إيران: هل إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أمر بعيد المنال
توقفت الجولة السابعة من المفاوضات لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الأسبوع الماضي، حيث أعرب مسؤولون غربيون عن استيائهم من المطالب الصارخة لنظام الملالي. استنتج العديد من المراقبين أن المفاوضات النووية قد باءت بالفشل.
كما صرّح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين لرويترز إن “نظام الملالي في الوقت الحالي لا يبدو جادًا بشأن القيام بما هو ضروري للعودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، ولهذا السبب أنهينا هذه الجولة من المحادثات في فيينا”.
وبحسب رويترز، أعربت القوى الأوروبية عن حالة من “خيبة الأمل والقلق” من مطالب النظام التي تعتقد أنها “تتعارض مع شروط الصفقة أو ربما تتجاوزها”.
أكد كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، أن النظام “لن يتراجع عن مطالبه”. يطالب نظام الملالي الولايات المتحدة برفع جميع العقوبات المفروضة على النظام والعودة إلى الصفقة قبل أن يفي نظام الملالي بالتزاماته.
كان نظام الملالي ينتهك بنود الصفقة شكل صارخ منذ اليوم الأول، حتى قبل انسحاب الولايات المتحدة.
أفادت نيوزماكس في 14 فبراير/ شباط 2019 أن النظام “أنتج فائضًا من الماء الثقيل، بشكل غير قانوني، مرتين على الأقل، وقاموا ببيعه من أجل الحصول على أموال”، كما تجاوز النظام ” حدود البحث والتطوير في أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، من خلال تجميع أكثر من نصف دزينة من مجموعات العضو الدوار IR-8 وتشغيل 13-15 جهاز طرد مركزي IR-6 في سلسلة واحدة”.
كما أفاد معهد العلوم والأمن الدولي في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2015، أن نظام الملالي “انتهك الاتفاق النووي بشكل صارخ، وذلك من خلال رفضه التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تحقق في الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي”.
في عام 2017، كشفت المقاومة الإيرانية عن معلومات تظهر استمرار أنشطة البحث والتطوير الخاصة بنظام الملالي وأنشطته النووية في موقع بارشين العسكري الواقع جنوب غرب العاصمة الإيرانية طهران وبعيدًا عن متناول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في عام 2019، صرّح علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية في النظام عن الموقّعين الغربيين على خطة العمل الشاملة المشتركة: “اعتقدوا أنهم فازوا في المفاوضات”. “لكن كان لدينا إجراءات مضادة، وأثناء مضيّنا في القضية، لم يحققوا ما خططوا له، ولم نقع في مأزق التخصيب.”
وكان قد تفاخر في وقت سابق لوسائل إعلام رسمية إيرانية بأن سلطات النظام تآمرت لخداع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق بمحطة أراك للمياه الثقيلة التي تنتج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه في صنع أسلحة نووية.
في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، ادّعى محمود نبويان، عضو اللجنة الخاصة للتحقيق في خطة العمل الشاملة المشتركة في برلمان النظام: ما هي الأهمية الكبيرة لمفاعل (أراك) بالنسبة لنا؟ ينتج مفاعل أراك 9 كيلوغرامات من البلوتونيوم في السنة الواحدة، وهو ما يكفي لصنع قنبلة نووية. اعتمادًا على التكنولوجيا الخاصة بها، يمكن للدول أن تنتج قنبلة تحتوي على ثلاثة إلى سبع كيلوغرامات من البلوتونيوم. إن وجود هذا المفاعل سيرسل رسالة إلى إسرائيل مفادها أنه إذا أخطأت في حق إيران، فلدينا ما نحتاجه (للرد)! “
في 22 فبراير/ شباط 2021، صرّح المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي أن: “عتبة تخصيب اليورانيوم لن تتوقف عند 20 بالمئة، ويمكن أن تزيد درجة النقاء حسب الحاجة في أي مكان في البلاد، أي أن التخصيب قد يزيد بنسبة تصل إلى 60 بالمئة لأغراض نووية أو غيرها من الأغراض.”
وفي أبريل/ نيسان، أعلنت حكومة حسن روحاني رسميًا أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 بالمئة.
في التطورات الأخيرة، عشيّة جولة جديدة من المحادثات النووية في فيينا، اعترف فريدون عباسي، نائب البرلمان والرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية التابعة للنظام، في مقابلة مع أحد الصحف اليومية التابعة للنظام الدولة” أن فخري زاده، الرئيس السابق لمشروع الأسلحة النووية للنظام، والذي تم اغتياله، قد أنشأ نظامًا لإنتاج قنبلة نووية”.
مرة أخرى، تؤكد الحقائق المذكورة أعلاه أن خطة العمل الشاملة المشتركة فشلت بالفعل في الحد من القدرات النووية لنظام الملالي.
وبالتالي، فإن الهدف الحالي المتمثل في إحياء الصفقة النووية الميتة بالفعل هو قضية خاسرة. يعتزم خامنئي ونظامه كسب الوقت لتطوير أسلحة نووية. في حين أن الأمر قد يبدو معقدًا، فإن إلقاء نظرة فاحصة على التطورات المحلية والدولية الأخيرة يظهر سبب تسابق نظام الملالي نحو قنبلة نووية.
في يونيو/ حزيران 2021، اختار خامنئي إبراهيم رئيسي، أو “قاضي الإعدامات”، كرئيس لنظامه لجعل أركان نظامه من طيف واحد. رئيسي هو أحد المجرمين المعروفين الخاضعين لعقوبات دولية. و بعد فترة وجيزة من تعيين رئيسي على رأس النظام، غادر نظام الملالي المحادثات في فيينا وعادت إلى المفاوضات بعد عدة أشهر من التأخير.
إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أمر بعيد
يواجه النظام مجتمعًا مضطربًا لم يقبل أبدًا حكم الملالي المتخلّف. من خلال توحيد الصفوف داخل النظام، قررّ خامنئي زيادة القمع الداخلي وتمهيد الطريق لتطوير سلاح نووي لتعزيز تدخله الإقليمي والإرهابي وإثارة الحروب.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن العقوبات أدّت بالفعل إلى شلّ اقتصاد النظام. إن نظام الملالي بحاجة ماسة إلى المال لتمويل أنشطته غير المشروعة والجماعات الإرهابية التي تعمل بالوكالة. ازداد الإنفاق الحكومي بنسبة 40 بالمئة بسبب تصاعد دعم النظام للميليشيات. وفي سبتمبر/ أيلول، أكدّت صحيفة أرمان اليومية الرسمية أن أنشطة النظام “لم تتراجع”.
تضررّ اقتصاد الملالي الذي يعتمد على النفط بشكل خطير من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه، بالإضافة إلى تدهور البنية التحتية لصناعة النفط في البلاد. وفوق ذلك كله، فإن الفساد المؤسسي للنظام والأولويات الأخرى تزيد من الضغط الاقتصادي على المواطنين.
البرنامج النووي لنظام الملالي لم يؤدي إلا إلى ازدياد حالة البؤس لدى المواطنين. وتشير التقديرات إلى أن تكلفة البرنامج النووي ينبغي أن تقدر بين 1.5 إلى 2 تريليون دولار. وكتبت صحيفة أرمان الحكومية اليومية يوم السبت نقلًا عن هاني زاده، يبدو أن التقييم الأولي الذي أجراه خبير منظمة الميزانية والتخطيط لم يكن بعيدًا عن الواقع. “في الحقيقة، يعود أصل سوء فهم القوى الأجنبية فيما يتعلق بالبرنامج النووي إلى حقيقة أنه لا يوجد مبرر اقتصادي [للنظام لمتابعة برنامجه النووي].”
كان بإمكان النظام أن يستخدم هذا المبلغ من المال لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للنظام. كما يمكن رفع العقوبات بسهولة إذا تخلّى النظام بشكل نهائي عن برنامجه النووي أو أنشطته الخبيثة الأخرى. لكن خامنئي ربط مصير نظامه بالحصول على قنبلة نووية.
لقد استغلّ نظام الملالي النهج الضعيف للمجتمع الدولي لتحويل محادثات فيينا إلى حلقة من الخداع لكسب الوقت وصنع قنبلة نووية.
كما أكدّت المقاومة الإيرانية، فإن “الحزم وحده هو الذي يمكن أن يكسر هذه الحلقة. يجب إعادة تفعيل القرارات الست لمجلس الأمن. يجب تفكيك المواقع النووية لنظام الملالي ووقف تخصيب اليورانيوم، كما يجب تنفيذ عملية التفتيش في أي مكان وزمان.
إيران: هل إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أمر بعيد المنال