صدى أمهات ضحايا الاحتجاجات الإيرانية يطالب بالمساءلة
“لست بحاجة إلى إذن من أي شخص لعمل حفل تأبين لابني”، كانت تلك الكلمات القوية لأحد الأمهات التي قُتل طفلها برصاص نظام الملالي خلال انتفاضة نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
وفي يوم الأربعاء الماضي، حضرت أمهات ضحايا نوفمبر / تشرين الثاني 2019، حفل تأبين لأمير حسين زارع زادة الذي قُتل خلال الانتفاضة. وأقام والده حفل التأبين في المنزل الذي عاش فيه أمير طفولته.
وكانت عائلة أمير حسين قد أعلنت في وقت سابق أنها ستقيم حفل تأبينه أمام قبره بالقرب من إمام زاده إبراهيم في مدينة كرج. لكن القوات القمعية للنظام منعت أهل المتوفى من إقامة تلك المراسم في كرج. لذلك أحيت والدة أمير حسين ذكرى وفاة ابنها بإقامة حفل التأبين في منزلها.
كما قامت والدة أمير حسين الشجاعة بوضع لافتة بالقرب من منزلها تكريمًا لجميع شهداء احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. حاولت السلطات ترهيبها ومنعها، لكن هناك أحد مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر دعوتها بشجاعة لتحقيق العدالة لابنها المقتول وغيره من الشهداء.
وفي مكالمة هاتفية مع أحد ضباط النظام “سأستمر في رفع [اللافتة]. سأستمر في تثبيت الصور وعمل مقاطع الفيديو. سأستمر في وضع صور الشباب الذين قتلوا في نوفمبر/ تشرين الثاني [2019]. لست بحاجة إلى إذنك. لقد قتلتم أطفالنا. ماذا تريدون منّا أيضًا؟”
يمكنك إرسال ألف جندي إلى منزلي. هل تخاف من صورة ابني أم تخاف من قبره؟ نعم أنا أضع لافتة كبيرة للشباب الذين قُتلوا في نوفمبر/ تشرين الثاني، وسأواصل القيام بذلك، فقد كانوا جميعًا مثل أطفالي. وكما قال روبرت أ. هاينلين، كونكِ أمًّا هو موقف وليس علاقة بيولوجية. وقد أثبتت والدة أمير حسين ذلك في تصريحاتها.
عندما هددها ضابط النظام عبر الهاتف، قالت: “ماذا ستفعل بي؟ اقتلوني كما قتلتم ابني؟ هيا أفعلها! أنا مستعدة. أنا مستعدة للموت من أجل ابني. تعال وخذني واقتلني”.
أمير حسين زارع زاده هو واحد من أكثر من 1500 متظاهر سلمي قُتلوا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 على أيدي قوات الأمن التابعة للنظام، كانت مناطق الإصابات للعديد منهم في الرأس والصدر. وكان غالبية الضحايا من الشباب.
منذ وفاة أطفالهن، تطالب الأمهات بالعدالة لأحبائهن، ومحاسبة النظام. كما واصلت هؤلاء الأمهات المتحمسات كفاح أطفالهن من أجل الحرية من خلال ترديد دعواتهم لتغيير النظام.
كما واصلت الأمهات، اللاتي يعرفن باسم “أمهات من أجل العدالة”، أنشطتهن رغم تعرضهن للتهديد أو حتى الاعتقال.
وفي عشيّة الانتخابات الرئاسية الزائفة للنظام في يونيو/ حزيران 2021، دعت هؤلاء الأمهات الشجاعات إلى مقاطعة الانتخابات الوهمية للنظام وأيدّن تغيير النظام.
وقالت أحد الأمهات “تصويتنا هو تغيير النظام. أنا لا أغفر دم ولدي مهرداد الذي أريق ظلمًا. تصويتي هو إسقاط هذا النظام. أيها الناس، إذا قمتم بالتصويت، فأنتم تضعون أصابعكم في دماء المواطنين الذين قُتلوا ببراءة خلال ثورة نوفمبر/ تشرين الثاني الدموية [انتفاضة 2019]، مثل مهرداد وغيرهم الكثيرين”.
بينما صرّحت أم أخرى لأحد الضحايا “مرحباً، أنا والدة الشهيد ميلاد محاوري. مثل الأمهات والعائلات الأخريات اللاتي يشاركنني حزني، أتفق معكم تمامًا. آمل أن يأتي يوم يتصرف فيه شعبنا بشكل منطقي ويعرف أن التصويت خيانة لأجيالنا القادمة ولن يتم تعويضها”.
في ظل الدكتاتورية العسكرية في الأرجنتين، بدأت أمهات الضحايا حركة للعثور على أحبائهن المختفين ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. أصبحت هذه الحركة فيما بعد تُعرف باسم “أمهات بلازا دي مايو” وأثرّت بشكل كبير على سقوط الدكتاتورية العسكرية في الأرجنتين. تم الاعتراف بهذه الحركة على أنها تعكس المجتمع الأرجنتيني وإمكاناته المتفجرة، مما يسمح للناس بالبكاء من أجل الحرية أثناء حضور احتجاجات الأمهات.
الآن ، حركة “أمهات من أجل العدالة” في إيران هي انعكاس لعقود من الغضب المتصاعد تجاه الديكتاتوريات الدينية الحاكمة في إيران. إنهم يرددون رغبة الشعب الإيراني في تغيير النظام. وكما قالت والدة بيمان قلي بور، فإن حركة المطالبة بالعدالة أصبحت “كابوس النظام” خوفًا من سقوطهم.
يجب على المجتمع الدولي أن يصادق على جهودهم لمحاسبة المجرمين الذين يحكمون إيران. سيؤدي هذا بالتأكيد إلى إنهاء عقود من الإفلات الممنهج من العقاب في إيران، والذي بدأ واستمر نتيجة صمت المجتمع الدولي بشأن الجرائم المستمرة ضد الإنسانية في إيران.