السياسة الغربية تجاه إيران يجب أن تتوقع تصعيدًا في انتهاكات حقوق الإنسان –بذل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية جهودًا متضافرة في الأسابيع الأخيرة للفت الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها أو ساعد فيها المرشح الرئيسي لمهزلة الانتخابات الرئاسية المقبلة لنظام الملالي.
وإذا لم يحدث شيء غير متوقع لتغييرهذه النتيجة قبل 18 يونيو/ حزيران، فلا شك أنه ستكون هناك مناقشة شاملة للعواقب المتوقعة التى ستحدث نتيجة لذلك بعد ثلاثة أسابيع في التجمع السنوي للمغتربين الإيرانيين ومؤيديهم السياسيين، في الفترة من 10 إلى 12 يوليو/ تمّوز. في السنوات السابقة، جذبت مثل هذه الأحداث حشودًا تجاوزت 100000 شخص، وفي عام 2018 جذبت أيضًا انتباه فريق من الإرهابيين الإيرانيين الذين حاولوا تفجير الحدث وقتل الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة، السيدة مريم رجوي. وكان العقل المدبر لتلك المؤامرة، هو الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا في فبراير/ شباط، بعد محاكمة أثبتت أنه هو وثلاثة من المتآمرين معه كانوا يتصرفون بناءً على أوامر من مسؤولين كبار داخل نظام الملالي.
من المفترض أن هذه الأوامر كانت مدفوعة، في جزء كبير منها، بقلق طهران بشأن تنامي مؤشرات الفعالية في نشاط المجلس الوطني للمقاومة ولا سيما مجموعته الرئيسية المكونة له “منظمة مجاهدي خلق الإيرانية”. في يناير/ كانون الثاني 2018، تم تأكيد هذه الفعالية من قبل سلطة لا تقل عن المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي عندما ألقى خطابًا إلى زملائه المسؤولين في النظام بشأن الانتفاضة المناهضة للحكومة التي كانت مستمرة في ذلك الوقت في أكثر من 100 مدينة وبلدة إيرانية.على الرغم من إصرار سلطات نظام الملالي منذ فترة طويلة على أن منظمة مجاهدي خلق لديها القليل من الدعم بين عامة الناس، إلا أن خامنئي لم يستطع إدانة الرسائل الاستفزازية للانتفاضة دون الاعتراف بتشابهها مع نقاط الحديث التي طرحتها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
وهكذا، ناقض خامنئي الدعاية السابقة لنظامه حول المجموعة الرئيسية للمعارضة، من خلال نسب الفضل إليها في أشهر من التخطيط الذي ساهم في الانتشار الاجتماعي لانتفاضة يناير 2018.تمثل المؤامرة الإرهابية في يونيو/ حزيران من ذلك العام تصعيدًا محتملاً لرد طهران العنيف على المشاعر المناهضة للحكومة والاضطرابات الشعبية. حيث قُتل العشرات من المشاركين في الانتفاضة برصاص قوات الأمن، وتعرض العديد منهم للتعذيب القاتل. وبالمؤامرة ضد التجمع الوطني للمقاومة الإيرانية كان من الممكن أن يٌقتل مئات الأفراد في المكان المستهدف بالقرب من باريس، بما في ذلك أي عدد من المندوبين الغربيين البارزين الذين حضروا لإظهار دعمهم للنشطاء المؤيدين للديمقراطية وضحايا النشاط الخبيث لنظام الملالي.
لحسن الحظ، تم إحباط مؤامرة 2018 الإرهابية من خلال تعاون العديد من هيئات إنفاذ القانون الغربية. لكن التصعيد المحتمل لطهران أصبح حقيقيًا بعد تلك الواقعة، واتخذ منعطفاً آخر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، عندما قام نشطاء بقيادة معاقل الانتفاضة لمجاهدي خلق بانتفاضة أخرى على مستوى البلاد، وكانت هذه الانتفاضة أكثر تلقائية وأوسع نطاقاً، حيث شملت ما يقرب من 200 موقع في غضون عدة أيام فقط. وفي نفس الفترة الزمنية القصيرة، قُتل ما يقرب من 1500 متظاهر سلمي في عمليات إطلاق نار جماعية نفذها في الغالب قوات حرس نظام الملالي. وبعد عدة أشهر، نشرت منظمة العفو الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان تقريراً أوضح أن التعذيب الممنهج للأشخاص الذين تم القبض عليهم خلال تلك الانتفاضة لا يزال مستمراً.
ساعدت حملة التعذيب تلك في تحديد دور قضاء نظام الملالي بقيادة إبراهيم رئيسي، الذي تم تعيينه في هذا المنصب في مارس/ أيار 2019، على ما يبدو كنوع من جائزة ترضية من المرشد الأعلى في أعقاب محاولة رئيسي الفاشلة للإطاحة بالرئيس الحالي، حسن روحاني، في عام 2017. إن ترقية رئيسي المفاجئة وغير المبررة إلى منصب رئيس القضاء جعلته في موقع ممتاز لمتابعة كرسي الرئاسة مرة أخرى في عام 2021.
مع اقتراب موعد انتخابات 18 يونيو / حزيران، تمت ترقية مكانة رئيسي، المرشح الأوفر حظًا، من خلال التأييد الواضح له من المرشد الأعلى، مما جعله قريبًا جدًا من منصب الرئاسة. بعد تسجيل ما يقرب من 600 فرد كمرشحين محتملين في مايو / أيار، قام مجلس صيانة الدستور باستبعاد الجميع باستثناء رئيسي وستة آخرين، ولم يُنظر إلى أي منهم على أنه يمثل تحديًا خطيرًا لحملته الانتخابية. حتى بعض المتشددين البارزين الآخرين مثل الرئيس الأسبق للبرلمان، علي لاريجاني، تم إستبعادهم من السباق الانتخابي، وذلك على الرغم من أنهم أظهروا ولائهم باستمرار لخامنئي ونظامه الذي كان سيضمن ترشيحهم في أي عام آخر.
الأمر المختلف في هذا العام هو أن انتفاضتي يناير/ كانون الثاني 2018 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2019، كانتا سبباً فى إزعاج النظام إلى درجة أن السلطات القيادية لنظام الملالي مثل خامنئي، يرون أنه من مسؤوليتهم تسريع حملات القمع ضد المعارضة بشكل أكبر. ووفقًا للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإن ترشيح رئيسي هو أمر لا جدال فيه في الانتخابات الحالية، حيث يٌعرف بأنه الشخصية التي من المرجح أن تروج لسياسات متشددة للغاية دون النظر إلى تكلفتها البشرية.
كانت الفترة التي قضاها إبراهيم رئيسي كرئيس للسلطة القضائية بمثابة اختبار مهم لإدانته في هذا الجزء، لكن ثقة خامنئي السابقة به تعود إلى 33 عامًا على الأقل. في يوليو/ تمّوز 1988، أصدر سلف خامنئي ومؤسس النظام، روح الله الخميني، فتوى أعلنت أن معارضي النظام، وخاصة أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، هم أعداء الله وبالتالي يخضعون لعقوبات قاسية في ظل نظام الملالي. ونتيجة لذلك، تم تشكيل “لجان الموت” في جميع أنحاء البلاد، ومهمتها هو استجواب السجناء السياسيين ودعوتهم إلى التنصل من انتماءاتهم السابقة. أولئك الذين رفضوا القيام بذلك أو فشلوا في إثبات الولاء لنظام الملالي، تم إعدامهم بإجراءات موجزة قبل دفنهم في مقابر جماعية سرية.
قبل ذلك، كان إبراهيم رئيسي نائب المدعي العام في طهران، وانتقل من هناك ليصبح واحدًا من خمس شخصيات رئيسية في لجنة الموت في طهران. لذلك يُنظر إليه على أنه يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن مذبحة 30000 فرد على مدار عدة أشهر في عام 1988.
هذا الإرث، أكثر من أي شيء آخر، هو ما يعمل المجلس الوطني للمقاومة على كشفه للمجتمع الدولي على نطاق في الأيام الأخيرة قبل انتخابات 18 يونيو. سيستمر هذا العمل بنفس المنوال بعد ذلك فى حالة فوز رئيسي بالفعل بكرسي الرئاسة، والذي من الواضح أنه أمر لامفر منه. ومع ذلك، يبدو أيضًا أنه من المحتم أن يضطر رئيسي لإعلان فوزه، خاصة بعد أن رفض الشعب الإيراني بأغلبية ساحقة ترشيحه ونظام الملالي، عبر مقاطعة الانتخابات.
دأبت منظمة مجاهدي خلق على الترويج لتلك المقاطعة منذ شهور، وقد أيدها عدد لا يحصى من النشطاء والمتظاهرين غير المنتسبين إليها. لا شك أن فعالية حملة المقاطعة تلك ستعرض على المجتمع الدولي في اجتماع يوليو/ تمّوز.من المتوقع أن يكرر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المشاعر التي عبر عنها رئيس لجنة الشؤون الخارجية الشهر الماضي، والذي قال في مؤتمر صحفي إن المقاطعة ستكون مقدمة لانتفاضات على مستوى البلاد ستكون “أكثر كثافة وانتشارًا مما كانت عليه في السنوات السابقة”.
بهذا المعنى، تمثل المقاطعة فرصة لصناع السياسة الغربيين لتقييم المدى المحتمل لحركة محلية لتغيير النظام في إيران. وهذا بدوره يجب أن يدفعهم إلى النظر في الفعالية المحتملة للسياسات التي تدعم وتعزز تلك الحركة بدلاً من غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان التي من المؤكد أنها ستنبع من إدارة نظام الملالي المقبلة.