استئناف الاتفاق النووي يعتبر خيانة للشعب الإيراني
بقلم ستروان ستيفنسون*
29 نوفمبر/ تشرين الثاني (UPI) – تم استئناف المحادثات التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني من الموت في فيينا يوم الاثنين القادم.
في محاولة لتأمين إرثه الرئاسي في السياسة الخارجية، نفذ باراك أوباما عمل خطة العمل الشاملة المشتركة التي وقّعتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا في فيينا في 14 يوليو/ تموز 2015. تم الترويج لهذه الصفقة على نطاق واسع من قبل مسؤولي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باعتبارها خرقًا للسياسة الخارجية. في الواقع، كانت الصفقة عملاً صارخًا لاسترضاء نظام الملالي، ورفع العقوبات والإفراج عن أكثر من 150 مليار دولار من الأصول المجمدة.
وبسخرية شديدة، وافق أوباما حتى على المطالبة بإعفاء المواقع العسكرية داخل إيران من عمليات التفتيش الروتينية التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على الرغم من المعلومات الاستخباراتية التي أشارت إلى أن الكثير من الأسلحة النووية وبرامج الصواريخ يجري تطويرها في هذه المواقع العسكرية عالية السرية.
قدمت خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) مكاسب غير متوقعة لديكتاتورية الملالي، الأمر الذي مكنهم من إعادة تسليح حلفائها ووكلائها الأجانب مثل بشار الأسد في سوريا، والمتمردين الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية الوحشية في العراق، وحماس في غزة، وحزب الله الإرهابي في لبنان.
شجب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق النووي مع نظام الملالي ووصفه بأنه “الصفقة الأسوأ على الإطلاق” خلال حملته الرئاسية وتعهد بانسحاب الولايات المتحدة من تلك الاتفاقية. كرئيس للولايات المتحدة، أوفى دونالد ترامب بتعهده الانتخابي في عام 2018، وأعاد العقوبات الصارمة، وفي وقت لاحق قام بإدراج قوات حرس نظام الملالي – الجستابو التابع للنظام – كمنظمة إرهابية أجنبية.
تسيطر قوات حرس نظام الملالي على ما يقرب من 90 بالمئة من الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك برنامجه النووي والصواريخ الباليستية. رداً على ذلك، أعلن الملالي أنهم يسرعون من برنامج تخصيب اليورانيوم الخاص بهم، وتفاخروا بأنهم قاموا بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪، وهو كافي تمامًا لصنع قنبلة نووية. على الرغم من ذلك، يبدو أن إدارة بايدن عازمة على ترسيخ تلك التقلبات، من خلال استرضاء الملالي مرة أخرى، ورفع العقوبات وإعادة العمل بتلك الصفقة المعيبة.
الأمريكيون مصممون على المضي قدما في المفاوضات حتى بعد الزيارة “غير المثمرة” التي قام بها رافاييل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لإيران الأسبوع الماضي. حيث سعى غروسي للحصول على تأكيدات بشأن الحظر الذي فرضته الوكالة الدولية على عمليات التفتيش في وقت سابق من العام الحالي، بالإضافة إلى إجابات على أسئلة حول المواد النووية غير المعلنة في مواقع مخفية في إيران وإساءة معاملة مفتشي الوكالة من قبل سلطات النظام. وأضاف غروسي: “من حيث الجوهر … لم نكن قادرين على إحراز أي تقدم”.
نقل نظام الملالي الآلاف من أجهزة الطرد المركزي العاملة إلى موقع تحت الأرض في نطنز في محافظة أصفهان، والذي يعتبر المنشأة النووية الرئيسية لنظام الملالي. تم الكشف عن منشأة نطنز لأول مرة لوكالات الاستخبارات الغربية من قبل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي جماعة معارضة رئيسية منفية خارج البلاد، في عام 2002؛ حتى تلك اللحظة كان الأمر سراً يخضع لحراسة مشددة من قبل نظام الملالي.
استئناف الاتفاق النووي
منذ ذلك الحين، كشفت منظمة مجاهدي خلق عن عشرات المواقع النووية السرية، بناءً على معلومات قدمتها وحدات المقاومة الإيرانية التابعة لمنظمة مجاهدي خلق والتي لها تواجد متزايد في المحافظات والمدن في جميع أنحاء إيران. لقد أثبتت المعلومات الاستخبارية التي قدمتها وحدات المقاومة أن نظام الملالي لم يتوقف أبدًا عن جهوده السرية لبناء قنبلة نووية، قبل وأثناء وبعد توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015.
بحيازة القنبلة النووية والتدخل في بلدان الشرق الأوسط، يريد القائد الأعلى المسن والمستبد آية الله علي خامنئي أن يضمن قبضته على السلطة. يريد أن يجعل السلام والأمن العالميين رهينة للحصول على تنازلات. وفي تحدٍ آخر للغرب، قام بتعيين إبراهيم رئيسي، في انتخابات زائفة، رئيسًا لجمهورية الملالي.
يُعرف رئيسي بـ “جزّار طهران” لتورطه في مذبحة عام 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وكذلك مقتل أكثر من 1500 متظاهر خلال انتفاضة على مستوى البلاد في إيران في عام 2019.
انضمّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، في الدعوة إلى التحقيق مع إبراهيم رئيسي في جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. ومع ذلك، فإن انتخاب رئيسي الاستفزازي كرئيس لم يفعل شيئًا يذكر في إضعاف حماس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمزيد من إجراءات الاسترضاء.
وطالب وزير خارجية النظام، حسين أمير عبد اللهيان، برفع جميع العقوبات “في عملية يمكن التحقق منها” قبل استئناف المحادثات في فيينا. كما قال أمير عبد اللهيان في محادثة هاتفية مع منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أحد أكبر الشخصيات التي تسعى لاسترضاء النظام “إذا كانت الأطراف المتعارضة مستعدة للعودة إلى التزاماتها كاملة ورفع العقوبات، فيمكن التوصل إلى اتفاق جيد وحتى فوري”.
وقال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “نعتقد أنه لا يزال من الممكن التوصل بسرعة إلى اتفاق بشأن العودة المتبادلة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة من خلال إغلاق عدد صغير نسبيًا من القضايا التي ظلت معلقة في نهاية يونيو/ حزيران.”
من الواضح، أنه على الرغم من الشكاوى من عدم التعاون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والانتهاكات المتسلسلة لخطة العمل الشاملة المشتركة من قبل نظام الملالي، وتعيين رئيسًا متشددًا على رأس النظام، واستمرار القمع الوحشي في إيران والتوسع العدواني في الخارج، يبدو الغرب مصممًا على المضي قدمًا في إحياء الاتفاق النووي الميت.
سيكون خطأ تاريخي وخيانة لمواطني إيران المحاصرين البالغ عددهم 80 مليونًا والذين يريدون الإطاحة بالنظام والحصول على مجتمع حر وديمقراطي. ويهدف برنامج المقاومة الإيرانية إلى إقامة جمهورية تقوم على الفصل بين الدين والدولة، والانتخابات الحرة، وإلغاء عقوبة الإعدام، والمساواة بين الجنسين، واستقلال القضاء، والحكم الذاتي للأقليات العرقية، وإيران غير نووية.
لا يمكن تحقيق أي من هذه الأهداف في ظل النظام الاستبدادي الحالي، وسيوفر لهم رفع العقوبات وتجديد الاتفاق النووي ببساطة شريان حياة إضافي لتعزيز قمعهم وإقناعهم بضعف الغرب.
*ستروان ستيفنسون هو منسق الحملة من أجل تغيير إيران. كان عضوًا في البرلمان الأوروبي عن اسكتلندا (1999-2014)، ورئيس وفد البرلمان للعلاقات مع العراق (2009-14) ورئيس مجموعة أصدقاء إيران الحرة (2004-2014). يشغل منصب رئيس لجنة البحث عن العدالة لحماية الحريات السياسية في إيران. وهو محاضر دولي عن الشرق الأوسط ورئيس الجمعية الأوروبية للحرية العراقية.