حرمان المواطنين الإيرانيين من اللقاح ينذر بمآلات خطيرة- في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم من أجل انتاج اللقاح المضاد لفايروس كورونا، أو الحصول عليه بهدف تطعيم مواطنيها بشكل مجاني، يعيش الشعب الإيراني الحرمان من اللقاح نتيجة سياسة نظام الملالي المعادية للإنسان والمجتمع الإيراني.
على إثر ذلك، تستمر جائحة كورونا في حصد المزيد من أرواح أبناء الشعب الإيراني، حيث تشير التقديرات إلى وفاة أكثر من 204000 من أبناء شعبنا نتيجة إصابتهم بالفايروس.
وأمام حصيلة الإصابات المرتفعة، ومعدلات الوفاة المرشحة للازدياد، يقرر الولي الفقيه المستبد برأيه خامنئي، “حظر اللقاحات الأمريكية والبريطانية من دخول البلاد!” (8 يناير)، وما ذلك إلا ذريعة لرفض شراء أي لقاح صالح، قد أثبت نجاعته.
تأتي الإشارة لحظر اللقاحات على لسان وزير الصحة نمكي، الذي قال “لن نفعل ذلك حتى نتمكن من جلب اللقاح الأكثر أمانًا وأقل خطورة إلى البلاد !(تلفزيون النظام 20 يناير)”.
اقرء المزید
لقاح كورونا؛ معيار لعدم ثقة الإيرانيين وغضبهم من الحكومة الإيرانية
في المقابل، يطرح روحاني احتمالية التطعيم بلقاح محلي غير صالح، والذي لا يزال في المراحل الأولى من الاختبار البشري، بعد ستة أشهر أخرى على الأقل، مما يعرض حياة الإيرانيين للخطر، ويعزز حرمانهم من اللقاح الأجنبي “الأكثر أمانًا والأقل خطورة”.
غضب الجماهير ورعب النظام
منع خامنئي إدخال اللقاح الأجنبي “الذي أثبت نجاعته” كان له أصداء داخل المجتمع الإيراني، حيث كان من الواضح إثارته لموجة من الغضب على مستوى البلاد ضد نظام الملالي.
موجة الغضب تلك جرى التعبير عنها بطرق مختلفة، حيث ظهرت من خلال إطلاق الهاشتاغات المنادية بتأمين اللقاح الأجنبي للمواطنين الإيرانيين، ودخول الهاشتاغات المعنية ضمن الترند العالمي، إضافة للكم الهائل من الرسائل الالكترونية المتداولة على مواقع التواصل الإجتماعي، والتي بدورها تشير إلى المأزق الكبير الذي يعيشه النظام.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى سخرية الأهالي، بالإضافة لعناصر من النظام على فيديو يظهر روحاني لحظة ترويجه للقاحات المحلية والكوبية على صفحات وسائل التواصل الإجتماعي الحكومية.
ارتدادات الأزمة وصلت إلى الشخصيات السياسية والحكومية، التي انتقد عدد منها سياسات النظام علناً، بما فيها إعادة فتح القطاعات الاقتصادية والحيوية في البلاد، في الوقت الذي لم تتوفر فيه اللقاحات بعد، وقد أطلق عدد منهم تساؤلات تفيد الاستنكار من قبيل “هل وصل اللقاح إلى إيران حتى تتم عملية إعادة افتتاح القطاعات؟”، وكذلك “الناس سيدفعون ثمن السلوك المتناقض للمسؤولين بأرواحهم!” (مينو محرز – عضو مقر حكومة كورونا – 19 يناير).
تطور الأوضاع على هذا النحو تسبب بحالة من الرعب يعيشها النظام، كونهم يدركون بأنهم يلعبون بالنار، والخشية من تداعيات سياساتهم المعادية للبشر، والتي ستكون لها عواقب وخيمة إذا ما عبر ضحايا كورونا وسياسات النظام عن غضبهم في الشوارع.
ومع تزايد الاحتقان الشعبي، اضطر قادة النظام ووكلاؤه خلال الأيام الماضية إلى التراجع على ما يبدو، واستمرارًا لسياسة الكذب التي ينتهجونها، قاموا بنشر شائعات تفيد بإدخال اللقاح: “سنشتري 16 مليون و 800 ألف جرعة من لقاح كورونا من كوفاكس”. (جهانبور – رئيس مركز الإعلام بوزارة الصحة – 20 يناير).
وعود وأكاذيب مفضوحة
ترويج النظام لوعود كاذبة “عرقوبية”، يهدف لتحقيق هدفين، أولهما: التستر على تصريحات خامنئي الإجرامية حول حظر اللقاح وتبريرها.
وثانيهما: التغطية والتشويش على أجواء الغضب الشعبي المتعلقة بمسألة العجز والاستهتار في التعامل مع ملف مكافحة فايروس كورونا، من خلال الإدلاء ببيانات متناقضة، ويظهر ذلك جلياً في طلبهم من الشعب، بلا خجل، الانتظار بضعة أشهر أخرى حتى يكون اللقاح المحلي جاهزاً، بينما يفقد الأهالي المزيد من أحبائهم، ويرحلون بسبب إصابتهم بالفايروس المتفشي بشكل مضطرد، مدعين بقولهم: “انتظروا الأشهر القليلة القادمة حتى يصل اللقاح، لا تجعلوا الوضع يصبح أكثر صعوبة والتهابًا مما هو عليه” (موقع “خبر فوري” للنظام – 20 يناير).
يتضح في المحصلة بأن النظام يعيش حالة سلوكية متناقضة في التعاطي مع ملف كورونا، ففي حين عدم وجود رغبة حقيقية لديه في القضاء على الوباء من خلال التطعيم بلقاحات آمنة، من جهة، فإنه من جهة آخرى يخشى من تفجر الغضب الجماهيري، وأن يكون لذلك آثار مدمرة، حيث تبدو التناقضات واضحة أمام رعب النظام وعناصره ووكلاؤه من الانفجار المحتوم.