تم تحديد موعد استئناف المفاوضات النووية، لكن التزام نظام الملالي لا يزال موضع تساؤل
بقلم: أليخو فيدال كوادراس
بعد أن كانت هناك تأكيدات غامضة بأن المفاوضات النووية حول مستقبل الاتفاق النووي الإيراني سيتم استئنافها في فيينا قبل نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني، أكدّ نظام الملالي مؤخرًا أن الجولة التالية من المحادثات كان من المقرر عقدها في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني. وألقت وزارة الخارجية بظلال جديدة من الشك على جدّية هذا الالتزام من خلال فرض ثلاثة شروط لبدء تلك المحادثات.
بعد ست جولات سابقة من المفاوضات في فيينا، يمكننا استنتاج أن مسؤولي نظام الملالي يتمسّكون بموقفهم الأولي الرافض لفكرة تقديم تنازلات أو إعادة بناء الاتفاق بشكل تدريجي. لطالما طالب النظام الولايات المتحدة بإزالة جميع العقوبات التي فُرضت أو أعيد فرضها بعد الانسحاب من الاتفاقية قبل المضي قدمًا في أي مناقشات بشأن إيقاف وعكس التقدم الذي حققه نظام الملالي في برنامجه النووي على مدى السنوات الثلاث الماضية.
أكدّت تصريحات وزارة الخارجية يوم الاثنين الماضي هذا الموقف وأضافت أن النظام يتوقع أن تتحمل الولايات المتحدة رسمياً مسؤولية الانهيار الجزئي لخطة العمل الشاملة المشتركة، وأن تقدم ضمانات بعدم قدرة إدارة بايدن أو أي رئيس أمريكي قادم على التراجع عن الاتفاقية كما فعل دونالد ترامب.
وحتى وقتنا هذا، الأمور غير واضحة ما إذا كان النظام لا يزال يعتزم الالتزام بالجدول الجديد المفاوضات النووية إذا لم يتم الموافقة على تلك الشروط، وهو ما لن يتحقق على الأرجح. قد تقرر سلطات النظام متابعة اتفاقها المبدئي مع الموقعين الأوروبيين على خطة العمل الشاملة المشتركة، ولكن أيضًا إعادة النظر في نفس الترتيبات التي كانت سارية قبل تعليق محادثات فيينا، حيث رفض مندوبو النظام الاجتماع مباشرة مع نظرائهم الأمريكيين وتركوهم يدلون بتصريحات منفردة.
في حالة موافقة إدارة بايدن على تعليق العقوبات قبل المفاوضات النووية أو إصدار بيان اعتذار لنظام الملالي، وهو أمر غير مرجح، فلن تكون قادرة على الوفاء بالشرط الثالث على الفور. كما أوضح السناتور الأمريكي السابق، جوزيف ليبرمان، في افتتاحية نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال، فإن الطريقة الوحيدة لضمان عدم قدرة رئيس أمريكي على وقف المشاركة من جانب واحد في خطة العمل الشاملة المشتركة ستكون من خلال رفعها إلى مرتبة المعاهدة و إرساله إلى الكونغرس للتصديق عليه.
سيتطلب هذا التصديق تصويت بالموافقة من 67 عضو من أعضاء مجلس الشيوخ الـ 100 على الأقل، وبالتالي سيتطلب اتفاقًا قويًا – ونادرًا – من الحزبين. ألمح ليبرمان إلى أن هذا من الممكن تحقيقه في الأمور المتعلقة بالسياسات تجاه نظام الملالي، ولكن ليس مع خطة العمل الشاملة المشتركة بصيغتها الموجودة حاليًا. في الواقع، شهد هذا الاتفاق في الأصل قدرًا كبيرًا من المعارضة من جانب الديمقراطيين والجمهوريين بعد أن قادته إدارة أوباما.
من المحتمل ألا يكون نظام الملالي جاهل بتلك الحقيقة، وربما يضع بعض التعقيدات بشكل متعمد في العملية التي تهدف إلى إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. كان التزام إدارة رئيسي بهذه الاتفاقية محل شك حتى قبل أن يتولى الرئيس الجديد منصبه رسميًا في أغسطس/ آب الماضي، كما أصبح الأمر أكثر أهمية بعد تعيين العديد من المتشددين في عدد من المناصب الوزارية والوكالات الحكومية الهامة.
ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر، محمد إسلامي، الذي كان مصدرًا للكثير من المعارضة العامة لخطة العمل الشاملة المشتركة داخل النظام والمكلف الآن بقيادة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في المرحلة التالية المحتملة من تلك الاتفاقية، والتي ستتطلب في النهاية إعادة فرض الاتفاقية. القيود المفروضة على البرنامج النووي لنظام الملالي، وهو الأمر الذي عارضه بشدة هو وغيره من المتشدّدين.
ويأتي قبول النظام لموعد محدد للجولة السابعة من محادثات فيينا قبيل اجتماع هذا الشهر لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. في أكتوبر/ تشرين الأول، أجاب رئيس الوكالة النووية التابعة للأمم المتحدة بالإيجاب عند سؤاله عمّا إذا كان من “الجيد” توجيه اللوم رسميًا إلى نظام الملالي بسبب تأخيراته ورفضه المستمر للتعاون مع المفتشين. وبالتالي، فإن التهديد بمثل هذه اللوم يلوح في الأفق على الاجتماع المقبل، وربما كان احتضان النظام المبدئي للمفاوضات يهدف إلى إحباطه.
تسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية للحصول على إجابات حول الأنشطة النووية التي حدثت سابقًا في ثلاثة مواقع لم يتم الكشف عنها، ومنذ فبراير / شباط، كانت تعمل داخل إيران دون وصول مباشر إلى كاميرات المراقبة وغيرها من معدات المراقبة في مختلف المنشآت التي خضعت لعمليات تفتيش مستمرة بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.
في وقت ما بعد انهيار تلك الصفقة، أقرّ برلمان النظام قانون يفرض إنهاء التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم تتم إعادة الشروط الأصلية ولم يتم إعادة تعليق العقوبات الأمريكية. بعد دخول هذا القانون حيز التنفيذ، أبرم المدير العام للوكالة رافائيل غروسي صفقة مع النظام لمنع طرد المفتشين بشكل كامل، ثم أخرى للسماح بصيانة المعدات واستبدال محركات الأقراص الصلبة. ومع ذلك، حتى في أعقاب الاتفاقية الثانية، لايتزال النظام تمنع المفتشين من إجراء تلك الصيانة في منشأة واحدة في كرج، حيث تم نزع الكاميرات بشكل كامل.
كل هذه الأحداث تظهر مرة أخرى أن نظام الملالي غير جاد في المحادثات وكل مايسعى إليه هو كسب الوقت. الطريقة الوحيدة للتعامل مع النظام هي ما أوصل هذا النظام الديكتاتوري إلى طاولة المفاوضات في المقام الأول: الضغط والعقوبات. وبالتالي، للتعامل مع الوضع بشكل صحيح، على الأطراف الأوروبية الموقعة تفعيل آلية الهجوم لإثبات جديتها في مواجهة انتهاكات نظام الملالي.
أليخو فيدال كوادراس، أستاذ أسباني في الفيزياء الذرية والنووية، كان نائب رئيس البرلمان الأوروبي من 1999 إلى 2014. وهو حاليًا رئيس اللجنة الدولية للبحث عن العدالة (ISJ) ومقرها بروكسل.