الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

هل حل الأزمات المعيشية في إيران؛ سياسي أم اقتصادي؟

انضموا إلى الحركة العالمية

هل حل الأزمات المعيشية في إيران؛ سياسي أم اقتصادي؟

هل حل الأزمات المعيشية في إيران؛ سياسي أم اقتصادي؟

في الأشهر القليلة الماضية، شهدنا تسارعًا في أزمة المعيشة والاقتصاد خلال الأشهر القليلة الماضية، وتحديدًا في أعقاب تفشي وباء كورونا في إيران. فعندما نلقي نظرة سريعة على وسائل الإعلام الحكومية في غضون هذه الأشهر القليلة نجد انتشار أكبر حجم من الموضوعات الاقتصادية والمعيشية، مما يدل على أننا نواجه تراجعًا حادًا في مستوى ومعيار المعيشة في إيران.

وعلى الرغم من مصير قضية المعيشة والاقتصاد في إيران، وعلى الرغم من أن الخبراء في نظام الملالي قدموا حلولًا تقنية واستثنائية، فلماذا لا يحدث أي تحسن، بل على العكس من ذلك، نجد وضع الاقتصاد والمعيشة آخذ في التدهور والمزيد من التأزم؟

والحقيقة التي لا جدال فيها الآن هي أن حياة أكثر من 80 في المائة من الإيرانيين قد انهارت بين تروس الأزمة الاقتصادية والمعيشية. ومن الطبيعي من شأن أي حل اقتصادي أن يكون مسكنًا ومنقذًا. وفي الواقع، إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تكون جمهورية الملالي الإسلامية قادرة على حل الألغاز وإنقاذ الوضع؟  

والجدير بالذكر أن السبب الأساسي في الأزمات الاقتصادية في إيران لم يكن سببًا اقتصاديًا بحتًا على الإطلاق، ولم ولن يكمن الحل في الاقتصاد في حد ذاته. فدائمًا ما يتحكم المصير السياسي في كافة الأزمات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والنقابية في إيران المعاصرة. وبناءً عليه، فإن السبيل إلى النجاة والخروج من الأزمة يكمن أيضًا في السياسة وحل المشكلة السياسية في رأس نظام الحكم والطبقة الحاكمة.

فدائمًا ما كانت الحقيقة التاريخية المؤكدة هي أنه طالما لم يتم حل القضية السياسية في إيران مثل الحرية والديمقراطية فلم ولن تُحل أي أزمة أخرى صغيرة كانت أم كبيرة، بما في ذلك الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنقابية. ففي هذه الحقبة من هيمنة الملالي لم تحدث انتفاضات في بعض الفترات مثل فترة ما بعد هلاك خميني ورئاسة رفسنجاني، أو في الفترة الأولى من رئاسة أحمدي نجاد للجمهورية، حيث كانت عائدات نظام الملالي من النفط في ذروتها، كما أن انتفاضتي 2009 و 2019 لم تكن قد حدثتا بعد. ومن هذا المنطلق، كان رفسنجاني يحل القضية السياسية لنظام الحكم باحتجاز الأجانب كرهائن واغتيال المعارضين داخل إيران وخارجها، كما كان أحمدي نجاد، وفقًا لاعتراف وسائل الإعلام الحكومية، من أكثر الشخصيات التي يكرهها الشعب الإيراني.

لذلك فإن مصير المشكلة الملحة للحياة والمعيشة واقتصاد الشعب دائمًا ما تكون مرهونة بمصير المشكلة السياسية الملحة في إيران. ولم ولن يُحل مصير القضية الملحة لحياة الشعب اقتصاديًا على الإطلاق، فهؤلاء الملالي لا يمكنهم ولا يريدون إلقاء الضوء على السبب الرئيسي في اندلاع الحركات والانتفاضات خلال هذا العقد؛ لأن الاعتراف بالأسباب الرئيسية لهذه الحركات والانتفاضات يُعد إنكارًا لمبدأ نظام حكم وديكتاتورية ولاية الفقيه.

ويكمن السبب الرئيسي في اندلاع الحركات والانتفاضات في إيران في عنصرين ضروريين، ألا وهما: غياب الحرية – وغياب الديمقراطية. والنتيجة هي أن كل حالات الفساد السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي في نظام الملالي ناجمة عن القمع المطلق العنان للحرية والديمقراطية.

إن الأزمة السياسية في إيران المنكوبة بالملالي عميقة وسيئة السجل، والاقتصاد وفروع الحياة الاجتماعية الأخرى مرتبطون بها لدرجة أن المشكلة الملحة للحياة المعيشية لأبناء الوطن لن تُحل حتى بعد الانتخابات الأمريكية وتطلع نظام الملالي إلى رفع بعض العقوبات.  وكما أشرنا لما حدث في عهدي رفسنجاني وأحمدي نجاد، ظل نظام الملالي والمستوى المعيشي للشعب على ما هو عليه لسنوات عديدة قبل الحظر أيضًا متمثلًا في غياب الحرية والديمقراطية وحتى يومنا هذا. 

إن الاقتصاد المنهوب والمختلس تحت وطأة سيطرة حكم الأقلية السياسية للملالي لا يمكن أن ينطوي على حل من داخله لإنقاذ حياة ومعيشة الإيرانيين. وبناء عليه، فإن إيران في أمس الحاجة إلى انطلاق ثورة سياسية – اجتماعية مهدت العديد من الانتفاضات الكبرى على مدى هذا العقد لحدوثها الحتمي. ويكمن الحل الشامل لإنقاذ الحياة الإنسانية والاجتماعية للشعب الإيراني في الرغبة في القيام بمثل هذه الثورة السياسية التي ستسفر عن الإطاحة بنظام حكم ولاية الفقيه من منطلق أنه مصدر الأزمة الاقتصادية والمعيشية.