الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

التداعيات الاقتصادية لتحرير سعر الصرف الرسمي في إيران

انضموا إلى الحركة العالمية

التداعيات الاقتصادية لتحرير سعر الصرف الرسمي في إيران

التداعيات الاقتصادية لتحرير سعر الصرف الرسمي في إيران

التداعيات الاقتصادية لتحرير سعر الصرف الرسمي في إيران

قدمّ رئيس الملالي الجديد، إبراهيم رئيسي، خطة إلى البرلمان لتحرير سعر الصرف الرسمي للدولار البالغ 42 ألف ريال. ويرى كثير من خبراء النظام الاقتصاديين أن هذا قرار خطير من شأنه زيادة نسب التضخم وأسعار السلع الاستهلاكية.
وبحسب تصريحات مجيد رضا الحريري، رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية، يوم الجمعة ” يأتي هذا القرار في وقت يمر فيه الاقتصاد الإيراني بـ “أخطر نقطة في تاريخية” خلال العقود الأربعة الماضية.”
يعاني الإيرانيون من الارتفاع الهائل في معدلات التضخم وكذلك أسعار السلع الاستهلاكية. في حين أن هناك العديد من التكهنات حول أصول الأزمات الاقتصادية في إيران، فإن كل القرائن تشير إلى نهب النظام وفساده وسياساته الاقتصادية السيئة.

أصول “السعر الرسمي”

قررت حكومة حسن روحاني “توحيد” سعر السوق الحرة مع سعر الصرف الرسمي. حيث بلغ سعر الصرف الرسمي للدولار الواحد، 42000 ريال. كان من المفترض استخدام هذا السعر الرسمي فقط لاستيراد السلع الأساسية. ولكن، سرعان ما أدرك النظام الفجوة في أسعار صرف العملات الأجنبية الأخرى، وبالتالي سرعان ما أصبح السعر الرسمي غير فعّال.

بدأت احتجاجات كبيرة في إيران في يناير/ تشرين الثاني 2018 بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار. عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو/ أيار 2018 وأعادت فرض العقوبات على نظام الملالي، ارتفع سعر صرف الدولار بسرعة جنونية.

قدمّت حكومة روحاني سعر الصرف الرسمي لمنع توسع الاحتجاجات اليومية في محاولة للسيطرة على السوق. في مارس/ آذار 2017، أعلن إسحق جهانجيري أنه سيتم توفير “العملة المطلوبة من قبل جميع الأقسام” بسعر صرف 42 ألف ريال لكل دولار واحد. وأصبحت فيما بعد تُعرف باسم “عملة جهانجيري”.

كان من المفترض استخدام هذا السعر الرسمي لاستيراد السلع الأساسية للبلاد، وعلى وجه الخصوص، المواد الغذائية. أدرك العديد من الخبراء الاقتصاديين أن هذا هو الدعم غير الرسمي الذي يهدف إلى التحكم في أسعار السلع الأساسية. ومع ذلك، تم استخدام السعر الرسمي من قبل المطلعين على النظام لاستيراد السلع الكمالية التي لا يستطيع المواطنون الإيرانيون العاديون تحمل أسعارها.

وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، كتبت وكالة أنباء فارس: “في عام 2019 وحده، تم إنفاق ما مجموعه 15 مليار دولار [بناءً على سعر الصرف الرسمي] على استيراد عناصر مختلفة”. إلى جانب كل هذه الجلبة، كانت حكومة روحاني غير قادرة فعليًا على التحكم في الأسعار. وأظهرت الدراسات الاستقصائية أنه بناءً على سعر الصرف في السوق الحرة في ذلك العام، اختلس المستوردون حوالي 5.1 كوادريليون ريال”.

من خلال إنفاق 15 مليار دولار، زاد روحاني من قيمة عجز الميزانية الحكومية، والذي كان مرتفعًا بالفعل. ولتعويض ذلك العجز، لم يتوقف النظام عن طباعة الأوراق النقدية منذ ذلك الحين. بما أن الزيادة الناتجة في السيولة تفوق إلى حد كبير معدل الإنتاج في إيران، فإن التضخم والأسعار يرتفعان بشكل جنوني. بالإضافة إلى أن فائض السيولة قد تسببّ في خلق طلب صناعي كبير، وبالتالي زيادات في أسعار العديد من المواد الخام التي يستخدمها صانعو السيارات.

ووفقًا لوكالة أنباء فارس، نظرًا لأن حكومة روحاني “كان لديها مصدر محدود من العملة الأجنبية، ولم تكن قادرة على تزويد المستوردين بالقدر الكافي من العملة الصعبة، الأمر الذي نتج عنه مايعرف باسم سعر صرف نيما (NIMA). وبالتالي، اضطرت الحكومة أخيرًا إلى اللجوء إلى طباعة الأوراق النقدية لتعويض العجز الناتج في الميزانية “.

نيما (NIMA) هو الاختصار الفارسي لنظام العملة عبر الإنترنت الذي أطلقه البنك المركزي للنظام. تم إنشاء نيما (NIMA) حتى يتمكن البنك المركزي للنظام من دفع ثمن واردات الغذاء والدواء والسلع الأساسية الأخرى على الرغم من انخفاض قيمة الريال الإيراني. تراوح سعر صرف نيما (NIMA) حول 170 ألف ريال إلى دولار واحد. سعر صرف نيما (NIMA) قريب للغاية من سعر الصرف في السوق الحرة، والذي تراوح من 200000 ريال إلى ما يقرب من 300000 ريال مقابل الدولار الواحد. بمعنى آخر، عندما يرتفع سعر صرف نيما (NIMA)، تزداد أسعار السلع المعمرة بالتوازي، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيش على المستهلك.
الفساد
أدى تثبيت سعر صرف الدولار ووجود أسعار صرف مختلفة إلى الفساد في الدورة الاقتصادية بأكملها، من الاستيراد إلى التوزيع والمبيعات.
قام ما يسمى بـ “القطاع الخاص”، أو بالأحرى الشركات التي تعمل كواجهة لقوات حرس نظام الملالي، والتي كانت مكلفة باستيراد السلع الاستهلاكية الأساسية، باستخدام سعر الصرف الرسمي لتحقيق ربح أكبر. وذلك نظرًا لقيامهم باستيراد السلع الكمالية غير الضرورية أو رفع السعر النهائي للسلع في السوق. تعمل قوات حرس نظام الملالي منذ فترة طويلة تحت اسم مستعار “للقطاع الخاص” لتجاوز العقوبات.

في عام 2019، كان السعر الدولي لكل كيلوغرام من السكر حوالي 30 سنتًا أو 12 ألف ريال، بناءً على سعر الصرف الرسمي للعملة الإيرانية. وفقًا لأحد الرسومات البيانية التي نشرتها وكالة أنباء مهر الحكومية في مارس/ أيار 2021، حتى مع الأخذ بعين الاعتبار ربحًا بنسبة 35٪، كان من المفترض أن يكون السعر النهائي للكيلوغرام الواحد من السكر ما يقرب من 20 ألف ريال. لكنها بيعت في السوق بنحو 74 ألف ريال.

وفقًا للبروفيسور حامد نجفي علمدارلو من جامعة تربية مدرس، “تظهر التقديرات أنه في الفترة من 2018 إلى سبتمبر/ أيلول 2021، تم تخصيص حوالي 46 مليار دولار من موارد النقد الأجنبي لـ [المستوردين]” للحفاظ على سعر الصرف الرسمي البالغ 42 ألف ريال مقابل الدولار الواحد.

ويقدّر حجم الفساد الناجم عن هذه العملة بنحو 5.9 كوادريليون ريال. وتجدر الإشارة إلى أن إجمالي ميزانية التنمية لعام 2021-2022 يبلغ نحو 1.4 كوادريليون ريال “.

لماذا يعتزم رئيسي إلغاء سعر الصرف الرسمي

خلال العام الأخير من حكم روحاني، كان النظام يعتزم تحرير سعر الصرف الرسمي البالغ 42000 ريال مقابل دولار واحد. من خلال القيام بذلك، قدرّت إدارة روحاني أنها يمكن أن تكسب ما لا يقل عن 600 تريليون ريال. الآن، إذا علق رئيسي أو حررّ سعر الصرف الرسمي، فستكسب حكومته حوالي ملياري دولار، مع سعر الصرف الحالي في السوق الحرة البالغ 280 ألف ريال مقابل الدولار الواحد.

وهذا لن يحل مشاكل النظام على الإطلاق، فهو بحاجة إلى مبلغ كبير من المال لمواصلة أنشطته الخبيثة. في السنوات الأخيرة، لم يكن النظام قادراً على الدفع بالكامل للجماعات الإرهابية التي تعمل بالوكالة في الشرق الأوسط. وفقًا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2020 ، يدفع نظام الملالي مامجموعه حوالي 700 مليون دولار سنويًا إلى حزب الله اللبناني وحده.

ويمكن القول بثقة إن النظام لن يحقق الكثير بتحرير سعر الصرف الرسمي، بسبب الانخفاض المتزايد لقيمة العملة الوطنية وقائمة مهامه الطويلة، مثل تمويل شبكتها الإرهابية أو الإبقاء على برنامجه النووي السري. لكن هذا الإجراء سيؤثر بشكل خطير على الاقتصاد الإيراني المتدهور كما سيزيد من توتر المجتمع. يمكن وصف هذا الإجراء أيضًا بأنه مسكن لآلام الاقتصاد الإيراني المحتضر.

وفي 9 نوفمبر/ تشرين الثاني، كتبت صحيفة “رسالت” اليومية الحكومية “الاقتصاد الإيراني يسير على طريق مليء بالتحديات. كما أن عجز الميزانية والحلول القاصرة لحلها ستؤدي إلى مزيد من التضخم “. في غضون ذلك، تخلق الأفكار الاقتصادية للمسؤولين المزيد من التحديات. وأضافت الصحيفة ” لا يمكننا إدارة الاقتصاد بحلول مؤقتة وإعطاء أوامر فقط “، وتابعت صحيفة رسالت،” حتى لو قمنا بضخ العملة في السوق للحفاظ على سعر الصرف منخفضًا، فلن يستمر ذلك طويلاً “.

من خلال تحرير سعر الصرف الرسمي، ستزيد حكومة رئيسي من المشاكل الاقتصادية في البلاد. يدّعي رئيسي أنه من خلال تحرير سعر الصرف الرسمي، ستخفض حكومته سعر الصرف الحالي من 280.000 للدولار الواحد إلى 175.000 إلى الدولار الواحد. لكن في الواقع، ستعمل حكومة رئيسي على تحرير سعر الصرف الرسمي البالغ 42 ألف ريال مقابل الدولار الواحد واستبداله بسعر صرف 175 ألف ريال للدولار الواحد.

ووفقًا لوكالة أنباء Moj الحكومية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، “من خلال إزالة سعر الصرف الرسمي، سيتضاعف سعر صرف الدولار”. نظرًا لأن المستوردين استخدموا سعر الصرف الرسمي لاستيراد السلع والمواد الاستهلاكية الأساسية، فسوف ترتفع أسعار السلع على المستهلك.

بحسب صحيفة تجارت الإخبارية الحكومية في 10 نوفمبر / تشرين الثاني، صرّح عبد الناصر همّتي، رئيس البنك المركزي الأسبق “مع إلغاء سعر الصرف البالغ 42 ألف ريال، سترتفع تكلفة استيراد القمح. في هذه الحالة، يجب دعم الخبز بقيمة كبيرة. وإلا، يجب أن نقبل زيادة حادة في سعر الخبز”.

ووفقًا لوكالة أنباء (انتخابات) الحكومية في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني، قال بهرام عين الله، وزير الصحة الحالي في النظام، أن ” تحرير سعر الصرف البالغ 42 ألف ريال للدولار الواحد سيؤدي إلى زيادة أسعار الأدوية. سيكون هذا مدمرًا لأولئك الذين يستخدمون الأدوية بشكل منتظم. يجب عليهم بيع ممتلكاتهم بالكامل بالمزاد لكي يتمكنوا من شراء الأدوية”.

كتبت وكالة أنباء إيلنا الحكومية في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني “”يجب أن نلاحظ أن بعض العناصر مرتبطة بحياة الناس اليومية وتغذيتهم وسبل عيشهم. لهذا السبب، تم استخدام سعر الصرف الرسمي لاستيراد هذه السلع الأساسية لتكون متاحة للناس بسعر معقول. ولكن إذا تم القضاء عليها، فإن سعر السلع الأساسية سيتضاعف”.

كتبت صحيفة فرهیختگان الحكومية اليومية في 14 نوفمبر / تشرين الثاني، تحذر حكومة رئيسي من انتفاضة أخرى على حجم الاحتجاجات الكبرى في 2018 و 2019 “ينبغي على حكومة رئيسي أن تتعلم من الماضي، ويجب ألا تحاول تعويض عجز ميزانيتها الناجم عن صدمة العملة من خلال صدمة أخرى للعملة”.

من الآمن القول إن نظام الملالي في مأزق اقتصادي حاد. إنه بحاجة ماسة إلى المال لمواصلة أنشطته الخبيثة مثل دعم الإرهاب وبناء سلاح نووي، الأمر الذي تعتبره حيويًا للحفاظ على النظام. الحل الوحيد الذي لدى رئيسي هو وضع يديه بشكل أعمق في جيوب الناس. لكن القيام بذلك من شأنه أن يزيد من اضطراب المجتمع. قريباً، فالناس ليس لديهم ما يخسرونه وسيخرجون إلى الشوارع، والنظام يعلم أن هذا سينهي 40 عامًا من الفساد والقمع. لذلك، وبالتالي يمكننا القول بأن النظام يطلق النار على ساقه.