من هو علي باقري كني، مساعد وزير خارجية نظام الملالي؟ ارتبط علي باقري كني بوزارة خارجية النظام خلال معظم حياته المهنية ووصف نفسه بأنه “دبلوماسي” منذ فترة التسعينيات. كان كني منتقدًا شرسًا للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 أو خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، وبصفته نائب وزير الخارجية، فهو الآن في وضع يسمح له بالمساعدة في زيادة عداء النظام تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية. على الرغم من أن خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) معرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى، إلا أنها تظل محور التركيز الأساسي للسياسة الغربية، ولذلك فمن المفيد معرفة التأثير الذي قد يحدثه باقري كني على الأوضاع الحالية.
تربية متميزة
وُلد علي باقري كني في أكتوبر/ تشرين الأول 1967 في مدينة كن شمال غرب العاصمة طهران، وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة الامام الصادق. كانت تلك الجامعة حاضنة للحياة المهنية لبعض المسؤولين الأكثر ثقة في نظام الملالي، وكانت عائلة باقري كني هي من يدير تلك المؤسسة لمدة أربعة عقود. يدين العديد من العلماء النوويين ووكلاء الاستخبارات بأوراق اعتمادهم لهذه الأكاديمية النخبة. من بينهم هدى ابنة خامنئي وزوجها مصباح الهدى، الذي صادف أنه شقيق علي باقري كني.
كان محمد باقر، والد علي باقري ، عضوًا في هيئة التدريس في هذه الجامعة منذ تأسيسها، وكان شقيقه محمد رضا (الذي غير اسمه الأخير من باقري كني إلى مهدوي كني ) يترأس الجامعة حتى وفاته.
المناصب الرئيسية في الجامعة:
· محمد باقري كني، نائب مدير الجامعة.
· قدسي سرخي، زوجة محمد رضا (باقري) مهدوي كني، رئيسة وحدة المرأة بالجامعة.
· صدّيقة (باقري) مهدوي كني، ابنة محمد رضا (باقري) مهدوي كني، نائب في وحدة المرأة.
· زهير أنصريان، حفيد محمد رضا (باقري) مهدوي كني، مدير مكتب اختيار الطلاب.
· مهدية (باقري) مهدوي كني، ابنة محمد رضا (باقري) مهدوي كني، مدير مكتب اختيار الطالبات.
· مصباح الهدى باقري كني، نجل محمد باقر باقري كني وشقيق علي باقري كني، مدير قسم التخطيط بالجامعة وعميد كلية إدارة الأعمال.
· محمد سعيد (باقري) مهدوي كني، نجل محمد رضا (باقري) مهدوي كني، رئيس لجنة الاختيار التنفيذية بالجامعة (تولى محمد رضا الرئاسة بعد وفاة والده).
كما كان محمد باقر، والد باقري كني، عضوًا في مجلس تشخيص مصلحة النظام وكان عمه محمد رضا وزيرًا في الحكومة ورئيسًا مؤقتًا للوزراء ورئيسًا لجامعة الإمام الصادق ورئيسًا لمجمع تشخيص مصلحة النظام. بسبب زواج أخيه من ابنة المرشد الأعلى، يُعتبر علي باقري كني حرفياً “أحد أفراد الأسرة الحاكمة”.
علي باقري ، أثناء جلوسه في حالة من الحزن تحت صورة المرشد الأعلى مع عمه الراحل محمد رضا مهدوي كني .
المسيرة المهنية لعلي باقري كني
· في عام 1989، عندما بلغ 22 عامًا، أصبح علي باقري كني عضوا في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي للشؤون الدولية.
· في عام 1994، أصبح النائب السياسي لـ “إذاعة الخبر” وعمل في هيئة الإذاعة الحكومية الرئيسية.
· عندما بلغ علي باقري 27 عامًا، وبعد بضعة أشهر في الإذاعة تم تجنيده من قبل وزارة الخارجية مع زملائه الطلاب من جامعة الإمام الصادق. في البداية، في القسم العربي الأفريقي، كان باقري كني مسؤولاً عن قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أشرف على الشؤون اللبنانية والفلسطينية، والأردنية، والمصرية، والإسرائيلية. في ذلك الوقت، كان سعيد جليلي، كبير مفاوضي النظام في ظل رئاسة أحمدي نجاد، مسؤولاً عن أمريكا الشمالية وأوروبا.
· في عام 2005، عند بلوغة سن الثامنة والثلاثين، أصبح المدير العام لوسط وشمال أوروبا في وزارة الخارجية.
· ثم في عام 2007، بعد أن أصبح سعيد جليلي سكرتيرًا للمجلس الأعلى للأمن القومي (SNSC)، أصبح أيضًا مسؤولا للشؤون الأوروبية في الخارجية.
· في عام 2008، عندما بدأت المحادثات النووية، غادر وزارة الخارجية للعمل في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي وأصبح نائباً لسعيد جليلي. بينما كانوا يقودون هذه المحادثات، صدرت أشد العقوبات وقرارات الأمم المتحدة ضد النظام. عمل الثنائي معًا في للمجلس الأعلى للأمن القومي حتى عام 2013.
· في عام 2013، أصبح علي باقري كني مدير الحملة الانتخابية لسعيد جليلي.
أثناء قيادته للحملة الانتخابية لسعيد جليلي، كشف باقري عن عقليته عندما كان يناقش الشؤون الدولية في نهاية المقابلة. قال للمضيف: عند مناقشة الملف النووي، تدافع إيران عن حقوقها وحدودها الناعمة. إذا استسلمنا، تمامًا كما فعلوا (الإدارة السابقة) من قبل، فلن يكون لديهم (الغرب) حدود. في الجولات الأخيرة من المحادثات، على مايبدو أننا كنّا نتعاون معهم، حيث طلبوا منا في النهاية تفكيك دورة الوقود النووي بالكامل … من خلال المقاومة الذكية تجاه العدو، سنعمل على ترسيخ حقوقنا، وتحويل التهديدات إلى فرص أيضًا حفاظا على كرامة بلدنا.”
“الدبلوماسي”
لم يكن علي باقري كني غريباً على المفاوضات بين النظام والغرب. في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، شارك في محادثات مباشرة مع الوفد الأمريكي بينما كان سعيد جليلي يترأس المحادثات مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الحالي وليام بيرنز.وفي أكتوبر / تشرين الأول 2009، ولفترة قصيرة، التقى الطرفان في جنيف، في فناء أحد الفنادق حيث لم يُسمح للصحفيين بالتواجد.
في فبراير 2009، أثناء إجراء مقابلة مع قناة أفق التليفزيونية الحكومية، شددّ علي باقري صراحة على أن “الهدف من المفاوضات هو الدفاع عن هويتنا بدلاً من التوصل إلى اتفاق”. وأوضح صراحة كيف أن وفد نظام الملالي كان يتباطأ ويعطّل المفاوضات لتحقيق تقدم تقني في موقعي فوردو وأراك لكسب النفوذ على طاولة المفاوضات. كما زعم أن الغرب اقتنع فقط بالتعامل مع النظام بمجرد أن علم أنهم قد تمكنوا من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪.
في عام 2013، أثناء لقاءه على القناة الثالثة الحكومية، ادعى علي باقري كني أن إصرار النظام قد أجبر الولايات المتحدة على التراجع عن مطالبها. وقال: «بمجرد أن قال الأمريكيون أنهم لن يدخلوا المفاوضات حتى يوقف النظام (تخصيب اليورانيوم). لكنهم بعد ذلك أٌجبروا على التراجع ودخلوا في المفاوضات، وذلك على الرغم من رفضنا إيقاف عملية التخصيب. كما أنهم جادلوا بأنهم لن يناقشوا تخفيف العقوبات إذا لم نعلق عملية التخصيب. مرة أخرى، تم إجبارهم على القيام بذلك على أي حال. لقد قاموا بمجموعة من التنازلات حتى جلسة مفاوضات ألماتي 1″.
باقري كني بعد مقابلة تلفزيونية مع التلفزيون الحكومي
في مايو/ أيار 2020، أوضح باقري كيف استخدم النظام المحادثات النووية لابتزاز الغرب. وقال للمضيف التلفزيوني: “عندما بدأنا التفاوض في عام 2003، لم يكن للنظام أي نفوذ، وبالتالي قبلنا تعليق تخصيب اليورانيوم …لم يعتقد بعض الناس أن البرنامج النووي هو أحد مكونات الطاقة، بحجة أننا لا نسعى للحصول على أسلحة نووية … لكن التقنيات الحساسة والمعقدة لها أغراض مزدوجة. الحكومات فقط هي التي تستثمر في مثل هذه التكنولوجيا لأنها ذات بعد عسكري …أردنا أن تستمر أجهزة الطرد المركزي في الدوران حتى يمكن لعجلات اقتصادنا أن تدور أيضًا “.
كما يشارك علي باقري كني الحالة العميقة من عدم الثقة في الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، مع علي خامنئي.
كمقدمة للسيرة الذاتية لنائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان “ليس لضعاف القلوب”، كتب باقري كني : “إن نتيجة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة حرمت عمليًا حقوق إيران وأوقفت العديد من أنشطتنا النووية. بالإضافة إلى ذلك، عملت الصفقة (النووية) على استقرار هيكل العقوبات الاقتصادية والحفاظ عليها. بعبارة أخرى، كانت نتيجة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة ضررًا لا يمكن تخفيفه “.
محمد جواد لاريجاني (على اليسار) و باقري كني (على اليمين)
حقوق الإنسان في القضاء
في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2017، استبدل إبراهيم رئيسي محمد جواد لاريجاني من رئيس مكتب حقوق الإنسان في القضاء بعد 14 عامًا بـ “علي باقري كني “. محمد جواد هو شقيق رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني وصادق أملي لاريجاني، الرئيس الحالي لمجمع تشخيص مصلحة النظام. نما الشقيقان على خلاف متزايد مع الدائرة المقربة من خامنئي.
في سبتمبر / أيلول 2018، تولى صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية ورئيس مجلس الأمناء في جامعة الإمام صادق، رئاسة الجامعة من عائلة باقري كني وعينّ حسين علي سعدي رئيسًا جديدًا للجامعة لمدة ثلاث سنوات. يبدو أن هذا كان انتقامًا من إبراهيم رئيسي الذي عزل شقيقه من القضاء.
من المفترض أن يكون المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للسلطة القضائية، والذي يعمل منذ عام 2005، مسؤولاً عن “مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في إيران” بصفته ممثلاً للنظام في المنصات والمنظمات الدولية. لسنوات، كان محمد جواد لاريجاني مسؤولاً عن تبييض وإضفاء الشرعية على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أكثر الأنظمة همجية وقمعًا في التاريخ الحديث. إنها وظيفة أثبت علي باقري كني أنه مناسب لها تمامًا.
في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2020، ردًا على قرار البرلمان الأوروبي الذي ينتقد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، قال لإذاعة أوروبا الحرة: “الأوروبيون متهمون الآن بقتل العشرات من الأطفال الإيرانيين المرضى، لذا ليس لديهم سلطة الدفاع عن حقوق الإنسان، ليس لديهم حتى السلطة للتحدث عن حقوق الحيوان.”
قال على باقري كني، معبراً عن استياء النظام من جماعة المعارضة الرئيسية في إيران، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، واستجابته لطلب البرلمان الأوروبي السماح بدخول مقرر الاتحاد الأوروبي الخاص لإيران: يكفي السير في أروقة البرلمان الأوروبي لرؤية الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء 17 ألف مواطن إيراني بريء.
في 24 فبراير/ شباط 2020، في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نيابة عن نظام الملالي، حاول باقري كني تصوير الديكتاتورية على أنها ضحية من أجل صرف النظر عن الإدانات العالمية لسجلها في مجال حقوق الإنسان والضغط من أجل تخفيف العقوبات الأمريكية.
في أبريل / نيسان 2020، عندما صنّفت ألمانيا حزب الله كمنظمة إرهابية، قال علي باقري كني للتلفزيون الإيراني الرسمي: “النهج الجديد للقضاء يعني الانخراط في الشؤون الدولية. يشير النهج الجديد إلى أن أي عمل ضد إيران يجب أن يتحمل من فعل ذلك عواقبه. ليس من المفترض أن تعمل الدول ضد إيران وتنسحب دون أن تدفع الثمن مقابل ذلك. كما أظهرنا في الجبهة العسكرية أن أي دولة، حتى الولايات المتحدة إذا أرادت اتخاذ إجراء ضدنا، عليها أن تدفع الثمن. ذات يوم، تم إسقاط أحد طائراتهم المسيرة. وفي يوم أخر، أصيب معسكرهم العسكري الرسمي في دولة أخرى بصواريخ جمهورية الملالي. في المجال القانوني والسياسي وجميع المجالات الأخرى، علينا أن نتصرف بطريقة لا يشعرون أن هناك منطقة راحة لاستخدامها ضد الأمة الإيرانية.”
وفي مقابلة أجريت في عام 2020، كشف أيضًا عن إعجابه بقائد فيلق القدس المقتول، قاسم سليماني، قائلاً: “إن دول المنطقة تدين باستقلالها وحقوقها الإنسانية وسلامة سيادتها للحاج قاسم”.
خلال اجتماع بين فيلق القدس التابع لقوات حرس نظام الملالي ومسؤولين آخرين في الدولة، رحب القائد المقتول قاسم سليماني ب ” باقري كني .”
أثناء حديثه على التلفزيون الحكومي في مايو/ أيار 2020، قال على باقري: “في الغرب، لا يوجد شيء مثل العفو أو تقديم الرأفة. عندما تم استجوابهم من قبلنا، قالوا إنه إذا كان هناك عفو، فلن يكون العقاب منطقيًا بعد الآن. الغربيون لا يفهمون وجهة النظر الأبوية التي لدينا تجاه السجين. لكن في إيران، لدينا نوعان من السجناء؛ السجناء التأديبيون والسجناء الذين يقبعون وراء القضبان للعقاب … أولئك الذين يتم تأديبهم في السجن يمكن أن يحصلوا على الرأفة. كان نهجنا القضائي مبادرة فريدة للعديد من البلدان الأخرى. لكن دولًا أخرى تساءلت عن سبب قيامنا بذلك وقامت بنسخ ذلك النهج.”
في 3 يونيو/ حزيران 2020، ناقش باقري كني التأثير الإقليمي للنظام على التلفزيون الحكومي، حيث قال: “كما قال الزعيم من قبل، فإن الأوضاع الحالية في سوريا تحافظ بالفعل على الأمن القومي لبلدنا. الحشد الشعبي في العراق، جيش الشعب في سوريا، أنصار الله في اليمن، حزب الله في لبنان، حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين. هذه كلها في الواقع حلقات تأثيرات جمهورية الملالي في تلك البقع الجغرافية.”
صرّح باقري كني في 28 مارس/ أيار 2021، ردًا على تعهد الحكومة الأجنبية بتسليم مواطنيها في السجون الإيرانية: “على الرغم من أننا كنّا على استعداد لتبادل بعض مواطني تلك الدول، إلا أن بعض الأسرى من تلك الدول الذين تصادف وجودهم في إيران، ليسوا على استعداد للذهاب من سجوننا إلى سجون بلادهم.”
استنتاج
بمجرد أن شكلّ إبراهيم رئيسي حكومة من قائمة “المتشددين”، بدأ صنّاع القرار في الغرب في التكهن بكيفية تأثيرها على المحادثات النووية الجارية في فيينا. بما أن أفكار وأفعال علي باقري كني تتطابق باستمرار مع ما أسماه علي خامنئي “الرؤية الثورية”، فهو في وضع مثالي للعب دور رئيسي في المفاوضات مع القوى العالمية بشأن البرنامج النووي. كونه على رأس جبهة الأمن القومي لنظام الملالي لعدة عقود، فهو يعرف تمامًا كيف يخدع ويردع.
لكن في نهاية المطاف، لا يهم من يتحدث نيابة عن نظام الملالي أو اللهجة التي يستخدمها. فدائمًا ماتكون نواياهم مختلفة عن أقوالهم. وهذا يثير التساؤل: هل المجتمع الدولي يمتلك نفس إرداة وتصميم نظام الملالي؟