“الإصلاحيون، المتشددون، انتهت اللعبة”: الوضع الحقيقي لإيران
كان نظام الملالي بقيادة مرشده الأعلى علي خامنئي يأمل في إحداث “تغييرات إيجابية” تسمح لحسن روحاني بأن يصبح رئيسًا للنظام في أغسطس/ آب 2013، الأمر الذي أعطى دفة الحكومة لما يسمى بالفصيل الإصلاحي للمرة الثانية بعد رئاسة النظام المتشدد محمود أحمدي نجاد.
لكن الأمور لم تسر كما رغب خامنئي، ويرجع ذلك في الأصل إلى الوضع الاقتصادي المزري للنظام، ولايوجد أي تغييرات في الوضع الاقتصادي، بل أصبح الوضع أكثر خطورة كما نشهده الآن. ونتيجة لذلك، وبسبب الاتجاهات المنتشرة في المجتمع وازدياد مشاكله، فقد الناس ثقتهم وأملهم بالكامل في تحقيق أي إصلاح، وهم ينفون الآن دعم أي من فصائل النظام. وقد أصبح هذا واضحًا خاصة بعد احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
ومن المثير للدهشة أن بعض عناصر النظام ومسؤوليه اعتقدوا أن ابتعاد الناس عن الفصيل الإصلاحي سيكون لصالح المتشدين، لكن هذا لم يحدث، وفي الانتخابات الأخيرة، امتنع المواطنون عن التصويت، الأمر الذي كان بمثابة فشل ذريع لدعاية النظام.
كما أظهر المواطنون أنهم محبطون من النظام ولا يبحثون عن أي تغيير في أي من التيارات السياسية للنظام.
وعلى الرغم من الوعود العديدة من الحكومة الموجودة في السلطة الآن بتحسين الظروف المعيشية للشعب، إلا أن الوضع لم يتغير. إذا استمر الوضع على هذا النحو ولم يتحقق أي تغيير؛ مرة أخرى، سوف يبتعد المجتمع عن التيارات السياسية للنظام، وسيكون هذا حدثًا خطيرًا للغاية للنظام، في وضع يتسم بأزمات داخلية وخارجية حرجة.
وتفاعل العديد من النشطاء السياسيين الإصلاحيين للنظام على ترديد شعار “الإصلاحيون، المتشددون، انتهت اللعبة” خلال احتجاجات ديسمبر/ كانون الثاني 2017، واصفين إياه بأنه شعار فارغ لا قيمة له. وأكدّوا بسبب أوهامهم الفارغة أن الإصلاحيین يواصلون نشاطهم وديناميكيتهم وتماسكهم في نشاطهم السياسي في مختلف القضايا.
إلا أن تطور شؤون المجتمع ومرور الزمن أثبتا أن نظرة المجتمع للتيارات السياسية ليست بعيدة عن هذا الشعار، كما تجاهل الإصلاحيون والمتشددون الشعب باعتباره ركيزة مهمة من أركان المجتمع في فوضى الألعاب السياسية وألعاب السلطة واستمروا في سلوكهم الفاسد والإجرامي الذي أوصل النظام إلى زواله الحتمي.
كما أدى ذلك إلى تراجع ملحوظ في نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية في فبراير/ شباط 2020 والانتخابات الرئاسية في مايو/ أيار 2021.
“ما هو مؤكد هو أن الناس اليوم لم يعودوا يهتمون بالتيارات والفصائل السياسية بقدر ما كانوا يفعلون في الماضي، وبما أنهم عايشوا هذه التيارات في أوقات مختلفة عندما كانوا في السلطة، فإنهم يعرفون أن شعار مطالب الناس وحقوقهم ماهو إلا مجرد شعار انتخابي، يجرّون به المواطنين إلى صناديق الاقتراع وينسونهم هم ومطالبهم بعد الوصول إلى السلطة.
وفي 23 ديسمبر/ كانون الأول، نشر موقع روز نو الحكومي مقالًا جاء فيه ” لذلك، إذا ألقينا نظرة فاحصة على انتقادات الناس لمختلف القضايا، من أزمة المياه إلى مشاكل المعيشة وغيرها من الاحتجاجات الاقتصادية، فلا أثر للتيارات السياسية كمحور لمطالب الشعب من الحكومة.وهذا هو سبب عدم بحث الآخرين عن الأمل في التغيير من خلال قنوات التيارات السياسية واختيار طريقة أخرى لهذه القضية المهمة”.
ما تعترف به وسائل الإعلام هو أن المجتمع الإيراني ليس لديه أدنى أمل في فصائل النظام وأجنحته السياسية ويستعد لاحتجاج على مستوى البلاد.
وأضاف المقال “في العصر الجديد لنظام الملالي، حدث شيء مثير للاهتمام يمكن تفسيره على أنه وصول الإصلاح والتشدد في إيران” إلى طريق مسدود “. لذلك فإن ما نراه احتجاجات بسبب الماء أو الطقس أو احتجاجات المعلمين يرجع إلى هذا التغيير. وهذا هو حل اللغز لما نراه في المجتمع الآن، ولهذا السبب تنتشر الأحداث الجارية على نطاق واسع ومتكرر وعلني “.
يمكننا من خلال هذا المقال، وبكل بساطة، استنتاج أن النظام يواجه احتجاجات واسعة ومتكررة وأكثر شعبية، كما يتزايد عدد المشاركين من جميع طبقات المجتمع. هذا بالضبط ما حدث في السنوات التي سبقت سقوط الشاه.