الاحتجاجات على نقص المياه تعكس الاتجاهات السياسية الأوسع في إيران- منذ الخميس الماضي، كانت محافظة خوزستان الإيرانية موقعًا للعديد من الاحتجاجات واسعة النطاق على الأزمة المتفاقمة لنقص المياه. واندلعت المظاهرات في غضون أسابيع من بدء احتجاجات واسعة مماثلة في خوزستان ومختلف المناطق الأخرى، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة في خضم حرارة الصيف. ولا تزال مشكلة انقطاع التيار الكهربائي دون حل حتى الآن، وتلك الاحتجاجات ماتزال مستمرة بينما تهدد احتجاجات نقص المياه بالامتداد إلى ما هو أبعد من خوزستان. حتى وسائل الإعلام الحكومية تقر بأن أكثر من ربع سكان إيران البالغ عددهم 84 مليون نسمة قد تأثروا بهذا النقص في السنوات الأخيرة.
الاحتجاجات على نقص المياه تعكس الاتجاهات السياسية الأوسع وتستهدف كلتا الحركتين الاحتجاجيتين سياسات نظام الملالي بشكل مباشر، وفي الحقيقة، فكلاهما يستهدف النظام نفسه. يعود السبب في نقص المياه إلى حد كبير إلى انتشار السدود التي أقامتها الحكومة والعديد من الشركات التابعة لقوات حرس نظام الملالي. وفقًا لمعظم التقديرات، تسيطر قوات حرس نظام الملالي على الغالبية العظمى من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهذا دليل على عدم وجود قيود داخلية وخارجية على سلوكه لإثراء نفسه بنفسه.
في 4 يوليو/ تموز، اعترفت صحيفة همدلي الحكومية بأن “تحذيرات الخبراء من عدم بناء السدود وبناء الآبار تم تجاهلها دائمًا”، وكانت النتيجة أن أزمة نقص المياه تهدد الآن حياة الملايين. وبناءًا على ذلك، فإن النشاط ينمو بشكل متزايد بين هؤلاء السكان، ولكن حتى الآن لم يكن هناك ما يشير إلى أن قوات حرس نظام الملالي أو سلطات النظام تميل إلى الاستماع إلى الضغط العام أكثر من الضغط من الخبراء. ومن المفترض أن هذا هو السبب في أن الاحتجاجات المستمرة في خوزستان اتخذت نبرة مناهضة للحكومة بشكل واضح، وبشعارات تذكر بالانتفاضات الجماهيرية السابقة لدعم تغيير النظام.
سُمع المشاركون في تلك الاحتجاجات وهم يهتفون “الموت للديكتاتور” و”الموت لخامنئي” في إشارة إلى السلطة النهائية على جميع شؤون الدولة. وترددت الشعارات نفسها في الاحتجاجات على انقطاع التيار الكهربائي، إلى جانب الشعار الأكثر وضوحًا، “الموت لخامنئي”. أصدر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بيانًا يوم الأحد أشار فيه إلى كلتا الحركتين الاحتجاجيتين وكان أكثر وضوحًا بشأن النتائج المتوقعة.
وجاءت في البيان دعوة الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي إلى جميع النشطاء الإيرانيين وخاصة الشباب منهم “الملالي يحرمون المواطنين من الماء والكهرباء والخبز والسكن واللقاحات لدعم المشاريع النووية والصاروخية غير الوطنية وإثارة الحروب في المنطقة” . وناشدتهم “بالمسارعة في مساعدة أهالي خوزستان، وخاصة الجرحى”، ثم أشارت إلى قمع النظام للمعارضة كدليل على أنه “طالما بقي الملالي الناهبون في السلطة، سيستمر الفقر والبطالة والمرض.”
دعت المقاومة الإيرانية علانية إلى تغيير النظام منذ فترة وجيزة بعد ثورة 1979 وظهور النظام الحالي.وكررت هذا الموقف أمام جمهور عالمي واسع في وقت سابق من هذا الشهر عندما عقد المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية لإيران الحرة 2021، وهي حدث مباشر يربط بين تجمعات المغتربين الإيرانيين في 17 دولة ويتضمن خطابات العشرات من الأمريكيين والأوروبيين الداعمين لحركة المقاومة الديمقراطية.
في كلمة ألقتها في اليوم الأول من الحدث الذي استمر ثلاثة أيام، حثت السيدة رجوي المجتمع الدولي على دعم نضال الشعب الإيراني من أجل تغيير النظام وأكدت أن هذا الدعم سيصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى في “العصر الجديد” أي من المقرر أن تبدأ في 5 أغسطس/ آب مع تنصيب إبراهيم رئيسي كرئيس جديد للنظام. تم “اختيار” رئيسي في 18 يونيو / حزيران، لكن الغالبية العظمى من الشعب قاموا بمقاطعة الانتخابات كعمل احتجاجي على سجله المشين في انتهاكات حقوق الإنسان.
في عام 1988، كان رئيسي مشاركًا رئيسيًا في مذبحة للسجناء السياسيين خلفت أكثر من 30 ألف قتيل. في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020، بصفته رئيسًا للسلطة القضائية، أشرف على حملة قمع للمعارضة في أعقاب انتفاضة على مستوى البلاد شملت ما يقرب من 200 بلدة وساهمت في تبني الشعارات المناهضة للحكومة التي تبناها سكان خوزستان الأسبوع الماضي. تؤكد هذه الحوادث وغيرها على أنه تم تنصيب رئيسي كرئيس لغرض صريح هو توسيع قمع المعارضة إلى أبعد من ذلك.
من ناحية أخرى، سوف يقاوم الشعب الإيراني بنشاط هذا الاتجاه. واحتجاجات خوزستان دليل على ذلك. ولكن مع استمرار ورود تقارير عن قيام السلطات بفتح النار على تلك الاحتجاجات وإجراء اعتقالات جماعية، ينبغي أن يكون الموقف أيضًا بمثابة تذكير للقوى الغربية بالحاجة إلى سياسات تحمي الشعب الإيراني وتمنع النظام من المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي ختام المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية لإيران الحرة 2021، أشارت السيدة رجوي إلى تعيين رئيسي على أنه “اختبار حاسم لما إذا كان [المجتمع الدولي] سينخرط ويتعامل مع نظام الإبادة الجماعية هذا أو يقف مع الشعب الإيراني. لكن العالم لا يحتاج إلى انتظار هذا الاختبار. يمكنها الوقوف مع الشعب الإيراني في هذه اللحظة من خلال دعمهم في مواجهة الاشتباكات مع السلطات في خوزستان وأي مكان آخر تبرز فيه الاضطرابات من الآن وحتى 5 أغسطس/ آب.