إيران: لماذا لا توجد عقوبات على الانتهاكات النووية أو الإبادة الجماعية التي يرتكبها نظام الملالي؟ في 12 سبتمبر / أيلول، توصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى اتفاق مع إيران يوم الأحد لحل “القضية الأكثر إلحاحًا” بينهما. يأتي هذا الاتفاق في وقت زاد فيه النظام من ابتزازه النووي.
في أعقاب التقرير الأخير الصادر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الأنشطة النووية لنظام الملالي، ظهرت مؤشرات على أن صبر هيئة الأمم المتحدة بدأ ينفد أخيرًا. يرجع الفضل في إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 من الانهيار الكامل في أكثر من مناسبة، والمعروف أيضًا بخطة العمل الشاملة المشتركة، إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ”رافايل غروسي”، وذلك من خلال إبرام اتفاقات مؤقتة مع نظام الملالي لمنع طرد المفتشين من البلاد بشكل كامل. كما عقد صفقة أخرى مع النظام، في الوقت الذي أعرب بينما كان قد أعرب في وقت سابق عن قلقه من الأنشطة النووية للنظام.
صرّح غروسي قبل رحلته الأخيرة إلى إيران في بيان له قائلًا: “إنني قلق بشكل متزايد من أن القضايا المتعلقة بالمواقع النووية غير المعلنة لا تزال دون حل وأن إيران بحاجة إلى إيجاد حل لها في أقرب وقت ممكن”، في إشارة إلى ثلاثة مواقع تم العثور فيها على آثار لمواد نووية في أعقاب تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، بالإضافة إلى موقع واحد يشتبه في وجود أنشطة نووية سابقة فيه ولكن لم يتم تأكيد ذلك حتى الآن.
إن عرقلة طهران وتسترها فيما يتعلق بهذه المواقع، أمر مثير للقلق بشكل كبير، ولكن تم تضخيم أهمية ذلك الأمر بشكل كبير خلال العامين الماضيين، حيث أن النظام لا يمتثل للقيود المفروضة على الأنشطة النووية المسموح بها له.
تباهى مسؤولو نظام الملالي علانية بالتقدم في تخصيب اليورانيوم وتطوير الصواريخ الباليستية وغيرها من الأنشطة النووية. يشير تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة قد نما إلى 84.3 كجم على الأقل، مقارنة بـ 62.8 كجم والمسجل في التقرير السابق، في ذلك الوقت كان غروسي قد حذر بالفعل من أن مجرد استعادة الاتفاقية الحالية ربما أصبح مستحيلًا بسبب حيازة النظام للمزيد من المواد النووية وكذلك للمعرفة. الآن، تدور الأسئلة حول سبب تبني غروسي التأكيدات اللفظية الأخرى للنظام.
بموجب ترتيب مؤقت مع غروسي، وافق نظام الملالي على الاحتفاظ ببطاقات ذاكرة المراقبة بالفيديو وغيرها من البيانات من المواقع النووية، على وعد بالسماح للمفتشين برؤيتها في حال أدت المفاوضات إلى إعادة تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة. ومع ذلك، فإن الموعد النهائي لاستبدال تخزين البيانات قد انقضى بالفعل في 24 أغسطس/ آب. وبدلاً من ممارسة المزيد من الضغوط على النظام، رضخ رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية لوعود النظام الجوفاء.
إيران: لماذا لا توجد عقوبات على الانتهاكات النووية
اعترف غروسي نفسه في بعض تعليقاته الأخيرة بأن النظام يرفض الآن تقديم إجابات مرضية حول المواقع النووية غير المعلنة لأكثر من عامين. النظام الآن لديه اليورانيوم المخصب عند مستوى ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة أو أعلى منه لنفس الفترة الزمنية. هذا يعني أنه منذ أكثر من عامين، كان النظام يتحدى علنًا أبسط التوقعات الدولية حول سلوكه منذ أكثر من عامين، بينما لم يواجه النظام أي عواقب تذكر.
بدأ مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم وكان هناك على الأقل احتمال ضئيل بأن العواقب ستكون وشيكة بعد كل هذا الوقت.
جاء اتفاق النظام مع غروسي قبل يوم واحد فقط من لقاء اليوم. كان نظام الملالي يلعب دور القط والفأر مع المجتمع الدولي فيما يتعلق بالمخاوف المتزايدة بشأن برنامجها النووي.
لقد بدأ نظام الملالي في عملية الابتزاز النووي، وكلما شعر أن المجتمع الدولي ربما سيتخذ إجراءً حاسمًا، يقوم بإعطاء بعض الوعود للمجتمع الدولي ثم يخالف تلك الوعود والاتفاقيات. ومع ذلك، في كل مرة، يتردد المجتمع الدولي في محاسبة النظام.
يعود تردد المجتمع الدولي في محاسبة إيران إلى عام 1988 على أقل تقدير، حين أصدر مؤسس النظام روح الله خميني فتوى وصفت المعارضة المنظمة لنظام الملالي بأنها مثال على “العداء لله” ويعاقب عليه بالإعدام. وقد دفعت الفتوى إلى إنشاء “لجان الموت” في جميع أنحاء البلاد والتي كُلفت باستجواب السجناء السياسيين حول آرائهم وانتماءاتهم، ثم تنفيذ عمليات إعدام جماعية للسجناء.
على مدار حوالي ثلاثة أشهر، قُتل بهذه الطريقة حوالي 30000 شخص، معظمهم أعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
في رسالة مفتوحة إلى سلطات الملالي نُشرت في العام الماضي، أشارت مجموعة من سبعة خبراء في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى أنه من خلال إدانة المذبحة في قرار يعود إلى عام 1988، ولكن إهمال متابعتها، كان لهيئات الأمم المتحدة “تأثير مدمر” ليس فقط على المتضررين مباشرة من المجزرة، ولكن أيضًا على الوضع العام لحقوق الإنسان في إيران، وكذلك على شعور النظام بالإفلات من العقاب على المستوى الدولي.
وقد تعزز هذا الشعور بالإفلات من العقاب خلال العملية التي انبثقت عن انتهاكات إيران المنهجية للاتفاق النووي. وعلى طول الطريق، تم تعزيزها أيضًا بقرار المرشد الأعلى علي خامنئي بتعيين إبراهيم رئيسي، أحد مرتكبي مجزرة عام 1988، رئيسًا جديدًا للنظام. لا يوجد مؤشر أوضح على أن نظام الملالي يتوقع من المجتمع الدولي أن يستمر في غض الطرف عن أسوأ جرائم النظام. وهذا يوضح أن هذه الجرائم ستستمر في التكرار حتى يحين الوقت الذي تتخذ فيه القوى العالمية إجراءات سريعة وحاسمة لمحاسبة النظام على كل نشاط من أنشطته الخبيثة.
إن محاسبة نظام الملالي على سلوكياته الخبيثة، لا يصب فقط في مصلحة الشعب الإيراني. تخيل أن نظامًا إرهابيًا يشعل الحروب، ويتمكن من الحصول على قنبلة نووية. ماذا ستكون العواقب على الدول الغربية؟ لقد حان وقت التحرك!