لماذا لا يستطيع رئيسي محاربة الفساد في إيران، ولن يفعل- إيران، – قدم رئيس نظام الملالي، إبراهيم رئيسي، خطة مكونة من 12 نقطة لمكافحة الفساد الاقتصادي والإداري.
وزعم رئيسي في اجتماع مجلس الوزراء أن من أولويات حكومته تحديد معوقات الفساد والقضاء على أي أرضية لتشكيل الفساد في الحكومة. وأضاف رئيسي “منع الفساد مسؤولية الحكومة وملاحقة تهم الفساد مسؤولية القضاء”.
يمكننا تسمية مثل هذه الادعاءات بأنها مشينة، باعتبار أنها صادرة عن رئيس حكومة مؤلفة من لصوص ومحتالين.
رئيس أركان حكومة رئيسي الجديدة، محمد مخبر، كان رئيسًا للجنة تنفيذ أمر الإمام (EIKO) في عام 2007. لجنة تنفيذ أمر الإمام هي تكتل اقتصادي رئيسي يمثل جزءًا من المؤسسات المعفاة من الضرائب التي تقدم تقاريرها مباشرة إلى علي خامنئي، المرشد الأعلى للنظام. على مدى عقود، نهبت لجنة تنفيذ أمر الإمام مليارات الدولارات من أصول الشعب الإيراني. وفقًا لتقرير لرويترز في عام 2013، تمتلك لجنة تنفيذ أمر الإمام أصولًا بقيمة 95 مليار دولار. في يناير/ كانون الثاني 2021، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على منظمة لجنة تنفيذ أمر الإمام وغيرها من المؤسسات التي يديرها النظام، واصفة تلك الكيانات بأنها “استخدم المرشد الأعلى أصولها لإثراء مكتبه، ومكافأة حلفائه السياسيين، واضطهاد أعداء النظام المتصورين.”
ووزير البناء والتشييد في حكومة رئيسي، رستم قاسمي، وزير النفط السابق وأحد المشتبه بهم الرئيسيين في العديد من قضايا الاختلاس، بما في ذلك ملف بابك زنجاني، وهو رجل أعمال مرتبط بالنظام سرق مع شركائه عائدات نفطية بمليارات الدولارات.
ويواصل رئيسي تعيين سياسيين فاسدين في مناصب عليا في السلطة. قبل يومين من تقديم خطته لمكافحة الفساد، عيّن رئيسي حسين مدرس خياباني محافظًا لسيستان وبلوشستان. خياباني متورط بعمق في الفساد لدرجة أن البرلمان رفض منحه تصويتًا بالثقة في عام 2020 عندما تم ترشيحه وزيراً للصناعات والمناجم والتجارة. قال محللو النظام في 13 سبتمبر / أيلول إن خياباني تلقى راتب بقيمة 1.17 مليار ريال في يوليو/ تموز 2021، وهي مبالغ ضخمة يكسبها معظم الإيرانيين في عام كامل.
والسلطة القضائية التي من المفترض أن تحاكم المديرين الفاسدين هي نفسها مبتلاة بالفساد. وغني عن البيان أن العديد من المسؤولين القضائيين المتهمين بتهم الفساد كانوا من المقربين من رئيسي خلال مسيرته المهنية في السلطة القضائية.
وظلت لهجة رئيسي في التعامل مع الفساد، الذي يعد من المشاكل المزمنة للنظام، في إطار “إن شاء الله” منذ أن تولى المنصب في أغسطس/ آب. وحتى يومنا هذا، لم تنخفض الأسعار المرتفعة ولا التضخم الجامح، بل على العكس، إزداد كلاهما نتيجة لاستمرار الفساد وانعدام المساءلة.
تستمر أسعار السلع الأساسية في الارتفاع كل يوم. في أقل من شهر وصل سعر العلبة المكونة من 30 بيضة إلى 650 ألف ريال، وهو ما يعادل ربع الراتب الشهري للعامل. كما بلغ سعر اللتر الواحد من الحليب 140 ألف ريال.
وبحسب صحيفة مردم سالاري الحكومية، يبلغ متوسط سعر المتر المربع الواحد من المباني 300 مليون ريال.
وبحسب صحيفة جهان صنعت “أصبح الوضع كارثيًا لدرجة أنه يجب على عائلتين تقاسم منزل مساحته 70 مترًا بقرض رهن عقاري بقيمة 3 مليارات ريال، وينام الكثير من الناس في سياراتهم لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف شراء منزل. وأضافت الصحيفة “أن الطبقات الوسطى تهاجر إلى المناطق الفقيرة من المدن، حيث لديهم فرصة أفضل لاستئجار منزل، والفقراء يهاجرون إلى المناطق العشوائية، بينما يعيش كبار المسؤولين الحكوميين في فيلات فاخرة في شمال العاصمة طهران.”
وأكد موقع الساعة 22 الإخباري الحكومي أن أكثر من 100 مليار دولار من الأصول خرجت من البلاد وتم تحويلها إلى حسابات مصرفية تخص النخبة التي تربطها علاقات وثيقة بمسؤولي النظام.
هذا ما تُترجم إليه وعود التعامل مع الفساد عندما يتعلق الأمر بحياة الناس. زعم سلف إبراهيم رئيسي، حسن روحاني، أن العالم لم يدرك كيف تمكن النظام من إدارة الاقتصاد دون عائدات النفط. لكن في الحقيقة، الجميع يعلم. لقد سرق النظام من الناس، وتلاعب ببورصة الأوراق المالية، وانخرط في الطباعة غير المنضبطة للأوراق النقدية، وأدار الأسواق السوداء للأدوية الحيوية، ونفذ سياسات فاسدة أخرى للغاية وتمكنوا من الإفلات من العقاب.
الحقيقة هي أن محاربة الفساد في نظام يكون زعيمه الأعلى مثالاً للفساد هو مجرد مزحة. ووعود رئيسي بالتعامل مع الفساد هي وعود جوفاء مثل تلك التي قطعها سابقاً. لكن الحقيقة هي أن النظام استلب البلد والشعب آخر ريالاتهم، واليوم ليس لدى الناس ما يخسرونه. لهذا السبب نرى استمرار الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد على الرغم من قمع النظام وانتشار فيروس كورونا وعشرات المشاكل الأخرى. يتلاعب النظام بالفساد من خلال تقديم مزاعم مزدوجة حول محاربة الفساد. إنها مسألة وقت فقط قبل أن تنفجر تلك المشكلات التي خلقها النظام في وجهه.