الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية يعني أكون أو لا أكون بالنسبة لنظام الملالي
الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية يعني أكون أو لا أكون بالنسبة لنظام الملالي – بعد القرار الذي أصدره مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الأنشطة النووية لحكومة الملالي، اختل توازن ركائز صنع القرار في نظام الملالي. وتشير المواقف التي تتخذها مختلف مؤسسات الدولة إلى أنه حتى المجلس الأعلى للأمن القومي أيضًا قد فقد تماسكه السابق. والجدير بالذكر إن الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الذي تروج له بقوة الزمرة المنافسة لحكومة روحاني في الوقت الراهن هو ما يعتبره الفصيل المنافس سببًا لمزيد من عزلة هذا النظام الفاشي ويقولون إنه سيؤدي إلى وضع نظام الملالي في حالة أكون أو لا أكون.
وأعلن فريدون مجلسي، الخبير في الشؤون الدولية في حكومة الملالي، يوم السبت الموافق 27 يونيو 2020، أنه في حالة انسحاب إيران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، سيتم بعد يومين من الانسحاب تفعيل قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الست ضدنا.
وشارك سيد علي أغا زاده دافساري، عضو لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية بمجلس شورى الملالي، في تجمع للصحفيين في 26 يونيو 2020، وقال: “إن القرار الأخير لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناهض لجمهورية إيران الإسلامية ويجب على إيران الانسحاب من الاتفاقية السياسية الإضافية، نظرًا لأنه لا مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا الأوروبيين صادقون معنا”.
ومن المؤكد أن سلاح الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ليس أمرًا خافيًا عن الزمر داخل نظام الملالي، كما أنه خلال العام الماضي كان نظام الملالي يتستر في كل مرة على أنشطته النووية، ويتم كشف النقاب عن تناقضات مشروعه النووي. ونشطت بعض الزمر في مجلس شورى الملالي، ولكي يبتزوا الأموال من الأوروبيين كانوا يفشون عن علمهم بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. والجدير بالذكر أن عددًا من أعضاء مجلس شورى الملالي قدموا خطة بهذا المحتوى في 1 فبراير 2020، وفيما يلي نصها:
“إن حكومة جمهورية إيران الإسلامية ملزمة بعدم الوفاء بتنفيذ كافة التعهدات التي تنص عليها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وإنهاء كافة مجالات التعاون المتعلقة بالمراقبة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مباشرة عند الانسحاب من المعاهدة المذكورة، وذلك في إطار الرد بالمثل على انتهاكات الأطراف الأمريكية والأوروبية لالتزامتها المتعلقة بخطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي)”.
وأعلن محمد جواد ظريف، وزير الخارجية في حكومة روحاني، في 27 يونيو 2020 أنه: “في حالة إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، الأمر الذي من شأنه أن يسفر عن استئناف عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على إيران، فإن إيران سوف تنسحب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية”.
وعلى الرغم من أن مجلس شورى الملالي السابق هو الذي قدم الخطة المشار إليها أعلاه، وكان هدفه الرئيسي هو ابتزاز الأموال من الأوروبيين حتى يتمكنوا من الوقوف بشكل أقوى ضد مطالب أمريكا في مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وألا ينتهى الأمر باتخاذ قرار ضد إيران، ولكن الآن تم إصدار قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران وأُعلن فيه بوضوح أن إيران انتهكت الإجراءات الوقائية للوكالة بعدم السماح للمفتشين بتفقد المواقع المنشودة، وعدم الإجابة على أسئلة الوكالة، فضلًا عن أنها تجاوزت معدل تخصيب اليورانيوم ونسبتها المئوية في التخصيب عن الحد المسموح به.
كما أن الأعضاء الحاليين في مجلس شورى الملالي الذين نجحوا بأصوات تم تدبيرها مسبقًا دخلوا المجلس في سبيل خدمة سياسة خامنئي الانكماشية. ومن منطلق أنهم أقل براعة من أسلافهم في الإدارة، فإنهم طرقوا هذا المسار بشكل أقوى من أي وقت مضى من خلال تقديم رسالة وقع عليها 220 شخصًا تقضي بضرورة الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وفي تعليقه على هذه القضية، قال على قنبري، الأستاذ الجامعي والعضو السابق في مجلس شورى الملالي، في 26 يونيو 2020: “إن الخطط القائمة على الشعارات ليست لها أصداء على أرض الواقع لخدمة المصلحة العامة للبلاد فحسب، بل إنهم فقدوا قدرتهم الدعائية في الآونة الأخيرة أيضًا بشكل غير مسبوق لإقناع الرأي العام، وهذا يعني أن الانقضاض على خيوط الشعار ليس بالطريق الذي يؤدى حتى إلى الحد الأدنى من النتائج”.
وأدلى هذا الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي الحكومي الحالي بكلمته الأخيرة، قائلًا: “في ظل الظروف التي تُعرّض فيها العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب حتى استلام أموال النفط الإيراني من الدول الصديقة إلى مشكلة خطيرة، فما هو الخير الذي سيعود على إيران جراء التحرك في الاتجاه الذي يوفر أفضل الأعذار لتكثيف الضغوط الأجنبية بواسطة حكام البيت الأبيض؟”.
ويطلق على هذين المنظورين وخارطتي الطريق اللذين لم يسفرا بعد عن قرار واضح لا لبس فيه بين المسؤولين في حكومة الملالي “المأزق السياسي الاستراتيجي”. مثلما أطلق عليه فريدون مجلسي، الخبير الدولي في نظام الملالي، اسم “أكون أو لا أكون”.