المفاوضات النووية وخطة العمل الشاملة المشتركة على وشك الموت الدائم؟ هل خطة العمل الشاملة المشتركة على وشك النهاية؟
أعلن عضو لجنة الأمن بالبرلمان الإيراني، حسين فدامالكي، يوم الخميس 23 سبتمبر، أن “إزالة خطة العمل الشاملة المشتركة من أولويات النظام” وأن المجلس الأعلى للأمن القومي على وشك البت في المفاوضات النووية والفريق المشارك. ما مدى صحة تصريحات مالكي هذه؟
هناك الكثير من التعليقات حول خطة العمل الشاملة المشتركة والمفاوضات المرتبطة بها في فيينا، والتي بدأت في 2 أبريل 2021 وتوقفت بعد انتهاء الجولة السادسة في 20 يونيو من هذا العام.
يمكن القول أن العامل الرئيسي الواضح في تعليق محادثات فيينا كان الانتخابات الرئاسية في حكومة ولاية الفقيه وتغيير الحكومة في هذا البلد.
في أغسطس، تولى إبراهيم رئيسي رئاسة الحكومة بعد حسن روحاني وداعمي خطة العمل الشاملة المشتركة، بينما كان في السابق من أشد المعارضين لخطة العمل الشاملة المشتركة والتفاوض مع الغرب لكونه خرج من وسط جناح خامنئي وقوات الحرس.
الحكومة الإيرانية في أمس الحاجة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ورفع العقوبات
لكن بعيدًا عن المواقف السياسية والتعليقات الإعلامية والخطاب حول قضية معقدة مثل محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة من قبل جميع أطياف الحكومة الإيرانية، لا يمكن للمرء أبدًا إخفاء حقيقة واضحة بأن الحكومة الإيرانية بحاجة ملحة وعاجلة للتفاوض بشأن قضيتها النووية تمهيدًا لرفعها العقوبات ..
إنها حقيقة ولو أن قادة الحكومة يتحدثون ضدها بكل كلمة، إلا أنها لا تقلل من الواقع المادي للموضوع، لأنه من الواضح جدًا أن العقوبات المفروضة على النظام والناجمة عن الملف النووي الإيراني قد مارست الضغط الأكبر على الحكومة الإيرانية وجعلت الاقتصاد المدمر أكثر تدميراً.
بسبب العقوبات الساحقة المفروضة على الحكومة الإيرانية، مُنعت هذه الحكومة من بيع النفط والعديد من السلع الاستراتيجية علنًا وبحرية، وفي ظل غياب الصادرات والمبيعات لهذه المنتجات، شهد نظام ولاية الفقيه أضرارًا في العملة لا يمكن إصلاحها.
لعبة تكتيكية مع المفاوضات النووية
ومع ذلك، على الرغم من أن الحكومة الإيرانية تحاول تخفيف الضغط عن طريق الالتفاف على العقوبات، أو في بعض الحالات بدافع الإكراه وعلى عكس الواقع، فإنها تؤكد أن العقوبات لم تكن لضرر البلد، بل بالعكس مهدت الطريق لإحراز تقدم.، لكن لا حاجة لعلم السياسة والاقتصاد لفهم أن هذه التصريحات الفارغة لا يمكنها حتى أن تخدع حتى طفلا.
الإحصائيات هي الأكثر صدقًا وتناقض مزاعم زعماء حكومة ولاية الفقيه.
ومع ذلك، فإن حكومة ولاية الفقيه تحتاج بالتأكيد إلى سلاح نووي لبقائها، لكنها قبل ذلك تحتاج بشكل عاجل إلى عائدات اقتصادية حتى لا يسقط الانهيار الاقتصادي نظام ولاية الفقيه.
في هذا الوقت، وبالضرورات التي تم وصفها، ما معنى الإدلاء بتصريحات مثل كلام حسين فدامالكي عندما صرح بأن خطة العمل الشاملة المشتركة قد أزيلت من أولويات النظام؟
سبب الإدلاء بتصريح مثل ” خطة العمل الشاملة المشتركة خرجت من أولويات النظام”
من الأسباب التي يمكن أن تُعطي جوابا لتصريحات مثل تصريحات فدامالكي، إذا كان لها أساس ولو جزئي في الواقع، هي الفرضية القائلة بأن حكومة رئيسي، بعبارات أكثر عمومية، حكومة ولاية الفقيه، تريد تأخير العودة إلى المفاوضات بشعار «خروج خطة العمل الشاملة المشتركة من أولوية النظام» لإجبار الولايات المتحدة على الانسحاب من محادثات فيينا، حيث حذر مسؤولون أميركيون مراراً من أن نافذة المفاوضات لن تبقى مفتوحة إلى الأبد.
في هذه الحالة، ستواجه خطة العمل الشاملة المشتركة عمليا موتًا دائمًا وسيحل محله علامات أخرى من شأنها إما أن تزيد من حدة صراع إيران مع القوى العالمية أو ستحل محل خطة العمل الشاملة المشتركة بخيار آخر لم تتضح آفاقها بعد.
في هذا السيناريو، سيعتمد الحسم النهائي للقضية النووية الإيرانية على قرار القوى العالمية أكثر من اعتماده على الحكومة الإيرانية، لأن الاتجاه الحالي للحكومة الإيرانية يظهر أن هذه الحكومة قد سلكت طريق أن تصبح نووية.
“إخراج خطة العمل الشاملة المشتركة من أولويات النظام” مناورة تكتيكية
سببآخر لمثل هذه التصريحات يمكن اعتباره فرضية وهو مناورة تكتيكية تتماشى مع بعض الشعارات المعلنة للحكومة الإيرانية مسبقا والتي تم فيها تقليص تأثير العقوبات، ومن ناحية أخرى مع التوسع الكمي والنوعي في البرنامج النووي والاقتراب من تطوير الأسلحة تسعى لدفع الغرب لأقصى قدر من التنازلات وهو رفع العقوبات وهو الخيار المفضل لدى حكومة ولاية الفقيه، لأنه على الرغم من دعاية الحكومة الإيرانية، فإن رفع العقوبات هو قضية حيوية بالنسبة لها.
في هذا الخيار أيضًا، هل ستطرح القوى العالمية الورقة الأخيرة على الطاولة، بمعنى إلى أي مدى هم على استعداد لتقديم تنازلات للحكومة الإيرانية، أو إذا لم يقدموا تنازلات، فهل سيقبلون خطر التحوّل النووي لإيران أم لا. هل سيقفون ضدها؟
خطة العمل الشاملة المشتركة على وشك الموت الدائم
لكن الحقيقة الكامنة وراء كلتا الفرضيتين تشير إلى أن الروتين الحالي وأداء حكومة ولاية الفقيه يعززان فكرة ” خطة العمل الشاملة المشتركة على وشك الموت الدائم”.
ولكن في حالة وجود مثل هذا السيناريو، سيتعين على المرء انتظار ردود الفعل المحتملة مثل الإجراءات المحتملة من قبل دول مثل إسرائيل والدول العربية في المنطقة والولايات المتحدة وحتى الحلفاء الأوروبيين، لأن تحرك الحكومة الإيرانية نحو الأسلحة النووية و وفاة خطة العمل الشاملة المشتركة، سيضع منطقة الشرق الأوسط المضطربة والاستراتيجية، في مواجهة مخاطر ومخاوف قاتلة، مثل التنافس على التسلح النووي من قبل بعض دول المنطقة لتحديد وضمان توازن القوى ضد الحكومة الإيرانية، التي دأبت على إظهار أن التدخل في دول المنطقة هي واحدة من سياساتها الثابتة.