إيران الحرة 2021:من المتوقع أن يزداد سلوك العاصمة طهران سوءاً- بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 يونيو / حزيران، يجب على صانعي السياسة في جميع أنحاء العالم أن يتعاملوا مع حقيقة أن الرئيس المقبل لنظام الملالي هو منتهك سيئ السمعة لحقوق الإنسان. وفي حين أن معظم المسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى لديهم ارتباط مباشر بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها نظام الملالي في الماضي، يُعتبر إبراهيم رئيسي أحد الجناة الرئيسيين في أسوأ جريمة منفردة ضد الإنسانية ارتكبها نظام الملالي.
في عام 1988، كان رئيسي نائبًا للمدعي العام في العاصمة طهران، وفي صيف ذلك العام، تم تكليفه بالعمل في “لجنة الموت” التي كُلفت بتنفيذ فتوى آية الله الخميني الأخيرة في سجن إيفين. باعتباره موطنًا لأكبر عدد من السجناء السياسيين في إيران، كان هذا السجن المكان الرئيسي لجهود الخميني للقضاء على المعارضة المنظمة، لا سيما من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
لتحقيق هذه الغاية، أعلن مؤسس النظام والمرشد الأعلى الأول في منتصف عام 1988 أن أعضاء منظمة مجاهدي خلق مذنبون بـ “العداء لله”، وبالتالي، فإن جميع أعضاء وأنصار المنظمة يستحقون عقوبة الإعدام ويجب التعامل معهم دون رحمة. وفي صيف ذلك العام، تم تشكيل لجان الموت في جميع أنحاء البلاد، وتتألف من مجموعة من الملالي والمدعين العامين وممثلي جهاز المخابرات. في “محاكمات” استمرت بضع دقائق، استجوبت هذه المحاكم السجناء السياسيين حول انتماءاتهم وآرائهم تجاه نظام الملالي، ثم أمرت بإعدام أكثر من 30 ألف سجين سياسي. بصفته ممثل القضاء في لجنة الموت بطهران، يتحمل رئيسي المسؤولية عن جزء كبير من الضحايا البالغ عددهم 30 ألفًا في المذبحة التي تلت ذلك في جميع أنحاء البلاد. ولا يزال يتحمل هذه المسؤولية حتى يومنا هذا، حيث لم يُحاسب أحد على عمليات القتل بعد أكثر من 30 عامًا. بل علي العكس، تمت مكافأة العديد من المسؤولين، بمن فيهم رئيسي نفسه، بسخاء على الخدمة التي قدموها للنظام من خلال الأعمال الانتقامية العنيفة ضد خصومه السياسيين. كان العديد من هذه المكافآت مثيرًا للسخرية، بما في ذلك تعيين أعضاء لجنة الموت في منصب وزير العدل الحالي وكذلك الأسبق في ظل فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني.
بسبب دوره في مذبحة عام 1988 وسمعته السيئة كقاضي الاعدامات، اختار المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي، إبراهيم رئيسي رئيسًا جديدًا للسلطة القضائية في عام 2019. وقد أتاح له هذا الدور الفرصة للتوسع في إرثه الدموي من خلال الإشراف على حملة قمع للانتفاضة الوطنية في نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام. كان لرئيسي يد مباشرة في كلتا المرتين من أعمال العنف، حيث شغل الآن منصب رئيس السلطة القضائية ورئيسًا لمؤسسة أستان قدس رضوى، وهي مؤسسة دينية مزعومة لها تاريخ طويل في تصدير التطرف الديني وتمويل الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم. مهدت هذه الخلفية الطريق أمام رئيسي لإدارة حملة انتخابية، دون منازع تقريبًا، للرئاسة وبدعم واضح من المرشد الأعلى خامنئي.
اختيار رئيسي ليصبح الرئيس المقبل للنظام هو إعادة التأكيد النهائية على التزام طهران بالعنف السياسي باعتباره جانباً أساسياً من هوية النظام. وبالتالي، من الضروري أن يقوم المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية وإدانة سجله الحافل بالجرائم، وإدانة النظام بأكمله لدفاعه عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها وتأييده لها، والمطالبة بإجراءات المساءلة عن مجموعة من القضايا التي لم يتم حلها حتى الآن، بما في ذلك مجزرة عام 1988 وحملة نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1500 متظاهر سلمي. قد تشمل هذه الإجراءات عقوبات اقتصادية، وقيودًا على حرية تنقل رئيسي أثناء تمثيله لإيران على الصعيد العالمي، وتحقيقات رسمية في جرائم الماضي، بهدف تعزيز مقاضاة رئيسي وآخرين في محكمة دولية. هذه الجهود ضرورية من الناحية الأخلاقية في حد ذاتها، ولكن إذا حاول أي صانع سياسة غربي أن يجادل بأنه ليس لديهم أي فائدة عملية أخرى، إنها بالتأكيد علامة على أنهم لم يهتموا بالتطورات داخل إيران منذ اندلاع الانتفاضة الأولى على مستوى البلاد في نهاية عام 2017.
أدت تلك الانتفاضة إلى تحول جذري في الطريقة التي تتحدث بها سلطات نظام الملالي والمجتمع الإيراني ككل عن المقاومة المؤيدة للديمقراطية في البلاد. بعد مذبحة عام 1988، بدأت طهران في الإصرار على أن منظمة مجاهدي خلق ليس لها دعم حقيقي داخل إيران ولا تشكل تهديدًا خطيرًا لسيطرة الملالي على السلطة. تبخرت نقطة الحديث هذه في يناير/ كانون الثاني 2018 عندما اعترف خامنئي بأن منظمة مجاهدي خلق خططت لشهور لنشر رسالة صريحة لتغيير النظام. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف تحذيرات طهران بشأن الاضطرابات المنسقة. حتى بعد حملة القمع لعام 2019، واصل الإيرانيون من جميع مناحي الحياة تحدي سلطة النظام من خلال رفض التصويت في الانتخابات البرلمانية لعام 2020 والانتخابات الرئاسية هذا الشهر. روجت منظمة مجاهدي خلق لتلك المقاطعات الانتخابية كوسيلة “للتصويت لتغيير النظام”، وتوقع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن هذا من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الانتفاضات على الصعيد الوطني، لا سيما في ظل وجود دعم ذي مغزى للمقاومة أو الضغط على النظام، من المجتمع الدولي. ماذا ستكون عواقب رئاسة رئيسي على إيران والمجتمع الدولي؟ سيكون هذا أحد الموضوعات الرئيسية للقمة العالمية “إيران الحرة” 2021 بين 10 و 12 يوليو/ تموز، عندما يجتمع تجمع المغتربين الإيرانيين في مؤتمرهم السنوي. سيتألف حدث هذا العام من تجمعات للمغتربين الإيرانيين في بلدان في جميع أنحاء العالم، وسيتضمن خطابات من صانعي السياسة الأمريكيين والأوروبيين والخبراء الإيرانيين.