“دٌفن حيًا” – سجين سياسي سابق يسلط الضوء على مذبحة عام 1988 في إيران- للأسف الشديد، كانت المذبحة الإيرانية في صيف 1988 واحدة من أكثر الفظائع التي لم يتم الإبلاغ عنها في التاريخ الحديث. على مدار عدة أشهر، أرسل نظام الملالي الحاكم في إيران أكثر من 30 ألف سجين سياسي إلى المشانق، وكان معظمهم من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة.
لقد دمر عدد لا يحصى من العائلات في جميع أنحاء إيران جراء القتل الجماعي، الذي وصفه الخبراء الآن بأنه “جريمة ضد الإنسانية” و “إبادة جماعية”. وفقدت الكثير من العائلات أحباءها، وقام النظام، في محاولة للسيطرة على تلك الفظائع، بتنفيذ عمليات الإعدام بطريقة وحشية وطائشة.
إبراهيم خاكسار، سجين سياسي في إيران وعضو الآن في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، يتذكر كيف أعدم نظام الملالي ثلاثة من أفراد عائلته، اثنان من أبناء عمومته وأحد أشقائه.
تم اعتقال أخي عباس خاكسار في عام 1981 لمجرد دعمه لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. كان عباس في السجن لمدة ثلاث سنوات، وأنه قد تم الإفراج عنه فقط ليتم القبض عليه مرة أخرى ثم إعدامه خلال مذبحة عام 1988″. وأشار إبراهيم إلى أن النظام لم يكن يحترم أي جزء من المجتمع الإيراني وسعى على وجه التحديد إلى إعدام جميع السجناء الذين أظهروا أي علامة على الولاء أو الدعم المستمر لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
دٌفن حيًا
وأضاف إبراهيم ” لقد سمعنا عن المذبحة والشنق والإعدام رميًا بالرصاص ودفن جثث الضحايا في مقابر جماعية. لكن أخبار إعدام عباس كانت مختلفة. حيث تم دفن عباس ورفاقه في الزنزانة أحياء. قال أحد الأقارب، الذي جاء من إيران، إن عباس ومجموعة السجناء الذين تم نقلهم للإعدام، دفنوا أحياء في مقبرة جماعية، وألقوا بالتراب عليهم.”
إلى جانب مقبرة خاوران بالقرب من العاصمة طهران، تم اكتشاف العديد من المقابر الجماعية في جميع أنحاء إيران على مر السنين. يشير هذا إلى العدد الكبير من السجناء السياسيين الذين تم تطهيرهم حرفياً من قبل النظام في مذبحة عام 1988، والطبيعة المتهورة للإبادة الجماعية. كان النظام بحاجة لقتل ودفن الآلاف والآلاف من السجناء السياسيين في أقصر وقت ممكن.
ويضيف إبراهيم في تصريحاته، موضحًا أن النظام لا يتسامح مع بقاء أي من أعضاء منظمة مجاهدي خلق على قيد الحياة، ناهيك عن الدخول فيما يسمى برلمان الملالي ” بينما ابن عمي، غلام رضا خاكسار، كان مرشح منظمة مجاهدي خلق للبرلمان لتمثيل مدن قصر شيرين وكيلان الغرب وسربل ذهاب خلال الانتخابات البرلمانية لعام 1980. ولكن تم القبض عليه في عام 1981 في مدينة همدان، وتم إعدامه في النهاية رميًا بالرصاص.”
وتابع إبراهيم ” بينما ابن عمي الآخر، جهانبخش خاكسار، الذي اعتقل عام 1981 لمجرد حيازته إحدى مطبوعات منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. تم وضعه خلف القضبان لمدة ثلاث سنوات في سجن ديزل آباد في كرمانشاه (غرب إيران). تم إطلاق سراح جهانبخش في النهاية بفضل جهود عائلته الحثيثة. بناءً على الأدلة التي تم الحصول عليها، قام النظام بتسميمه قبل إطلاق سراحه وألقيت جثته حرفياً أمام منزل عائلته. كنت حاضرًا في مكان الحادث وشهدت ذلك بنفسي.”
وهذا يتماشى مع العديد من التقارير الأخرى حول لجوء سلطات النظام إلى مثل هذه الإجراءات اللاإنسانية لتعذيب ليس فقط السجين السياسي المستهدف، ولكن أيضًا عائلاتهم وذويهم، وبالتالي إرسال رسالة إلى المجتمع بأكمله للتفكير مرتين قبل معارضة دكتاتورية الملالي.
“في ذلك اليوم، كان جميع أقاربنا وأصدقائنا يحتفلون بخبر إطلاق سراح جهانبخش من السجن. كان الجميع سعداء للغاية، وقد دعتنا الأسرة لاستقباله في منزله. لكن فجأة سمعنا أنه تم العثور على جثته نصف ميتة على الأرض في وسط الحي بالقرب من منزل العائلة. وضعناه داخل سيارة، ولكنه توفي للأسف قبل أن نصل إلى المستشفى.عندما أبلغنا والديه المسنين، حولت صرخات والدته وصراخ أخواته على الفور الاحتفال إلى مشهد حزن مفجع … أصيب والده بنوبة قلبية لأنه لم يستطع تحمل الألم. لقد توفي بعد بضع سنوات فقط “، وتصور مذكراته الفظائع المروعة التي عانت منها عائلات السجناء السياسيين الإيرانيين خلال العقود الأربعة الماضية.
اشتهر رئيس النظام، إبراهيم رئيسي، بدوره المباشر في مذبحة إيران في صيف عام 1988، كونه أحد الأعضاء الرئيسيين في “لجان الموت” سيئة السمعة التابعة للملالي والمسؤولة عن تحديد مصير كل سجين سياسي خلال مذبحة محاكمات الكنغر(هو مصطلح يستخدم لوصف النظام القضائي الذي يتجاهل معايير القانون أو العدالة المعترف بها) التي استمرت فقط لعدة دقائق. جميع السجناء السياسيين الذين أظهروا علامات الولاء لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية بأي شكل من الأشكال حُكم عليهم على الفور بالإعدام المؤكد.
ارتكب رئيسي ومسؤولون آخرون في النظام إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية ويجب محاسبتهم في المحاكم الدولية. لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يمنح هؤلاء المجرمين أي نوع من الشرعية، وبدلاً من ذلك، يختار الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني في كفاحه المستمر للوصول إلى العدالة.