الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

إيران: إلغاء سعر الصرف الرسمي هو لعب بالنيران

انضموا إلى الحركة العالمية

إيران: إلغاء سعر الصرف الرسمي هو لعب بالنيران

إيران: إلغاء سعر الصرف الرسمي هو لعب بالنيران

إيران: إلغاء سعر الصرف الرسمي هو لعب بالنيران

ذات مرة، قال جون ماينارد كينز، أحد أشهر الخبراء الاقتصاديين: “لا توجد وسيلة أدق أو أقوى لقلب الأساس الحالي للمجتمع، من تدمير العملة. توحد تلك العملية جميع القوى الخفية للقانون الاقتصادي إلى جانب التدمير وتقوم بذلك بطريقة لا يستطيع شخص واحد من بين مليون شخص تشخيصها والتعرف عليها”.

الآن قررّ نظام الملالي تدمير الاقتصاد الإيراني المتدهور بالفعل من خلال إلغاء سعر الصرف الرسمي.

قررّت حكومة إبراهيم رئيسي إلغاء سعر الصرف الرسمي البالغ 42 ألف ريال للدولار الواحد. يأتي هذا القرار في وقت تراجعت فيه العملة الوطنية الإيرانية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 305000 ريال للدولار الواحد، واعتبر العديد من الاقتصاديين أن هذه الخطوة ” لعب بالنيران”.

كان حسن روحاني هو أول من أدخل ما يسمى بـ “سعر الصرف الرسمي” في عام 2018 للسيطرة على التضخم والارتفاع الشديد في أسعار السلع الأساسية ، مثل الأدوية والقمح وواردات الماشية.

ومع ذلك، احتجّ الإعلام ومسؤولو النظام في إيران على خفض سعر الصرف للدولار الأمريكي مقابل الريال، واشتكوا من أنه تسبب في فساد واسع النطاق، وفي الحقيقة، أدّى إلى زيادة معدّل التضخم.

وصرّح أحمد توكلي، النائب السابق في برلمان النظام في عهد روحاني، قائلًا “بذريعة تصحيح الأسعار، أهدرنا 65 مليون دولار من الاحتياطيات الوطنية، بالإضافة إلى بيع جميع العملات المتاحة”.

وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، كتبت وكالة أنباء فارس: “في عام 2019 وحده، تم إنفاق حوالي 15 مليار دولار [بناءً على سعر الصرف الرسمي] على استيراد عناصر مختلفة. إلى جانب كل هذه الجلبة، كانت حكومة روحاني غير قادرة فعليًا على التحكم في الأسعار. كما تظهر الدراسات الاستقصائية أنه بناءً على سعر الصرف في السوق الحرة في ذلك العام، اختلس المستوردون حوالي 5.1 كوادريليون ريال”.

نظرًا لأن حكومة روحاني كانت تعاني من عجز كبير في الميزانية، فقد اضطرّت إلى اللجوء إلى طباعة الأوراق النقدية للحفاظ على سعر الصرف الرسمي. نتيجة لذلك، نمت السيولة الإيرانية بشكل سريع، وبما أن إيران كان لديها معدل إنتاج منخفض، تسببت هذه السيولة في ارتفاع نسب التضخم وكذلك ارتفاع الأسعار.

إن السبب الأساسي وراء الانهيار السريع للعملة الوطنية الإيرانية، هو تدمير إنتاج البلاد في العقود الأربعة الماضية. حيث توقفت مئات المصانع وآلاف الورش عن العمل. لقد ملأ النظام فجوة الإنتاج بالواردات والتهريب، الأمر الذي تسبب في تدمير أسس الاقتصاد الإيراني. يحتاج النظام إلى كميات ضخمة من العملة لتغطية الكميات الهائلة من الواردات، وهو ما يفسر سبب إنفاقه لمعظم عملة البلاد على الواردات.

والآن تحاول حكومة رئيسي إزالة سعر الصرف الرسمي بحجة مكافحة الفساد. لكن الدافع الحقيقي هو التعمق أكثر في جيوب المواطنين.

خلال العام الأخير من حكم روحاني، كان النظام يعتزم إلغاء سعر الصرف الرسمي. من خلال القيام بذلك، تشير التقديرات إلى أن النظام من الممكن أن يجني 600 تريليون ريال على الأقل. الآن، إذا علّق رئيسي أو قام بإلغاء سعر الصرف الرسمي، فستكسب حكومته حوالي 2 مليار دولار، مع التبادل الحالي لسعر السوق الحر البالغ 305000 ريال مقابل الدولار الواحد.

وتهدف الخطة إلى تحديد سعر ثابت للصرف قدره 230 ألف ريال للدولار الواحد على أمل أن يؤدي ذلك إلى خفض الأسعار. لكن بما أن السلع الإيرانية الأساسية يتم استيرادها باستخدام سعر الصرف الرسمي البالغ 42 ألف ريال، فإن أسعار السلع ستضاعف خمس مرات على أقل تقدير.

وفي 25 ديسمبر/ كانون الأول، كتبت صحيفة جهان صنعت الحكومية “تبلغ قيمة الواردات السنوية للبلاد أكثر من 400 مليار ريال. في حين أن إلغاء سعر الصرف الرسمي سيساعد في زيادة الإيرادات الحكومية وتقليل عجز الموازنة، فإن أسعار السلع المستوردة، بما في ذلك السلع الأساسية والوسطاء ورؤوس الأموال، سترتفع بشكل كبير”.

وفي 10 نوفمبر / تشرين الثاني، نقلت صحيفة ” تجارت نيوز” عن عبد الناصر همّتي، الرئيس السابق للبنك المركزي، قوله “مع إلغاء سعر الصرف البالغ 42 ألف ريال، سترتفع تكلفة استيراد القمح. وفي هذه الحالة، يجب دفع دعم كبير للخبز. وإلا، يجب أن نقبل زيادة حادة في سعر الخبز”.

ونقلت وكالة “انتخبات” الحكومية في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني عن بهرام عين اللهي، وزير الصحة الحالي في النظام، قوله إن هذه الخطة في حال تنفيذها “سترفع أسعار الأدوية. الأمر الذي سيكون مدمرًا لأولئك الذين يستخدمون الأدوية بانتظام. سيتعين عليهم بيع ممتلكاتهم بالكامل بالمزاد لشراء الأدوية”.

وفي 21 ديسمبر/ كانون الأول، كتبت صحيفة مردم سالاري الحكومية اليومية مقالًا جاء فيه ” قدمت إحدى المؤسسات الحكومية مؤخرًا بعض الإحصاءات التي أظهرت ارتفاع أسعار السلع بنسبة 190بالمئة بناءً على سعر الصرف الرسمي البالغ 42000 ريال للدولار. من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار السلع التي تم استيرادها دون استخدام سعر الصرف الرسمي بنسبة 400 بالمئة”.

وتسائلت الصحيفة “حسنًا، مع هذه الظروف، قررت الحكومة الآن إلغاء سعر الصرف الرسمي. بطبيعة الحال، سترتفع الأسعار بشكل لا يصدق. هل سيعيش 60 مليون شخص، وفقًا لمركز الإحصاء والبنك المركزي، تحت خط الفقر ولديهم دخل شهري أقل من 110 مليون ريال، هل يمكنهم تحمل هذا الوضع؟ “

إن إلغاء سعر الصرف الرسمي، سيزيد بلا شك من المشاكل الاقتصادية للشعب وكذلك الأزمة المالية للبلاد. كل يوم، ينظّم الناس من جميع مناحي الحياة وقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم الأساسية، والأجور المتأخرة، والاحتجاج على الظروف المعيشية المتردية.

اندلعت أربع احتجاجات واسعة النطاق على الأقل في إيران منذ بداية عام 2021. بعد عامين من الانتفاضة الكبرى في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أظهرت هذه الاحتجاجات تدفق عقود من الغضب والإحباط من قبل المواطنين الإيرانيين بسبب السياسات الكارثية لنظام الملالي، وتوضيح حالة المجتمع المتفجرة وإمكانية اندلاع انتفاضة أخرى.

كما أقرّت وسائل الإعلام الحكومية بذلك. وفي 20 ديسمبر/ كانون الأول، حذرّت صحيفة “جهان صنعت” اليومية قائلة: “إذا اكتشف الإيرانيون أنهم سيواجهون موجة جديدة (تسونامي) من الارتفاع الشديد في الأسعار وانخفاض قوتهم الشرائية في عام 2022، فالله وحده هو من يعلم كيف سيكون رد فعلهم”.

إن إزالة سعر الصرف الرسمي يوضح أن النظام ليس راغبًا ولا قادرًا على معالجة الأزمات الأساسية التي تعصف بالمجتمع الإيراني. يحتاج نظام الملالي إلى كل قرش لتغذية آليتهم في القمع والإرهاب والحرب للحفاظ على قبضتهم الهشة على السلطة. إن محنة الشعب الإيراني لا تعنيهم على الإطلاق.