الإرث التاريخي لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. إلى معلمي وقائدنا التاريخي لعدة أجيال، وخاصة جيلي والأجیال من بعدي،مسعود رجوي. کنا تحت هجوم أيديولوجية خميني الرجعية بالكامل، لكن نموذج مسعود الإنساني أصبح طوق نجاتنا واستجاب كياننا لدعوته من أجل التحرير بالکامل.
د. بهروز بويان، خبير في العلوم السياسية من طهران
حدودنا الفاصلة بین أبناء البشر لا تتمثل في کونهم یؤمنون بالله أو لا یؤمنون به، وإنما في کونهم یتعرضون للاستغلال أو یقومون باستغلال الآخرین – محمد حنيف نجاد
قبل خمسة وخمسين عاماً، اجتمع ثلاثة شبان أذكياء -في الحقيقة أذكى شباب جيلهم- محمد حنيف نجاد وسعيد محسن وعلي أصغر بدیع زادکان، متحررين من الحماس والتیه ومبتعدین عن أي تفاخر نمطي في عرض القدرات السياسية والاجتماعية والادعاءات الفكرية الفارغة، اجتمعوا وقرأوا وتوصلوا إلی استنتاج هام، بعد أن عاشوا فترة من النضال السياسي في شكل إصلاحي وقانوني بالتزامن مع التيارات السياسية الرائجة آنذاك وبعد أن وصل ذلك النمط من النضال إلى نهايته المحتومة.
أخیراً توصل الشبان الثلاثة إلى اكتشاف أساسي وتاريخي وحيوي في المجال السياسي والاجتماعي لإيران منذ الماضي حتى ذلك اليوم، وتمسكوا بمبادئ وقوانين حقيقية أبقت الأجيال من بعدهم قائمة.
یدل ذلك الاستنتاج على القوانين المستمدة من الرجوع إلى السياقات التاريخية الحقيقية، والتناقضات المحتملة والفعلية، وخطوطها الموازية والمتقاطعة، وحدود كل تناقض وتحديد أولوياته، والوصول إلی منظور منهجي مفصل لا لبس فيه عن التاريخ الإيراني.
كان هذا المنظور المنهجي احتمالاً نظرياً مهماً لم يتمكن أي من التيارات السياسية والفكرية السابقة، في مجالي العمل الفردي والعمل الجماعي، من التوصل إلیه وتحقيقه على الإطلاق.
ولم ینتج عن ذلك الاضطراب والالتباس النظري سوی تكرار للتجارب الفاشلة للتيارات السياسية والاجتماعیة في مواجهتها مع النظم الاستبدادیة.
يمثل هذا الاكتشاف العظيم نهاية الممارسات النمطية للمقاومة والنضال من أجل الحرية. بعبارة أخرى، كان الناتج الفعلي لهذا الاكتشاف التاريخي هو تشكيل تنظيم قوي للنضال یتمتع بمجموعة متنوعة من التجارب التاريخية للنضال والمقاومة والفكر المنهجي الحقيقي، سمُي بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وهكذا، وبعد قرون من المقاومة والنضال والتضحیة، ظهر النقیض الحقيقي للاستبداد التاريخي في إيران.
خاصية التفكير المنهجي
من أبرز سمات التفكير المنهجي أنه يرى الظاهرة ككل بکافة مكوناتها وبالعلاقات الداخلية بين المكونات والعلاقات الخارجية للظاهرة مع الظواهر الأخرى دون أن یختزل الظاهرة علی أحد مكوناتها.
إذا اعتبرنا المجتمع ظاهرة أو کلیة، فإن الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية تعتبر المكونات الرئيسية لهذه الكلية. ومن منظور منهجي، لا يمكن معرفة الظاهرة أو کلیة المجتمع إلا من خلال تحديد ومعرفة جميع المكونات والعلاقات فيما بينها.
کما أن التناقضات الداخلیة للظاهرة أیضاً تتبع هذه القاعدة. تاريخياً، عدّد المؤلفون تناقضات مختلفة لتاريخ إيران في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
من منظور منهجي، تعمل هذه التناقضات في شبكة من العلاقات المعقدة، والتي، بالطبع، يمكن تصنيفها وتحديد أولوياتها وفقاً للتجربة البيولوجية التاريخية.
من هذا المنظور، فإن المجتمع الإيراني متورط تاريخياً في تناقضين رئيسيين، یعتمد حل التناقضات الأخرى علی حلهما (حل التناقضين الرئیسیین).
الحقیقة أن تناقضات النظامین السياسيین -الاستبدادي والرجعي- عائقان لا يمكن بدونهما حل التناقضات الأخرى. وقد ركزت التيارات الفكرية والسياسية للنضال في التاريخ الإيراني بشكل عام، على أحد التناقضات على أمل تحقق الانفراجة، بسبب افتقارها إلى الفهم المنهجي.
وفي سبیل ذلك، لم تتردد حتی في التواصل مع التناقضات الأخرى، مما أدى إلى هزیمة وفشل مختلف التیارات والحركات بشکل متکرر.
على سبيل المثال، يقترب “مزدك” من الاستبداد لحل تناقض الرجعیة على أمل أن يتمكن من حل تناقض الرجعیة الدينية في عصره عن طریق إمکانیات وقوة النظام السياسي.
وخلال الثورة الدستورية، أدى عدم المعرفة الصحيحة بحدود أي تناقض وخطوطه المتوازية وتقاطعاته التاريخية إلى تدخل حلفاء الاستبداد وعملاء الرجعیة في الثورة وبالتالي ابتعادها عن وجودها وجوهرها الحقيقي.
وكان نفوذ كاشاني في الحرکة الوطنیة الإيرانية باعتباره ممثل الرجعیة، دلالة واضحة علی هذا الضعف أیضاً. کما وافتقرت جمیع الحركات الأخرى التي تشكلت في تاريخ إيران تحت عنوان الدفاع عن حقوق الأقليات العرقية والدينية وحقوق المرأة إلخ، إلى رؤية منهجية، ولم تدرك أبداً أنه بدون حل العقبات الرئيسية، لا یمکن اجتیاز باقي العقبات.
يمكن القول أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية هي الوحيدة التي تمكنت بفكرها المنهجي من تحديد ومعرفة التناقضات وتصنيفها وترتيبها حسب الأولوية أولاً، وصياغة حل تناقض الرجعية والاستبداد ليس بالتحالف مع أحدهما ضد الآخر، بل بالتحالف مع الشعب ضد هذين التناقضين التاريخيين ثانیاً.
أما في وقتنا الراهن، حيث تمثل تناقض الرجعیة والاستبداد في کیان واحد یُدعی نظام الجمهورية الإسلامية، فإن نموذج الوحدة مع المجتمع، ورسم الحدود الفاصلة بشکل حاسم مع هذا النظام بأکمله، يمهد الطريق لحل المشاكل الأخرى في المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
الإرث التاریخي لحنيف نجاد ورجوي
إذا كان محمد حنيف نجاد قد أرسى الأساس العظيم لهذا النقیض التاريخي للرجعیة والاستبداد في إيران وأنشأ جيلاً مجیداً یضم جوهرة فذة ونفيسة مثل مسعود رجوي، فإن الأخیر قد حوّل هذا الفكر إلى نظام فكري شامل ببراعة لا مثيل لها، وقدمه إرثاً خالداً لتاريخ إيران.
إرث أنشأ عدة أجيال سميت باسم مسعود. إرث سيؤمن ويضمن إلى الأبد تاريخ إيران ضد هجوم وغزو الرجعیة والاستبداد المتمثلة في نظامي الشاه والملالي.
وطالما یجري نهج مجاهدي خلق، باعتباره التجسيد الموضوعي لهذا الإرث العظيم، في المجتمع الإیراني وتاریخه، فإن اليد القصيرة للأفكار المناهضة للتطور لن تبلغ صرح المجتمع الإيراني الشاهق.
شباب الیوم البالغون من العمر 20 عاماً، والذين يعرّفون أنفسهم بحماس في إطار هذا النظام الفكري، هم جيل قضى حياته بأكملها تحت أنقاض أيديولوجية الاستبداد- الرجعیة المدمرة، لكن الصرح الشامخ للنظام الفكري لمجاهدي خلق وسحره الإنساني المتعالي، باعتباره منتجا فنيا لمسعود رجوي، خلاّب وقوي لدرجة أنه يخرج جيل الشباب اليوم بمهارة من الرؤية البالیة والفاسدة للرجعیة والاستبداد- الشاه والملالي- ويجلبهم إلى ساحة المعركة كمناضلين باسم المقاومة.
معاقل الانتفاضة وانتشارها الواسع في السنوات الأخيرة، والتي دقت ناقوس الخطر أمام عناصر النظام منذ فترة طویلة، وأرغمت النظام علی الاعتراف بوجودها القوي في حین أنه انشغل علی مرّ السنین بإنکار وجود مجاهدي خلق، هي جيل جديد نشأ في مدرسة مسعود رجوي علی أهبة الاستعداد لقلب صفحة التاريخ الإيراني.