاً:
«الحكومة تدفع 90 في المائة من تكاليف مرضى کورونا».
ویا لها من کذبة خرقاء تکشف عن تضارب تصریحات قادة النظام وتناقضها الشدید، کما تکشف غرق ما یسمی بـ “الحکومة” في قاموس نظام الملالي، في بحر الأکاذیب والخداع لدرجة أنها لا تجد حاجةً ووقتاً کافیاً للتنسیق بین أکاذیب مسؤولیها وإخضاعها لقواعد الانسجام.
یثبت هذه الحقیقة ما قاله “جهانبور” المتحدث باسم وزارة الصحة في مؤتمره الخبري المصوّر یوم الاثنین 24 مارس رداً على سؤال حول تكلفة علاج مرضی کورونا:
«التعرفة واضحة. الخدمات والأدوية والمعدّات المستخدمة لمرضى کورونا لا تختلف عن المرضى الآخرين».
لکن هذا التصریح لم یردع روحاني الدجّال عن ممارسة هوایته المفضلة في نسج الأکاذیب دون أدنی إحساس بالخجل، بل علی العکس أخذ یزید من حجم أکاذیبه کاشفاً عن کذبته السابعة الخارقة بالقول:
«لقد خصصنا 100 ألف مليار تومان لمحاربة كورونا. خلال أسبوع تمكنّت الحكومة من تقديم 100 ألف مليار تومان كمنحة دون مقابل لمن تضرروا، وبالطبع فإنّ الضرر یفوق هذا المبلغ».
هذا المبلغ الکبیر الذي یتشدّق به روحاني والذي یکشف زیف ادعاءاته وتضاربها مع تصریحات بقیة قادة النظام، یعادل أکثر من 24 ملیار دولار بالعملة الحكومية. وإذا بالفعل تستطیع حکومة روحاني تأمین هکذا مبلغ فلماذا إذاً یتضرّع “محمد جواد ظریف” إلی صندوق النقد الدولي من أجل منح النظام قرضاً بقیمة خمسة ملیارات دولار؟!
علی هذا النحو استمر مهرجان إطلاق الأكاذيب والاحتفاء بها إلی أن حلّ یوم السبت 29 من مارس، التاریخ الذي شهد کذبة روحاني الثامنة في خضم أزمة کورونا زاعماً أنه:
«تجاوزنا ذروة المرض في بعض المحافظات والآن نحن على المنحدر».
وبينما کان يتحدّث روحاني عن تجاوز الذروة، کتب موقعه نقلاً عن مجموعة من الخبراء ممن قابلوه قولهم:
«ما زال الوقت مبكراً لمعرفة المرحلة التي وصلنا إليها وما إذا كنا قد وصلنا إلى ذروة المرض أو أننا على طريق استقرار الوضع أم لا. علينا الانتظار حتى عودة الناس من رحلات نوروز».
من المؤکد أنّ أکاذیب روحاني لن تتوقف عند هذا الحد وستستمر في الأیام القادمة. لکن السؤال المطروح هو ما الحاجة إلی الکذب؟
یعرف النظام وعلی وجه التحدید روحاني، أنّ سلسلة الأکاذیب هذه تثیر السخط الاجتماعي بشدة وتزید من کراهیة الشعب المنکوب إزاء النظام وقادته، لكن لا توجد أمامهم طریقة ولا خیار آخر غیر اللجوء إلی الکذب ومحاولة تغطیة الکذب بالکذب!
الکشف عن الحقائق من شأنه أن یزیح الستار عن جریمة النظام البشعة فيما یتعلّق بقضیة کورونا ویکشف عن سلسلة أکاذیبه. وبما أنّ إنهاء الکذب یعني إنهاء حکم النظام، فلا بدّ في هذه الحالة من التداوم علی الکذب والاستمرار في صیاغته مهما کان الثمن.
وللأسف لیس هناك ما يشير إلى أنّ النظام ینوي محاربة وباء كورونا والقضاء علیه وفقاً للنهج السائد في المجتمع الدولي. فهو یتبع نهجاً مبایناً لنهج المجتمع الدولي، والذي سيقدوه بکل تأکید إلی مصير مختلف عن مصیر الآخرین في نهاية أزمة كورونا.
نعم، أولئك الذين نزلوا إلى ساحة محاربة كورونا وهم مدججون بالکذب والنفاق، سيواجهون مصیراً مؤلماً یخطّه الشعب بنذر دمائه.