إيران: “الموت رخيص ومتوفر في بلادنا!”
هذه قصة بكتاش آبتين، الشاعر الذي سُجن بسبب كتابته عن الحياة والحرية والاحتجاج على “الموت الرخيص” في إيران. لم يستسلم آبتين للملالي، لكنه للأسف الشديد ظلّ في محبسه حتى وفاته، بعد نقله إلى المستشفى في أوج مرضه الخطير.
بكتاش آبتين، السجين السياسي الذي توفي في محبسه في 8 يناير/ كانون الثاني، هو آخر ضحية لسلسلة من جرائم القتل على يد الملالي، والمعروفة باسم “القتل المتسلسل”. بدأت تلك السلسلة من الجرائم في التسعينيات وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، وأثارت موجات من الاضطرابات الاجتماعية والإدانات الدولية لنظام الملالي. وفي يوم تشييع جنازة آبتين في إمام زاده عبد الله شهر ري هتف الناس “الموت للظالمين” و “التحیة لآبتين”.
في الوقت نفسه، في سجن إيفين، تجاهل زملاء آبتين ومساعديه تهديد حرّاس السجن التابعين لخامنئي وهتفوا “الموت لخامنئي” و “الموت للديكتاتور”. كما أشعل الناس الشموع أمام مستشفى ساسان حدادا على آبتين، بينما أحاطت القوات القمعية التابعة لخامنئي بالمستشفى خوفًا من انتشار الحركة.
يستخدم خامنئي ونظامه الإجرامي جرائم القتل المتسلسلة هذه في محاولة لإسكات أصوات وأقلام أولئك الذين لا يخضعون للرقابة بل يتحدثون عن الحرية ويكتبون عن حقوق الناس.
ولكن مثلما ابتلى خامنئي ومافياه القاتلة بمقتل ستار بهشتي منذ تسع سنوات حتى الآن، مع مطالبة الشعب الإيراني بالعدالة باسمه، فقد نجت وفاة آبتين من حركة مماثلة في غضون أيام فقط.
وقد أثار هذا مخاوف بشأن العواقب الاجتماعية للجريمة، حيث حذرّت صحيفة مستقل الحكومية في 10 يناير/ كانون الثاني من زيادة أكبر في التعبير العلني عن كراهية النظام. وكتبت: “لا سمح الله أن هذه التصرفات وضيق الأفق لن يكون لها تأثير آخر سوى توسيع الفجوة بين الحكومة والشعب”.
تثير تصرفات النظام السؤال التالي: كيف يشكّل كاتب مثل بهشتي أو آبتين، وسلاحه الوحيد قلمه، مثل هذا التهديد لتبرير أمر الملالي بقتله؟ بقدر ما يحاول النظام الادعاء بأنه قوة عظمى لاتقهر، فإن نظامه لا يمكن أن يكون أي شيء غير أنه نظام هشّ، إذا كانت حفنة من الكلمات تشعره بالتهديد.
ومن المفارقات أن النظام يحتاج إلى تعويض هذه الهشاشة من خلال إسكات منتقديه، لكنه يواجه موجة جديدة من الاضطرابات والمطالبات الجديدة بالعدالة في كل مرة يسكت فيها منتقدًا أو أكثر بالقتل. كان هذا هو الحال مع مقتل آبتين، وكذلك الحال مع مذبحة السجناء السياسيين في عام 1988، وقمع الانتفاضات المناهضة للحكومة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وإسقاط رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752، والعديد من الجرائم الأخرى التي امتدت عبر تاريخ النظام.
الدرس الأكثر أهمية من الجريمة الصارخة الأخيرة للنظام هو أن هذه الديكتاتورية في العصور الوسطى لا تتسامح مع أي معارضة حقيقية، حتى في شكل الشعر والكتابة.
هناك مؤشرات متزايدة باستمرار على أن الشعب الإيراني، وخاصة الشباب، قد أدرك تمامًا كيف ينبغي تشكيل مستقبل إيران في مواجهة نظام الملالي. حيث صرخ الشباب في جنازة آبتين: “الموت للديكتاتور” و “جئنا لنقاتل وسوف نقاوم”.