المشاركة المنخفضة للناخبين في الانتخابات الرئاسية الصورية في إيران تبعث برسالة تاريخية إلى العالم إيران، 19 يونيو/ حزيران 2021 – كما كان متوقعاً، تبين أن الانتخابات الرئاسية الصورية الإيرانية، التي أٌجريت يوم الجمعة، كانت مهزلة وإهانة لنظام الملالي الاستبدادي. ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، فإن نسبة المشاركة من الناخبين المؤهلين للتصويت كانت أقل من 10 بالمائة، مما يدل على ازدراء الشعب الإيراني المطلق للنظام برمته.
وقامت المقاومة الإيرانية بتوثيق العملية الانتخابية عن كثب. ووفقًا للبيان الصادر عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإن أكثر من 1200 صحفي ومراسل تابع لقناة سيماي آزادي (قناة المقاومة الإيرانية الفضائية، التليفزيون الإيراني) من 400 مدينة في إيران، قاموا بإرسال أكثر من 3500 مقاطع فيديو وغيرها من التقارير التى أظهرت مراكز اقتراع فارغة. كان الدليل لا يمكن إنكاره لدرجة أنه حتى وسائل الإعلام الدولية التي تميل إلى إلقاء ضوء إيجابي على انتخابات نظام الملالي اعترفت باللامبالاة بين الناخبين.
وحدثت المقاطعة الجماعية للانتخابات على الرغم من مناشدة قادة النظام الجمهور للخروج والتصويت في عدة مناسبات. ووصف المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي الانتخابات بأنها “امتحان وطني”. وتوسل مسؤولون كبار آخرون من كافة فصائل النظام المواطنين للتصويت، ووصفوها بأنها ضرورة للأمن القومي. وقال إمام صلاة الجمعة صراحة أن أولئك الذين لا يصوتون في الانتخابات “يصوتون لصالح منظمة مجاهدي خلق الإيرانية”.
لجأ النظام إلى تكتيكات أخرى مثل شراء الأصوات وتوزيع المواد الغذائية والمشروبات المجانية وغيرها من الحوافز لتشجيع الناس على القدوم إلى مراكز الاقتراع. لكن الناس لم تنطلي عليهم هذه الخدع.
كانت المقاطعة الجماعية للانتخابات تصويتاً حاسماً لتغيير النظام ودليلًا على أن الشعب الإيراني يرفض جميع الفصائل داخل النظام.
كما قال العديد من الإيرانيين صراحة خلال الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية، “تصويتي هو تغيير النظام”.
وصفت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المقاطعة الوطنية للانتخابات الصورية بأنها “أكبر ضربة سياسية واجتماعية للمرشد الأعلى للملالي علي خامنئي وللحكم الديني وتستحق التهنئة التاريخية للشعب الإيراني”. وأضافت أن المقاطعة أثبتت وأظهرت للعالم أن “صوت الشعب الإيراني الوحيد هو إسقاط نظام القرون الوسطى هذا”.
رئيس إيران قاتل جماعي
ومع ذلك، لجأ النظام إلى تكتيكه المعتاد، وهو استخدام وسائل الإعلام التابعة للنظام لخلق انطباع بوجود نسبة عالية من الناخبين. وأعلنت وسائل الإعلام الحكومية أن أكثر من 28 مليونًا من أصل 59 مليون ناخب مؤهل أدلوا بأصواتهم.
مما لا يثير الدهشة، تبين أن الفائز المعلن في المهزلة الانتخابية للنظام هو إبراهيم رئيسي، المرشح المفضل لخامنئي. والذي قضى كامل حياته المهنية في النظام القضائي للنظام وكان رئيسًا للسلطة القضائية قبل أن يصبح رئيسًا للبلاد.
لكن هناك شيء واحد بارز في خدمته التي استمرت أربعة عقود للنظام الإيراني: مذبحة عام 1988 للسجناء السياسيين. بموجب فتوى أصدرها المرشد الأعلى روح الله الخميني، نفذ النظام عملية تطهير جماعي في السجون الإيرانية، وأعدم أكثر من 30 ألف سجين سياسي في غضون أسابيع قليلة.
لعب إبراهيم رئيسي دورًا محورياً في هذه الجريمة ضد الإنسانية. بصفته نائب المدعي العام في العاصمة طهران، أصبح رئيسي عضوًا في “لجنة الموت”، وهي مجموعة من القضاة المزعومين الذين استدعوا السجناء السياسيين وأرسلوهم إلى المشنقة إذا لم يتخلوا عن دعمهم لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وهو معروف بين الإيرانيين بـ “جلاد عام 1988”.
خلال فترة توليه منصب رئيس القضاء، صعّد رئيسي حملة قمع المتظاهرين والمعارضين. واستمرت عمليات الإعدام بلا هوادة. واشتد التعذيب على السجناء السياسيين. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك نويد أفكاري ومصطفى صالحي، المتظاهرين المقبوض عليهما اللذان تم إعدامهما على الرغم من الاحتجاجات الدولية لإلغاء حكم الإعدام الصادر بحقهما. في تقارير منفصلة، قدمت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ومنظمة العفو الدولية روايات مروعة عن الفظائع التي ارتٌكبت ضد المتظاهرين المعتقلين خلال احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
أدرجت الولايات المتحدة رئيسي على القائمة السوداء لانتهاكاته لحقوق الإنسان.
نظام الملالي بدون قناع
لكن لماذا يقوم خامنئي بتعيين جلاد كرئيس للبلاد؟ ألن يكون ما يسمى بالشخصية المعتدلة أكثر ملاءمة لتولي زمام القيادة في وقت يخوض فيه النظام مفاوضات لرفع العقوبات الدولية؟
في حين أن مثل هذه التكتيكات قد تكون ناجحة في الماضي، إلا أن النظام في حالة لم يعد بإمكانه تحمل مثل هذه المناورات السياسية والدبلوماسية. يواجه النظام مجتمعاً مضطرباً بشكل متزايد. وقد يندلع احتجاج آخر على مستوى البلاد في أي لحظة، ولا يثق خامنئي إلا في شخص لديه سجل حافل في قمع المعارضة. ولا يوجد من هو أفضل من إبراهيم رئيسي.
ماذا تعني الانتخابات بالنسبة للمجتمع الدولي؟ أولاً، ثبت وللمرة الألف أن الإصلاح داخل النظام هو مجرد وهم، وهو واقع أثبتته المقاومة الإيرانية مراراً وتكراراً.
في حين أن مؤيدي سياسة الاسترضاء تجاه نظام الملالي قد برروا أفعالهم (أو عدم وجودها) من خلال الادعاء بأنهم يريدون تمكين ما يسمى بالفصيل المعتدل داخل النظام، إلا أنهم يواجهون الآن نظاماً بدون قناع، رئيسه قاتل جماعي ملطخة يديه بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء.
وثانياً، الانتخابات ومقاطعتها الجماعية دليل لا يمكن إنكاره على أن نظام الملالي لا يمثل الشعب. لقد أدلى الشعب الإيراني بأصواتهم: تغيير النظام. لقد حان الوقت الآن لكي يلقي المجتمع الدولي بآرائه ويختار الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ.